تصاعدت أمس وتيرة المواقف المتناقضة في الساحة المحلية بخصوص الندوة السنوية التي تعقد في العاصمة البريطانية لندن بشأن الأوضاع في البحرين تزامنا مع ذكرى حل المجلس الوطني في العام . 1975
وقال القائم بأعمال السفير البريطاني في البحرين ستيف هاريسون، إن "الندوة لا تنظمها جهة بريطانية رسمية"، مؤكدا أن "العلاقات البريطانية البحرينية لن تتأثر". وفيما لم يقبل عدد من المسئولين شرح وجهة نظر الدولة، قال عضو مجلس النواب فريد غازي "حكومة البحرين ليست حكومة احتلال، أو دكتاتورية، لكي نلجأ إلى المجتمع الدولي"، فيما عارضه زميله في المجلس محمد آل الشيخ، بقوله "كنا نأمل مناقشة قضايانا محليا، لكن الدولة أوقفت سبل الحوار، ولم تتم حلحلة الكثير من المسائل العالقة" أما النائب السلفي جاسم السعيدي فاتهم المشاركين في الندوة بمحاولة "شق الصف الوطني وتشويه سمعة البلاد". ورد رئيس جمعية العمل الوطني الديمقراطي إبراهيم شريف، الذي سيشارك في الندوة، على الاتهامات: "الدولة تعارض ذهابنا إلى ندوات في الخارج، بينما تمول هي ندوات هناك، وهي لا تشجب التصريحات الآتية من الخارج مدحا لها، لكنها تشجب تصريحات اللورد ايفبري، ونحن لا نمانع من مشاركة من يمثل الحكومة في الندوة".
الوسط - حسين خلف
تفاعلت أمس التصريحات المؤيدة والمضادة لندوة لندن التي ستنظمها المعارضة في مجلس العموم البريطاني يوم الخميس المقبل عن الأوضاع السياسية في البحرين، ففيما لم يجب عدة مسئولين على أسئلة "الوسط" عن الندوة، قال القائم بأعمال السفير البريطاني في البحرين ستيف هاريسون "إن هذه الندوة لا تنظمها جهة بريطانية رسمية، وتقع ضمن إطار حرية التعبير، إن الأمر غير المسموح به في بريطانيا هو الآراء التي تؤيد الإرهاب".
وأضاف هاريسون "بعد خطاب وزير الداخلية الأخير في الخامس من هذا الشهر، وتصريحات رئيس الوزراء طوني بلير فإن أي شخص يؤيد الإرهاب ستطبق عليه القوانين سواء كان زائرا أم مواطنا بريطانيا"، وعن موقف السفارة بشأن الندوة، أوضح هاريسون "التعبير عن الرأي أمر مسموح به، واللورد أيفبري هو عضو في مجلس اللوردات، وهذه الندوة ليست للحكومة البريطانية صلة بها"، مشيرا إلى أنه "من الأفضل أن يتم الحديث عن الداخل البحريني في داخل البحرين"، وعما إذا كانت الندوة ستؤثر على العلاقات البحرينية البريطانية، أكد هاريسون أن "الندوة لن تؤثر، إذ إن العلاقات البريطانية البحرينية علاقات جيدة للغاية".
وتعليقا على الاتهامات التي وجهت لندوة لندن، ووصفها بـ "المشبوهة"، قال رئيس جمعية العمل الوطني الديمقراطي إبراهيم شريف، الذي سيكون أحد المتحدثين في الندوة: "أولا هذه الندوة هي ندوة سنوية ويساهم فيها أحيانا أعضاء من مجلس الشورى ومن سفارة البحرين هناك، كما توجد ندوات أخرى في لندن مثل الندوة التي ألقيت في ولتون بارك، التي قدم فيها النائب فريد غازي وعضوة مجلس الشورى فوزية الصالح، ورقة عن البحرين، إن الدولة تعارض ذهابنا إلى ندوات في الخارج، بينما تمول هي ندوات هناك، هذا أمر غريب، لماذا لا تمتنع الدولة من الذهاب لتلك الندوات، لتطلب منا عدم الذهاب بعد ذلك، كما إن عليها عدم نقل تصريحات الرئيس الأميركي جورج بوش، ورئيس الوزراء البريطاني طوني بلير التي تمتدح التجربة البحرينية، إن الدولة لا تشجب التصريحات التي تأتي من الخارج مدحا لها، لكنها تشجب تصريحات اللورد أيفبري، إننا نشكر الحكومة وأنصارها على هذه الدعاية المجانية التي قدموها للندوة، وأحب أن أوضح أن المعارضة لا تمانع من أن يأتي من يمثل الحكومة في الندوة، سواء من النواب أو الشورويين أو من مركز الخليج للدراسات في لندن، وهو المركز الذي تموله الحكومة". وأكد شريف انه سيتحدث في الندوة عن محور الفساد وعلاقته بوأد الديمقراطية، فيما سيتحدث نائب رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية حسن مشميع، ورئيس العلاقات الدولية في جمعية الوفاق عبدالجليل السنقيس عن محاور أخرى.
ومن جانبه، أوضح النائب فريد غازي، معارضته الشديدة للندوة، قائلا: "حكومة البحرين ليست حكومة احتلال، وليست حكومة دكتاتورية، لكي نلجأ إلى المجتمع الدولي ومنظماته لإزالة الاحتلال أو الدكتاتورية، بل نحن أمام حكومة تسعى إلى أن تكتمل فيها صور الممارسات الديمقراطية، وبالتالي فإن الموضوع ليس في مستوى أن يناقش في مجلس العموم البريطاني، هناك تصغير لمجلس العموم البريطاني". وعند سؤاله عما إذا كان هناك تناقض بين ذهابه على مؤسسة ولتون بارك في بريطانيا، وتقديمه ورقة عن البحرين، وبين موقفه المعترض على الندوة، رد غازي "هناك فرق بين مؤسسة ولتون بارك، وبين مجلس العموم البريطاني، فمؤسسة ولتون بارك هي مؤسسة بحثية، تبحث في شئون العالم بشكل عام، وتأتي كل دولة لتبين رأيها عن تجربتها السياسية والديمقراطية، هذه المؤسسات ليس هناك مانع من مناقشة وضع البحرين أو الخليج فيها، أما حين يناقش مجلس العموم البريطاني وضع البحرين الداخلي، فإن ذلك تدخل مرفوض في شئون دولة مستقلة".
وعن كون الندوة لن تكون خلال جلسة رسمية في مجلس العموم هناك، وإنما ستقام في أحد قاعاته، وإنها مشابهة للوضع الذي قدم فيه ورقته في ولتون بارك، قال غازي "هناك فرق، أنا مازلت انتدي في مؤسسات بحثية على مستوى العالم العربي وبريطانيا، لكنني لم أنتد في أي من زياراتي، عن وضع البحرين في أي من البرلمانات التي زرتها، سواء الكونغرس الأميركي، أو مجلس العموم البريطاني، أو البرلمان الكندي، إذ إن هذه مؤسسات تشريعية تمثل إحدى مؤسسات تلك الدول، فلنفرق بين المؤسسات البحثية، وبين سلطة في لندن، كيف تنتدي جماعة بحرينية في مجلس العموم، حتى وإن كانت في إحدى قاعاته، نحن لا نهاب من ذلك لكننا نتحدث من حيث المبدأ".
وأضاف غازي: "أنا ضد أية ندوة أو فعالية للبرلمان البحريني تناقش وضع البحرين الداخلي، في أي من البرلمانات الأخرى، هذا الحديث بصفتي قانونيا وسياسيا، وأعي أجهزة المنظمات الدولية بتفاصيلها، والمبدأ المستقر عليه في منظمة الأمم المتحدة وهو: عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول".
وعما إذا كان رأيه بشأن عدم الحديث في أي برلمان عن شئون دولة أخرى، يقضي بالضرورة عدم استطاعة البرلمان البحريني الحديث عن قضيتي فلسطين والعراق، أجاب غازي "نتحدث عنهما لأنهما تحت الاحتلال، كما نتحدث عن قضايا عربية حازت على الاهتمام الدولي، لكن لا أن يأتي برلمان ليتحدث عن شئون البحرين وهي دولة مستقلة، هنا مبدأ لدى أعضاء الكونغرس الأميركي، هو ألا يتحدث العضو عن دولته بسوء في الخارج، بينما داخل الكونغرس ينتقدون الدولة بقوة".
وعما إذا كان بهذا الرأي يعارض موقف عضو مجلس العموم البريطاني جورج غالاوي الذي يناصر قضية العراق ضد الحكومة البريطانية، قال غازي "نحن نؤيد أي عضو في الكونغرس الأميركي أو في مجلس العموم البريطاني له اهتمام بالقضية الفلسطينية أو العراقية، نحن نعرف أن البحرين لها تأثير سياسي دولي محدود، ومواردها الاقتصادية محدودة، إلا أن القضايا الدولية كقضية فلسطين والعراق، يجب أن نستمر في انتقاد الأوضاع في هاتين القضيتين حتى إيجاد حل لهما".
وانتقد غازي المشاركين في لندن بقوله "ما هي الرسالة التي يريدون إيصالها، هل يعتقدون أن هذه الندوة أو اللورد الذي سينظمها سيغير سياسية البحرين، أنا أول من انتقدت الدولة، وأنا أول من نقل قضية التسعينات للخارج، لكن بأي حق أشوه صورة البحرين الآن".
عضو مجلس النواب محمد آل الشيخ، كان له رأي معاكس لغازي، إذ قال بشأن الندوة: "هذا أمر أعتبره حقا مشروعا فهذا اتجاه دولي بأن تتم مناقشة أمور بعض الدول في محافل دولية، فقبل ذلك قدمت البحرين تقريرها لدى لجنة دولية تابعة للأمم المتحدة في جنيف، كما قدمت مؤسسات مجتمعية بحرينية تقريرا موازيا، إن توقيع الاتفاقات يتيح مناقشة أوضاع كل دولة، ثم أنه لا يوجد ما هو مخيف في الأمر، إذ ستناقش هذه الندوة أوضاع ومطالبات شعب البحرين، ومن حق المعارضة المناداة بها في شتى المحافل، هذا أمر متعارف عليه وليس تشويها لصورة الدولة، كما إنه بإمكان الدولة أن تشارك في هذه الندوة، كما مثلها في هذه الندوة التي تقام سنويا ممثلون عنها، الأمر الآخر هو أن البحرين مقبلة الآن على توقيع العهدين الدوليين وبالتالي ستقدم تقاريرها عن الوضع للجان دولية، وهو الأمر الذي يتيح للمؤسسات المجتمعية تقديم تقارير موازية عن الوضع لهذه اللجان، إن حكومة المملكة لديها علاقات متميزة مع أميركا بريطانيا وتتم مناقشة كل الأمور مع هذه الدول، ولا يعتبر ذلك تدخلا، في الحقيقة كنا نأمل أن تناقش قضايانا محليا، لكن الدولة أوقفت سبل الحوار، ولم تتم حلحلة الكثير من المسائل العالقة، كالمسألة الدستورية، والحريات العامة، والبطالة، والعاطلين، والأزمة الإسكانية، هذه أمور خانقة، إن الدولة بإمكانها احتضان أبنائها ومحاورتهم، وألا تسد باب الحوار، لقد كانت هناك محاولات جادة لفتح الحوار لكن لا أدري لم توقفت، إن الدولة الآن على رغم وجود المجلس النيابي، فإنها لاتزال تهيمن، ولهذا نرى أن مجلس النواب سن قانونا مقيدا للحريات كقانون الجمعيات السياسية، وهناك محاولات لسن قوانين مثل قانون التجمعات، وقانون مكافحة الإرهاب الذي يجرم حتى النوايا، يجب أن تفتح الدولة باب الحوار، وألا تعتمد على وجود المجلس النيابي الذي توجد به حاليا غالبية محافظة، بل يجب أن تتوافق الدولة مع الأطراف المعنية بشأن شتى المسائل العالقة".
عضو مجلس النواب السلفي المستقل جاسم السعيدي، أصدر بيانا شن فيه هجوما على الجمعيات السياسية المعارضة وعلى ندوة لندن، متهما إياها "بزعزعة الأمن القومي والوطني لمملكة البحرين، وذلك من خلال إقحام بعض الجهات الأجنبية في الشأن الداخلي البحريني"، وقال السعيدي "هؤلاء يحاولون شق الصف الوطني وتشويه سمعة البلاد والمشروع الإصلاحي، ويريدون الفوضى لأهداف يعلمها الجميع، ونحن نستغرب وجود بعض الأقليات التي في نفوسها شيء، ومازالت تلعب بالنار، وتحاول زعزعة الأمن"، وتابع السعيدي "إن هذه الندوة أو الفتنة إن صح التعبير، لهي دليل على أن المشاركين فيها لديهم أهداف أخرى غير التي يعلن بها منظموها".
أما الناشط السياسي عزيز أبل فرد على الانتقادات الموجهة للندوة، قائلا "من حيث المبدأ لا نعتقد أن أحدا من الخارج سيعبر عن رأيه في وضع البحرين، فهناك نشطاء من البحرين سيتحدثون هناك، وذلك بعد أن ضاقت بهم طرق التعبير ولم يعد لهم مجال للتعبير عن آرائهم، سواء في التلفزيون أو الراديو، وفي معظم الصحف المحلية، ونحن جميعا نعلم أن الدولة لها إدارة خاصة اسمها إدارة الإعلام الخارجي، والتي تريد نقل صورة للعالم بأن البحرين هي النموذج الديمقراطي، ونحن لا نريد تشويه صورة المملكة، وإنما نريد القول بأن الدولة ليست محقة فيما تقول، فهي لم تلتزم ببنود ميثاق العمل الوطني، وهي وضعت دستورا غير متوافق عليه، وأنتجت مؤسسات سياسية مقيدة الإرادة كالمجلس الوطني، وأنتجت دوائر انتخابية غير عادلة، نحن نريد القول بأنه في الوقت الذي يتوجه فيه العالم نحو الديمقراطية، فإن البحرين تشهد تراجعات، ومن سيتحدث في الندوة هم أبناء البحرين، أما اللورد أيفبري فسيرعى بكرمه هذه الندوة، ولن يتحدث عن البحرين، وستنقل هذه الندوة المؤسسات الإعلامية المختلفة، وأعتقد أن هذا عمل سلمي ومشروع، كما إن الدولة مفتوحة للجميع وليست حجرا على رأي واحد"
العدد 1081 - الأحد 21 أغسطس 2005م الموافق 16 رجب 1426هـ