العدد 1082 - الإثنين 22 أغسطس 2005م الموافق 17 رجب 1426هـ

ما لنا... لنا وما لكم... لنا ولكم!

أحمد البوسطة comments [at] alwasatnews.com

يسجل إلى كتلة المنبر الإسلامي انها تقدمت بمشروع قانون "الكشف عن الذمة المالية"؛ أي ما يعرف بمبدأ: "من أين لك هذا؟"، الذي يضع المسئولين وأعضاء مجلسي النواب والشورى والوزراء والمديرين والبلديات والشركات التي تملك الحكومة فيها أسهما أكثر من 50 في المئة أمام المساءلة القانونية ورقابة السلطة القضائية على مداخيلهم وثرائهم غير المشروع من مناصبهم.

وبحسب تصريح صحافي أطلقه النائب عبدالعزيز المير فإن الحكومة ستطرحه بصيغته النهائية على المجلس بداية دور الانعقاد للفصل التشريعي الرابع، متمنيا "مثلنا" تجاوب بقية الكتل النيابية لدعم هذا المشروع.

البعض الذي قرأ هذا التصريح، قال على الفور: "إنها دعاية انتخابية لـ 2006". الآخر قال: "وما الضير في ذلك" وإن مناقشة مثل هذا القانون بحد ذاته تعطي مؤشرا إلى سعي النواب لتصحيح إعوجاج فسادي مستشر في البلاد سواء كانت جادة أو غير ذلك، لأنها ستكشف المعارضين له، سواء كانوا من الحكومة أو من نواب الشعب، وإن هؤلاء جميعا لديهم ما يخفونه عن أعين الناس أثناء معارضتهم لهذا المشروع بقانون.

واضح، أن الحكومة كانت أول المتخوفين من تشريع قانون الكشف عن الذمة المالية، والدليل ما جاء في خلفية خبر تصريح المير عن هذا المشرع بقانون، إذ أعطت الحكومة مبررات لا تقتنع بها أصغر ربة بيت بحرينية، ولا يقتنع بها أصغر "فراش" في دائرة حكومية: "عيونه مفتحة في اللبن" كما يقولون، فكيف بالذين "يحسبون الطعام" الذي يأكل "رطبه" الهوامير البشرية؟!.

تعالوا نرصد ذرائع الحكومة من أولها إلى آخرها، ومن ثم لنا تعليق:

* الحكومة قالت: "ان القوانين المعمول بها في البحرين تتضمن الكثير من الضوابط والقيود التي تهدف إلى المحافظة على المال العام وعدم المساس به وأنه لا توجد حاجة إلى إصدار تشريع خاص بالكشف عن الذمم المالية".

* وأعطت الحكومة من جانب آخر مبررا مقززا يثير الشفقة للذين يتحدثون بمنطق اللا منطق، إذ قالت: "ان المشروع قد يؤدي إلى تشجيع البلاغات الكيدية أو الكاذبة واستخدامها أداة تشهير ضد الخاضع لأحكام هذا القانون"؛ ثم تذرعت بأن القانون سيؤدي إلى "إحجام الأشخاص ذوي الكفاءة والملاءة المالية عن تولي المناصب أو الوظائف في الجهات الخاضعة لأحكام هذا القانون رغبة منهم في عدم الكشف عن ذممهم المالية حتى لا يطلع عليها الغير"، كما أن "الاقتراح يؤدي إلى الانصراف عن العمل التعاوني بحسبان انه تضمن إلزام أعضاء مجالس إدارة الجمعيات التعاونية بتقديم إقرارات الذمة المالية".

* وزاد الطين بله ما تعتده الحكومة وترى أن "القانون يجعل من العجز عن إثبات الزيادة في الثروة دليل إدانة وهو ما يتعارض مع المبادئ المسلم بها من ان أدلة الإدانة لا تفترض مما يجعل الاقتراح ينطوي على شبهة مخالفة لحكم المادة؟ ".2ج" من الدستور فضلا عن أن منهج الاتهام الذي انطوى عليه الاقتراح لم تأخذ به الدول العريقة في الديمقراطية ومنها انجلترا إذ ان هذه الدول تكتفي بما تنص عليه قوانين العقوبات في المحافظة على المال العام".

* وما يستخف بعقولنا ما تؤكده الحكومة من "أن الدراسات الفقهية والعملية في الدول التي بها قوانين للكشف عن الذمة المالية أو الكسب غير المشروع أظهرت ان هذه القوانين لم تحقق النتائج المرجوة من إصدارها، فضلا عما هو مسلم به من أن الإفراط في التجريم من شأنه أن يحول القانون إلى أداة للرعب لا وسيلة لتحقيق المصلحة العامة.

* كما أن الطامة الكبرى هي ما تشير إليه الحكومة من أن "مجلس النواب بما يملكه من صلاحيات رقابية مقررة له دستوريا، يستطيع أن يحقق الهدف الذي يسعى الاقتراح إليه، من دون الحاجة إلى إصدار تشريع مستقل للكشف عن الذمة المالية"؟

وإن الدستور في المادة "24" منه قد كفل للصحافة استقلالها، خولها أن تعبر عن رسالتها في حرية وأن تعمل على تكوين الرأي العام وتوجيهه بما يكفل للجماعة قيمها ومصالحها الرئيسية، متوخيا أن يؤمن بها أفضل الفرص التي تكفل تدفق الآراء والأنباء والأفكار ونقلها إلى المواطنين، علاوة على أن الرأي العام المستنير في المملكة يعد ضمانة كبرى لتحقيق ما يهدف إليه الاقتراح إذ يقوم هذا الرأي بمهمة الرقابة الشعبية على السلطات في الدولة لضمان تنفيذ القانون وحماية المال العام.

ولنا تعليق

قرأنا رأي الحكومة المنشور في إحدى الصحف المحلية بتاريخ 1 أغسطس / آب الجاري، ويتبين الرد من عنوانه، إذ ان هذا المشروع بقانون الذي سيرجع إلى مجلس النواب سيوأد قبل أن يولد أو يناقش هناك، وهو مليء بالتبريرات والمغالطات حتى في النصوص الدستورية تماما كما جاء في إحدى فقراته القائلة "مما يجعل الاقتراح ينطوي على شبهة مخالفة لحكم المادة ".2ج" من الدستور". وإذا ما رجعنا إلى المادة "2" فنصها يقول: "دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع، ولغتها الرسمية هي اللغة العربية". فقد انتهى النص ولا به فقرة "أ ولا ب ولا ج"، ولا نعرف علاقة المادة 2 من الدستور بموضوع من أين لك هذا، أما بالنسبة إلى القوانين المعمول بها "في البحرين تتضمن الكثير من الضوابط والقيود التي تهدف إلى المحافظة على المال العام وعدم المساس به وأنه لا توجد حاجة إلى إصدار تشريع خاص بالكشف عن الذمم المالية"، فواضح أن الحكومة تناست المادة "45" من قانون مجلسي الشورى والنواب التي تمنع المفسدين وحرامية المال العام من المساءلة والمحاسبة القانونية على ما سرقوه طيلة 27 عاما منذ حل المجلس الوطني في العام 75 حتى الفصل التشريعي الأول لبرلمان ،2002 ما يعني انهم "المفسدون" يقولون لشعبنا ما سرقناه في السابق أصبح لنا، وما سنسرقه "بعد الفصل التشريعي الأول، لنا ولكم".

والحكومة تقول لنا لا حاجة إلى إصدار مثل هذا القانون لأن "مجلس النواب بما يملكه من صلاحيات رقابية مقررة له دستوريا، يستطيع أن يحقق الهدف الذي يسعى الاقتراح إليه، من دون الحاجة إلى إصدار تشريع مستقل للكشف عن الذمة المالية"، ونسأل مع المتسائلين: كيف يستطيع مجلس كهذا أن يحقق الهدف والرقابة على المال العام وهي ليست في يده، بل بيد ديوان الرقابة الخارج عن سلطته، وكيف يوفق بين تلك وتلك.

ولا تعليق لنا على بقية التبريرات والذرائع... فكل مواطن بحريني يعرفها، وعلى "نواب الشعب" أن يثبتوا انهم في مستوى المسئولية بالنسبة إلى هذا القانون بالذات من دون شعارات ومزايدة؛ فهل يستطيعون إثبات ذلك؟!. أشك... وسامحونا أن بذرت منا نوايا سيئة.

* كاتب بحرين

العدد 1082 - الإثنين 22 أغسطس 2005م الموافق 17 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً