قبل عدة أيام حذر رئيس المخابرات الألمانية أوغست هاننغ من انتشار الإرهاب من العراق إلى محيط الشرق الأوسط برمته، وضرب مثلا بالتفجيرات التي وقعت في منتجع شرم الشيخ أخيرا. وبعد أيام قليلة ضربت ثلاثة صواريخ "سوفياتية" من طراز "كاتيوشا" ميناء "العقبة" ونظيره الإسرائيلي "إيلات"، بعد أن أخطأت هدفها - كما ذكر منفذوها في "بيانهم" - المتمثل في سفن أميركية.

تلك العملية المزدوجة، تثير الكثير من الأسئلة ليس بشأن العملية بحد ذاتها، وإنما بشأن منفذيها. فعلى الأرجح أن الهجوم ليس من مسئولية تنظيم "القاعدة" الذي لم يكن ليكتفي بإطلاق ثلاثة صواريخ "كاتيوشا" تفتقر إلى الدقة في التصويب، ويفر من المكان مخلفا وراءه ضحية واحدة فقط. كما أن الاعتقاد بأن الجهة التي تقف وراء العملية رمت إلى "تخويف" القوات الأميركية في العراق أمر مستحيل.

الكلمات السابقة لا تعني أننا نقلل من أهمية الهجوم، وإنما هي عبارة عن "إنذار" بأن المستهدف ليس سفنا أميركية، بل هي هدف "نجهله"!. فلو عدنا إلى تاريخ "كاتيوشا" لوجدنا أنها استخدمت لأول مرة في الجيش السوفياتي العام ،1941 ثم طورته الكثير من الدول من بينها إيران. كما أن "إسرائيل" هي الأخرى طورت "كاتيوشا" بعد أن استولت على عدد منها خلال حرب .1967 لكن أشهر من استخدم هذا السلاح هو حزب الله الذي أطلق عدة آلاف منها على "إسرائيل"، فيما يشبه حرب استنزاف حقيقية أجبرت الكيان على الانسحاب من جنوب لبنان العام .2000

أمر آخر يبعد "القاعدة" عن المسئولية، وهو أنها اعتادت في هجماتها المختلفة أن تستخدم العبوات الناسفة والسيارات المفخخة، ولا نعتقد أنها أرادت أن تكمل مثلثها الإجرامي وتضيف "كاتيوشا" لأدواتها الإرهابية. كما أن هذه العملية جاءت بما تحمله من رموز ودلالات متزامنة مع عدد من الفعاليات السياسية والعسكرية التي تملأ المنطقة والتي تجد في كل منها دورا رئيسيا لأميركا و"إسرائيل" بدءا من الحرب الدائرة في العراق، إلى عملية "الإخلاء الدرامية" للمستوطنين في غزة، إلى حبكة الانتخابات في مصر، إلى الأعاصير السياسية في لبنان بسبب سلاح المقاومة، إلى ما تواجه سورية من ضغوط على جميع المستويات، إلى زيارة الملك عبدالله الثاني إلى روسيا لطلب الدعم، وصولا إلى السعودية المشغولة بمطاردة عناصر "القاعدة".

كل ذلك يؤكد أن "هجوم العقبة"، يحمل نذير شؤم للمنطقة في الأيام المقبلة