يسعدني باسم مملكة البحرين المشاركة اليوم فى الجزء رفيع المستوى لمؤتمر مراجعة دربن حيث يعتبر هذا المؤتمر فرصة لتقييم مدى التقدم نحو تحقيق الأهداف الموضوعة منذ عقد فى دربن بجنوب إفريقيا العام 2001 تأكيدا لمبادئ احترام الكرامة الإنسانية والمساواة التى نصّ عليها ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

لقد شكل هذا المؤتمر فى العام 2001 منعطفا مهما فى مسيرة الإنسانية نحو القضاء على العنصرية والتمييز العنصري فى العالم وعلى أساسه صدرت مجموعة من الأهداف والتعهدات فى إعلان وبرنامج عمل دربن 2001 وذلك من خلال إجراءات معززة ومبادرات وحلول عملية من شأنها أن تنير السبيل نحو تحقيق المساواة لكل فرد ولكل مجموعة في جميع الأقاليم والبلدان في العالم.

وانطلاقا من هذه الأهداف تؤكد مملكة البحرين أهمية هذا المؤتمر فهو مناسبة تؤكد الدول المجتمعة من خلاله التزامها واحترامها لما تضمنه مشروع البيان الختامي للمؤتمر وهي في الوقت ذاته تمثل وقفة صادقة لتقييم جهودنا جميعا من أجل تحقيق ما استهدفه المؤتمر من نشر أفكار العدالة والمساواة والتأكيد على أن شعوب العالم ليست إلا عائلة كبيرة غنية بثقافاتها وتنوعها.

إن مملكة البحرين التزاما منها بتعاليم الدين الإسلامى الحنيف حيث قال سبحانه وتعالى فى القرآن الكريم: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أتقاكم». بالإضافة إلى التقاليد والثقافة العربية الأصيلة تسعى بجدية واستمرارية لضمان تحقيق العدالة والمساواة فى المجتمع ونبذ التمييز والعنصرية وهي كلها مبادئ مستقاة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية ذات الصلة التي صدقت عليها مملكة البحرين.

أصحاب السعادة السيدات والسادة، إن مملكة البحرين تؤكد قناعتها مجددا بأن مسألة حقوق الإنسان قضية متكاملة لا تتجزأ وعليه تؤكد التزامها باحترام وحماية حقوق الإنسان على أراضيها وتعزيز حقوق الإنسان على مستوى العالم كما تؤكد على مبدأ عالمية حقوق الإنسان وضرورة السعي الدائم مع جميع الدول لنشر ثقافة حقوق الإنسان فى جميع أرجاء العالم وتؤكد من جديد أن مبادئ المساواة وعدم التمييز هي المبادئ الأساسية للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في مجال مكافحة العنصرية والتمييز العنصري وما يتصل بذلك من تعصب.

إن الفقر والتخلف والتهميش والإقصاء الاجتماعي والفوارق الاقتصادية فضلا عن الاحتلال الأجنبي وما يترتب عليه من قهر وظلم تمثل جميعها انتهاكا لحقوق الإنسان يرتبط ارتباطا وثيقا بالعنصرية والتمييز العنصري.

هذه الظواهر كلها تسهم فى استمرار المواقف والممارسات العنصرية التي تولد بدورها مزيدا من الفقر والحرمان وأن التصدي لهذه السلبيات يمثل ركيزة محورية ومسئولية مشتركة لكل دول العالم دون استثناء ومن واجب الدول احترام هذه الحقوق وفي مقدمتها الحقوق التى تكفل للشعوب الواقعة تحت الاحتلال الأجنبي حقها فى تقرير المصير.

إن الشعب الفلسطيني لا يزال يعاني من الاحتلال والحصار والتهجير ولا تزال القوة القائمة بالاحتلال تتوسع فى بناء المستوطنات والجدار الفاصل على الأراضي الفلسطينية مما يشكل خرقا واضحا لكل المواثيق والقوانين الدولية، وذلك فإن المجتمع الدولى مطالب اليوم بمساعدة الشعب الفلسطيني فى تحقيق آماله المشروعة فى تقرير مصيره ورفع المعاناة عنه ومساعدته في إنشاء دولته وتنميتها على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية مما يعزز من صدقية الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة ويساعد كثيرا فى حفظ السلم والأمن الدوليين ويصون كرامة الإنسان أينما كان وأينما وجد. إن مملكة البحرين لتؤكد كذلك على أن الصورة النمطية السلبية السائدة عن الأديان ومحاولة تشويهها والحض على الكراهية الدينية وتصويرها على أنها نمط من أنماط حرية التعبير تؤدي إلى تقويض أو إنكار حقوق الأشخاص المنتمين لها كما تؤدي إلى الزيادة العالمية في عدد حوادث التمييز العنصري أو التعصب الديني والعنف وبناء عليه فإن مجلس حقوق الإنسان مطالب بمواصلة جهوده لتعزيز الحوار بين الثقافات والأديان مع زيادة مشاركة جميع الجهات المعنية.

ولا يفوتني في نهاية هذا العرض أن أشير وأشيد بالدور الذى تقوم به المفوضية السامية لحقوق الإنسان في مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان فى العالم ودورها البارز فى الإعداد والتحضير لهذا المؤتمر.

كما أحيي الجهود التى بذلها كل من السيد رئيس الفريق الحكومي الدولي التفاوضي وإلى السيدة رئيسة اللجنة التحضيرية لمؤتمر مراجعة دربن فى إعداد مشروع البيان مكررا تقديري للقائمين على هذا المؤتمر ومتطلعا إلى أن يشارك فيه المجتمع الدولي بفاعلية وبروح إيجابية توافقية لتحقيق الأهداف المرجوة منه.