تتوسع دول الخليج العربية وهي على ثقة من استمرار ارتفاع أسعار النفط لفترة طويلة في الانفاق على تحديث قطاعات الطاقة وغيرها من قطاعات البنية الأساسية المهمة بعد الحرص في الانفاق الذي اتسمت به على مدى سنوات.
ويعمل منتجو النفط في الخليج الذين تدعموا بارتفاع الأسعار بنحو 50 في المئة هذا العام إلى 66 دولارا للبرميل على زيادة الطاقة الانتاجية لملاحقة الطلب العالمي والاستثمار في مشروعات التكرير والتوزيع لتنويع النشاط وتوفير فرص عمل.
وقال الاقتصادي المختص بالشرق الأوسط في بنك ستاندرد تشارترد دانيال حنا: "على مدى العامين الماضيين كانت هناك شكوك بشأن ما إذا كان ارتفاع أسعار النفط حقيقيا ومستمرا. والتحول يبدأ هذا العام وهناك اعتراف بأن أسعار النفط تتجه للارتفاع بدرجة أكبر وأننا نحتاج لزيادة في الإنتاج".
وأضاف "نحن على وشك ان نشهد انفاقا كبيرا من جانب الدول على مدى الاعوام القلية المقبلة... حتى إذا انخفضت أسعار النفط بحدة فالايرادات مرتفعة بدرجة تسمح باستمرار الانفاق".
وتتسم مراحل ما بعد ارتفاع أسعار النفط بتقلبات حادة في الأسعار لكن المحللين يتوقعون أن تظل الأسعار مرتفعة في الوقت الراهن بسبب الضغوط على الإنتاج والمصافي والنمو المتسارع للطلب في آسيا.
وقال اقتصاديون ان أي سعر أعلى من 30 دولارا للبرميل سيسمح لحكومات الخليج بتحقيق التوازن في موازناتها وتوقعوا ان تحقق فوائض حتى نهاية هذا العقد.
وعلى مدى الاعوام الخمسة الماضية تجاوز صافي إيرادات منتجي الشرق الأوسط ومنهم إيران والعراق تريليون دولار.
وقال مسئول من الشركة العربية للاستثمارات النفطية التي تملكها عشر من الدول الاعضاء في أوبك "الارتفاع الراهن في أسعار النفط سيستمر على مدى الأعوام الخمسة المقبلة ليس عند مستوى 67 دولارا للبرميل بل حول ما بين 45 و50 دولارا".
وأضاف ان الاستثمارات المطلوبة في قطاعات الطاقة في المنطقة حتى العام 2009 تقدر بنحو 180 مليار دولار.
وتابع المسئول "نحو 25 في المئة من هذه الاستثمارات ستوجه لقطاعات التنقيب والإنتاج وغالبيتها سيمول ذاتيا... ونحو 50 في المئة ستوجه إلى قطاعات تكرير وتوزيع النفط والغاز".
وفي السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم تعتزم شركة ارامكو الحكومية النفطية استثمار مليارات الدولارات لزيادة الطاقة الانتاجية إلى 12,5 مليون برميل يوميا من 11 مليونا حاليا.
وقالت مجموعة سامبا المالية في تقرير ان أكبر تدفق نقدي في الاقتصاد السعودي هذا العام جاء من جانب أرامكو. وأضافت أن أثر ارتفاع عائدات النفط سيبدأ في الظهور العام المقبل.
وقال اقتصادي من البنك الاهلي التجاري السعودي: "نتوقع ان يكون هذا العام قياسيا في التاريخ الاقتصادي للمملكة العربية السعودية... فأسعار النفط ستظل مرتفعة والازدهار الاقتصادي القائم سيبقى لفترة... للعقد المقبل". وأضاف ان الحكومة تستخدم إيرادات النفط الإضافية لتسديد الديون وزيادة الاحتياطات بالعملة الأجنبية.
وتعتزم الإمارات زيادة طاقتها الإنتاجية إلى 3 ملايين برميل يوميا في الأعوام الثلاثة أو الخمسة المقبلة ومن المتوقع أن تنفق الكويت نحو 40 مليار دولار على قطاع الطاقة على مدى 15 عاما.
وقال اقتصادي مقيم في الخليج: "في الكويت زيادة الانفاق ضرورية. الاستثمار في البنية الأساسية وقطاع النفط لم يكن كافيا. لذلك فهم يحاولون تعويض ذلك".
وأضاف "سنشهد استثمارات في الطاقة الإنتاجية والصيانة في قطاعات التنقيب والإنتاج واستثمارات كبيرة كذلك في البتروكيماويات والمصافي".
لكن المحللين حذروا من أنه على رغم تزايد الأموال في خزائن دول الخليج فإنها يجب ألا تتراخى فيما يتعلق بالإصلاح الاقتصادي. وقالوا ان بعض الدول مثل الإمارات والكويت زادت الدعم والاجور.
وتوجهت غالبية الإيرادات من الارتفاعات السابقة في أسعار النفط إلى تمويل نظام للرعاية الاجتماعية من المهد إلى اللحد في غالبية دول الخليج بدعم سخي وجلب عمالة من الخارج ما صعب على اقتصاد هذه الدول التأقلم مع فترات انخفاض الأسعار.
وتضررت دول الخليج بشدة من انخفاض أسعار النفط في عامي 1997 و1998 ما اضطرها لاتخاذ خطوات نحو الإصلاح وبدأت في الادخار واستخدام إيرادات النفط في سداد ديونها. لكن الإصلاحات سارت بخطى بطيئة.
وقال الاقتصادي الكويتي البارز جاسم السعدون ان دول الخليج ظلت في الفترة من 2000 إلى 2002 تتعامل بشيء من الحذر بسبب ما حدث في أواخر التسعينات. وأضاف "لكن الناس يتحدثون الآن عن بقاء اسعار النفط مرتفعة وانطلاقا من هذه الحقيقة سينفقون أكثر". وأضاف أن هذه الاستثمارات يجب ان توجه لقطاعات تحقق نموا اقتصاديا حقيقيا وتوفر فرص عمل مع اقتراب معدلات البطالة من تجاوز مستوى 10 في المئة.
طوكيو - رويترز
استقرت أسعار النفط فوق مستوى 63 دولارا للبرميل يوم أمس بعد انخفاضها بأكثر من 4 في المئة بسبب تراجع نمو الطلب على البنزين في الولايات المتحدة وبيانات أظهرت أن أسعار النفط القياسية بدأت تؤثر على الاقتصاد الأميركي.
فقد أثار ارتفاع التضخم وتحذير من وول مارت أكبر شركة لمبيعات التجزئة في العالم بشأن أرباحها قلق المتعاملين من أن ارتفاع اسعار النفط إلى مستويات أعلى من 60 دولارا للبرميل بدأ يؤثر على الاقتصاد الأميركي وربما يقوض النمو القوي على الطلب على النفط الذي دفع الأسعار للارتفاع إلى أكثر من الضعف في العامين الماضيين.
وارتفع الخام الامريكي الخفيف 20 سنتا أي بنسبة 0,3 في المئة إلى 63,45 دولار للبرميل في التعاملات الآسيوية بعد أن انخفضت الأسعار 2,83 دولار يوم الاربعاء الماضي وهو أكبر انخفاض في يوم واحد منذ ابريل/ نيسان الماضي.
والأسعار الآن أقل بنحو 4 دولارات عن مستواها القياسي الذي سجلته يوم الجمعة الماضي. وبلغ متوسط السعر 53,65 دولار للبرميل هذا العام بارتفاع بنحو 12 دولارا عن المتوسط في العام .2004 وفي العام 1980 التالي لقيام الثورة الإيرانية بلغ متوسط اسعار النفط 82 دولارا للبرميل بعد تعديلها أخذا في الاعتبار معدلات التضخم.
وقال نائب رئيس وحدة المشتقات في بنك ميزوهو في طوكيو ناوهيرو نيمورا "عند مستوى 67 دولار بدانا نرى مؤشرات على أن أسعار النفط ربما تكون بدات في التأثير على نمو الطلب". ويوم الاربعاء الماضي أظهرت بيانات أميركية أن أسعار المنتجين ارتفعت بنسبة أعلى من المتوقع بلغت واحدا في المئة في يوليو/ تموز مع ارتفاع كلف الطاقة وان نمو الطلب على البنزين يتباطأ في اكبر دولة مستهلكة له في العالم.
وقالت إدارة معلومات الطاقة ان الطلب على البنزين في الأسابيع الاربعة الماضية زاد بمعدل 1,5 في المئة فقط عن مستواه في الفترة نفسها من العام الماضي أي بأقل كثيرا من معدل ارتفاعه البالغ 2,7 في المئة في يونيو/ حزيران.
وقبل يوم واحد أظهرت احصاءات ان اسعار المستهلكين في الولايات المتحدة ارتفعت بأعلى معدل لها في ثلاثة أشهر وان التضخم البريطاني بلغ اعلى مستوياته منذ أن بدأ جمع بيانات للمقارنة في العام 1997 ما قد يهدد النمو الاقتصادي.
وتشعر الشركات الكبرى كذلك بوطأة ارتفاع الأسعار خصوصا شركات الطيران مثل كانتاس ايروايز والخطوط الجوية السنغافورية اللتين يمثل وقود الطائرات نحو ثلث كلفهما لكن أثر ذلك يمتد كذلك إلى قطاعات أقل استخداما للوقود.
وقالت سلسلة متاجر وول مارت ان أسعار البنزين القياسية ستقلص أرباحها، وقالت نستله أكبر شركة للمواد الغذائية في العالم ان ارتفاع أسعار السلع حد من نمو الربح.
وتجاهلت السوق بدرجة كبيرة انخفاضا أكبر من المتوقع بلغ خمسة ملايين برميل في مخزونات النفط الاميركية الأسبوعية نظرا إلى أن موسم عطلات الصيف الذي تكثر فيه القيادة سينتهي بعد أقل من ثلاثة أسابيع.
وظلت مخزونات الخام كبيرة بفضل زيادة امدادات أوبك في حين ارتفعت مخزونات وقود التدفئة الذي يستخدم بكثافة في شمال شرق البلاد في فصل الشتاء بنسبة عشرة في المئة عن مستواها في العام .2004
وظل المتعاملون قلقين بشأن الامدادات بعد سلسلة من الاغلاقات في مختلف ارجاء العالم والتي قلصت الانتاج وكان احدثها في الاكوادور إذ انخفض الانتاج بأكثر من 170 ألف برميل يوميا بسبب احتجاجات في اقليمين.
وشعر المتعاملون بالقلق كذلك بسبب اغلاقات غير متوقعة في مصاف أميركية أبرزت الضغوط على القطاع الذي يجاهد للحاق بالطلب بعد الافتقار للاستثمارات على مدى سنوات
العدد 1078 - الخميس 18 أغسطس 2005م الموافق 13 رجب 1426هـ