مازالت قضية الفيدرالية واللامركزية عالقة في صوغ مسودة الدستور العراقي على رغم قرب انتهاء المهلة الثانية لتقديمها إلى الجمعية الوطنية.

ومع كل تأخير يشهده تقديم المسودة يزداد الوضع سوءا وتبتعد الكثير من المحافظات العراقية عن مركز الدولة في بغداد.

فعاصمة "ألف ليلة وليلة" تعاني الآن من حر في النهار وظلام في الليل يتجاوز العشرين ساعة يوميا بسبب رفض أربعة محافظين في الجنوب ممن تحتضن مدنهم محطات توليد الطاقة الكهربائية تزويد العاصمة بالطاقة، كما أن محافظ كركوك يرفض تنفيذ أمر صادر من وزير الداخلية ينص على إقالة مدير شرطة المحافظة بسبب خروقات إدارية ومالية، فيما يقوم رئيس إقليم كردستان العراق بتوقيع اتفاقات رسمية مع عدد من الشركات الغربية للتنقيب عن النفط في المحافظات ذات الغالبية الكردية، ويرفض دخول أي مسئول عراقي "من أصل غير كردي" إلى المحافظات الكردية من دون الحصول على اذن رسمي، وإلا فإنه قد يتعرض إلى ما لا يحمد عقباه أو يعامل معاملة أي مواطن عادي مهما كان ذلك المسئول مهما في الدولة العراقية.

والصورة لا تختلف كثيرا في وسط العراق فالمحافظون يقومون بتوقيع اتفاقات ثنائية مع دول أجنبية من دون علم الحكومة المركزية.

أما في غرب العراق فإن مدنه محرمة على دخول معظم العراقيين بسبب وضعها الأمني المتردي وسيطرة المسلحين عليها في الليل والنهار.

هذه صورة لواقع العراق الذي مازال يعد حتى الآن دولة مركزية، فكيف سيكون مستقبله إذا حصل وأقرت الفيدراليات ونظام اللامركزية في الدستور العراقي المرتقب؟ حينها سيكون العراق مثل الاتحاد السوفياتي بعد الانهيار، ولن نستغرب بعدها إذا أردنا تسمية إحدى المحافظات العراقية فنقول "كركوك التابعة للعراق سابقا"