العدد 1082 - الإثنين 22 أغسطس 2005م الموافق 17 رجب 1426هـ

منتدون: كان لتونس والمغرب السبق في ظهور الرواية العربية

خلال ندوة أصيلة

أصيلة - المصطفى العسري 

تحديث: 12 مايو 2017

بعد ندوتي مستقبل إفريقيا ومنظور الآخرين للإسلام، جاء الدور على الثقافة من خلال ندوة خصصت للرواية المغاربية شارك فيها على مدى يومين مهتمون من منطقة المغرب العربي والمشرق العربي بالإضافة إلى مهتمين مغتربين في أوروبا، والتي نظمت في إطار الدورة الـ 20 لجامعة ابن عباد الصيفية ضمن فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي الـ . 27

ودعا المشاركون في الندوة التي عنونت بعنوان "الرواية المغاربية في الاتحاد المغاربي والمهجر" في ختام أعمالها إلى تنظيم ملتقى سنوي أو دوري بشأن الرواية، مقترحين موضوع "سؤال الهوية في هذه الرواية" للدورة المقبلة واحداث فريق عمل لمتابعة الموضوع.

وأوصى المشاركون في ختام أشغال الندوة، بتنظيم جائزة على هامش كل ملتقى أو بموازاته لمكافأة نص روائي بأية لغة كان، وأخرى لمكافأة دراسة نقدية عن الرواية وترجمتهما إلى لغات أخرى، ووضع بيبلوغرافيا تحصر الروايات المغاربية بكل اللغات مع ضبط تواريخ النشر من أجل خلق مادة معرفية تمكن النقاد والباحثين من الاشتغال عليها.

المشاركون أكدوا أهمية التفكير في السبل القمينة بالتوزيع الجيد للرواية المغاربية في المغرب والمشرق العربيين، وتشجيع إدراج النصوص المغاربية في الجامعات العربية عموما، وفتح موقع إلكتروني على شبكة الإنترنت خاص بالرواية المغاربية بكل اللغات يناقش أسئلتها، إلى جانب استثمار ما ينجز حاليا من مشروعات علمية ونقدية عن الرواية المغاربية على غرار وحدات التكوين والبحث في الآداب المغاربية التي تم تشكيلها في جامعات مغربية وفي مثيلاتها ببعض البلدان المغاربية.

كما شدد المشاركون في هذه الندوة على أهمية التفكير في ترجمة النصوص المغاربية أو بعضها من العربية إلى الفرنسية أو العكس، وإنشاء مكتبة خاصة بالرواية المغاربية والعربية والنقد الروائي.

وكان المشاركون قد اعتبروا في الجلستين الصباحية والمسائية من اليوم الأول "أن الجنس الروائي بهذا الجزء من المعمور أضحى أكثر حضورا وتطورا من ذي قبل، وخصوصا أن أصوات روائية انفلتت من أجناس أدبية أخرى لتنتقل بتجربتها نحو هذا الجنس بلغات مختلفة "العربية والفرنسية والأمازيغية"، فضلا عن مساهمة الهجرة في إثراء هذه التجربة ومنحها بعدا جماليا إضافيا".

وأكد الروائي مبارك ربيع الذي أدار الجلسة الأولى أن الفن الروائي يمثل اليوم الجنس الأدبي الأكثر حضورا والأوفر هيمنة وانتشارا، في الآداب المعاصرة، مشيرا إلى أن الأمر لا يختلف في البلدان المغاربية اذ تتجدد باستمرار لوائح الروائيين، لا بما يغذي مسيرتها ويضاف إلى مجالها كل حين من أسماء واعدة، ولكن أيضا بما يفد على مجال الرواية من كتاب مرموقين في ميادين تخصصية أخرى إنسانية وأدبية. كما اعتبر في ورقة تقديمية أن الرواية المغاربية حققت منذ عقود مكانتها واسترعت الاهتمام بأعلام ونماذج رائدة على المستوى المحلي والعالمي، ولاتزال تجربتها مستمرة في هذا السبيل تتقاطع في ساحتها مختلف الرؤى لأجيال مخضرمة وأخرى ناشئة متفاعلة مع أبعاد التحولات العميقة الجارية في المجتمعات المغاربية والعالم على كل المستويات من ثقافية واجتماعية وسياسية.

أمين عام منتدى أصيلة وزير خارجية المغرب محمد بن عيسى أعرب خلال تدخله عن أمله في أن "يكون مسار الفكر والإبداع والبحث العلمي أكثر مرونة بين المغاربيين ويكون الحوار الثقافي أكثر جدوة يساهم في إزاحة العقبات التي تعترض مسار اتحاد المغرب العربي السياسي الذي يعرف بعض الصعاب"، كما عبر عن الأمل في أن تنبثق عن هذا اللقاء أسباب تفعيل حوار متواصل بين الأدباء والمفكرين ببلدان اتحاد المغرب العربي، وقال إن "بلداننا في حاجة ماسة إلى فضاء من هذا القبيل".

ولفت بن عيسى الانتباه إلى أن هذه المؤسسة "التي ليست لها طبيعة سياسية وتؤمن بحق الاختلاف في المواقف والرؤى، بإمكانها توفير كل الإمكانات اللوجيستيكية الضرورية لتنظيم لقاءات مفتوحة بين المبدعين المغاربيين ليس فقط خلال فترة موسمها الثقافي الدولي ولكن على امتداد السنة"، معتبرا أنه من المجدي جدا وضع تصور لتنظيم حلقات متواصلة بين مختلف الأصوات الأدبية المغاربية لتعميق البحث وتثبيت ركائز نقاش شفاف وبناء في كل ما يهم مجالات الإبداع على اختلاف أجناسها من شعر ورواية وقصة معربا عن استعداد أصيلة لاحتضان هذه اللقاءات.

وفي تدخله أشار الروائي الليبي أحمد إبراهيم الفقيه، إلى أن مجموعة من العناصر ميزت الرواية المغاربية، وأن جميع الروائيين قدموا إلى هذا الجنس من حقول إبداعية أخرى كالقصة والشعر والمقالة، إلا أنه يرى أن هذه الرواية تأخرت في التأسيس بالمغرب العربي ومع ذلك صارت تؤكد حضورها وراكمت رصيدا مهما وقراء ونقادا كثر.

وأبرز أن الرواية المغاربية استفادت من علوم أخرى كالعلوم الاجتماعية، من دون إغفال الروابط العميقة الأخرى التي يتقاسمها الروائيون في الرقعة المغاربية، التي لطالما احتفت بإبداعات كتاب كثيرين في العالم العربي.

من جهته، تطرق الأستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمدينة فاس المغربية رشيد بن حدو الى علاقة الرواية المغاربية بالهجرة، مشيرا إلى أن الروائيين المغاربيين في المهجر نوعان، يهود أغرت معظمهم الدعاية الصهيونية بالرحيل ومسلمون يشكلون الجيل الثاني للهجرة، وإلى أن اليهود بدأوا النشر في منتصف السبعينات، أما أبناء المهاجرين ففي منتصف الثمانينات، مبرزا أن ما طبع كتابة الروائيين اليهود بول ثابت والسعدية بكري وبلونش بن حدو وغيرهم هو جو نفسي خانق وحكائية تبرز التعلق بالهوية المفتقدة وهو الهاجس نفسه في اعتباره الذي يسود في كتابة أبناء المهاجرين كعزوز بكاك وفريدة بلغول وموسى البكري.

وبالنسبة إلى الروائي والصحافي التونسي حسونة المصباحي، فبعد أن تحدث عن تجربته مع جنس الرواية التي أثراها من كتابات أسماء عربية وأجنبية متميزة شكلت إنتاجاتها زادا عزز لغته وقوى خياله، استحضر مجموعة من الأسماء التي أغنت الحقل الروائي المغاربي باللغتين العربية والفرنسية، معتبرا أن الكاتب الحقيقي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يحاكم بتهمة اللغة التي يكتب بها وإنما على منجزه الإبداعي، معتبرا من جهة أخرى أن الإبداع ليس جغرافيا بل هو انفتاح على العالم بأسره، وعلى الثقافات واللغات والتجارب الإنسانية الأخرى القديمة منها والحديثة على حد سواء.

جلستا اليوم الثاني تميزت بتدخلات صبت على نشوء الرواية المغاربية وتطورها وتحديد ملامحها ومقاربتها مع الأعمال الروائية العربية وموقعها في المشهد الروائي وتيماتها ومرجعياتها ومدى تفاعلها مع واقعها الجغرافي والاجتماعي والتاريخي.

اذ تطرق رئيس اتحاد كتاب المغرب الناقد عبدالحميد عقار إلى تاريخ نشوء الرواية المغاربية وتحولاتها المتلاحقة على امتداد قرن من الزمن تقريبا، معتبرا أنها جاءت متأخرة زمنيا إذ يعود تاريخ نشرها إلى ما بعد منتصف الخمسينات من القرن الماضي، وهي الفترة التي شهدت تطورا ملحوظا في مشرق العالم العربي، وبرر ذلك بالفارق الزمني في النهضة بين المشرق والمغرب العربيين، مسجلا أن الفترة التي غابت فيها الرواية المغاربية لم تكن فترة فراغ بل كانت حقبة حافلة بتهييء المناخ الأدبي والثقافي العام لتلقى فنون القصة والاعتراف بها شكلا تعبيريا مستحدثا وضروريا تم ببطء وارتباك أدبي وفني، مشيرا إلى أن تونس كانت سباقة لظهور هذا الجنس الأدبي من خلال نص "من الضحايا" لمحمد العروسي المطوي العام ،1956 والثاني بالمغرب "دفنا الماضي" لعبدالكريم غلاب العام ،1966 والثالث للجزائري عبدالحميد بن هدوقة "ريح الجنوب" العام 1971 وظهرت في موريتانيا مع "الأسماء المتغيرة" للشاعر الموريتاني أحمد ولد عبدالقادر العام ،1981 وأما بالنسبة إلى ليبيا فظهرت الرواية في نظر الناقد عقار مع "حقول الرماد" العام 1985 لأحمد إبراهيم الفقيه، مشيرا إلى أن القواسم المشتركة بين هذه الروايات لا تبدو بشكل واضح من حيث التيمات، ولكن تبدو من حيث الخلفية المحركة لها إلا أن "بدايتها كانت جادة ولم تكن هزلية ساخرة إلا في القليل النادر"





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً