مازالت وزارة الإسكان تتعامل مع المواطنين على أنهم متلقو حسنات أو هبات، متناسية أن الدستور يكفل لهم توفير المسكن الملائم الذي يضمن لهم العيش الكريم ويحفظ لهم كرامتهم، ففي تعقيبها على الاعتصام الذي جرى أمام مبناها أخيرا، أشارت إلى أنها قامت بتخصيص 10 وحدات سكنية لذوي الحالات الصعبة من بين 26 عائلة اعتصمت أمام قصر الروضة " في وقت سابق"، ممن تعود طلباتهم للعام ،1992 وهنا تتحدث "الإسكان" عن 10 أسر في حين يقبع الآلاف من البحرينيين تحت وطأة إيجارات الشقق التي لا تقل في أحسن الأحوال عن 120 دينارا "نتحدث عن مكان يصلح للعيش الآدمي" منتظرين من يرأف بحالهم وينتشلهم من الضيق الذي قض مضاجعهم وسلب النوم من عيونهم.

وفي حديثها عن الأسر التي منت عليها بـ 10 بيوت، لفتت الوزارة إلى عدم رغبة هؤلاء في العيش فيها بحجة أنها صغيرة وقديمة وبها أخطاء فنية، وهنا نسأل الوزارة: من يقبل أن يدفع إيجارا شهريا "حتى وإن كان ربع راتبه" لمدة 25 عاما على أقل تقدير، وهو يقطن في مكان قديم لا يشعر فيه بالراحة، كما أنه من الطبيعي والمألوف أن البائع لا يمكنه فرض إملاءاته على المشتري عند رغبته في شراء سلعة ما، وذلك لأن الأخير من السهل أن يعرض عن الشراء، وفي هذا الإطار على الإسكان ألا تتعامل بسياسة الأمر الواقع "فإما أن تأخذوا بضاعة فاسدة وإما أن تلعقوا التراب".

وفي فقرة أخرى من تعقيبها بينت "الإسكان" أن المسئولين يعكفون ليلا ونهارا على متابعة توفير الخدمات من إسكان وبنية تحتية ومشروعات نهضوية استراتيجية تصب في صلب المنفعة الوطنية وصالح المواطن البحريني، وهذا الكلام لا يمكن الشك فيه إلا أنه من غير المقبول أن يبقى مواطن منذ العام 1992 "عند تقديمه الطلب" وحتى يومنا هذا في منزل والده بين إخوانه المتزوجين وبدأ المكان يضج بهم مع تزايد عدد أبنائهم وبناتهم، أو أن يبقى مواطن آخر "من الفترة ذاتها" كالطير المهاجر يراوح بين شقة وأخرى هربا من حرارة الأسعار اللاهبة، وإذا أخذنا بمقولة الوزارة من أن لديها استراتيجية واضحة في توزيع الوحدات السكنية وهي لا تهمل أي طلب من الطلبات، فما الذي يفسر تكدس أرقام الطلبات من عقد التسعينات حتى اختفت معالم لونها من على بطاقات المراجعة؟