يتبنى المجلس الأعلى للمرأة برنامج التمكين السياسي للمرأة تحت شعار "معا نبني الوطن" شعار البرنامج يحمل أربعة تدرجات من اللون الأخضر والتي يعكس التطور والنمو الحاصل في أداء المتدربة، يهدف البرنامج إلى مجموعة من الأهداف والتي من بينها: تحقيق مشاركة فعالة للمرأة في مسيرة التنمية الوطنية، إيصال المرأة البحرينية للمجالس البلدية والمجلس النيابي، تغيير الصورة النمطية للمرأة والمجتمع، زيادة نسبة الأصوات المؤيدة للمرأة من الرجال والنساء، تغيير النظرة المجتمعية نحو مشاركة المرأة في المجالات السياسية. إذ يعمل البرنامج على إيجاد قاعدة من المرشحات للدورة التشريعية الثانية 2006 والثالثة 2010 من خلال مجموعة من البرامج لدفع وتشجيع المرأة للترشح وتأهيلها بالمعرفة والمهارات اللازمة والعمل على حشد الدفع المجتمعي لها.
نظم المجلس الأعلى للمرأة لقاء تعريفيا خاصا بالعناصر النسائية الراغبة في ترشيح أنفسهن للدورة المقبلة سواء في المجال البلدي أو النيابي، بهدف التعريف بالبرنامج والجدول الزمني الخاص بالبرامج التدريبية، إذ تم استعراض البرنامج والذي كان بطبيعة الحال برنامجا نوعيا للغاية يتضمن الكثير من الأفكار الجيدة فقد رصدت له ما يقارب من 600 ألف دولار من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بينما يقوم المجلس الأعلى للمرأة بدعم المرشحات الراغبات في الترشح أدبيا وفنيا، وبالتالي فإن على المترشحة أو المتدربة والتي تنوي خوض حملة انتخابية أن تبذل قصارى جهدها في سبيل إبراز إمكاناتها الحقيقية ولاسيما أن البرنامج نفسه بمثابة الفلتر الذي من خلاله سيتضح مدى قدرة الراغبة في الترشح في الصمود ومواصلة مسيرتها أم أن الاستسلام سيكون خيارها المرتقب.
اللقاء التعريفي شمل قائمة مكونة من 64 أسما من العناصر النسائية الكريمة كل واحدة منهن تمثل طاقة من الطاقات النسائية، الملفت للنظر أن بعضهن معروفات على مستوى العمل الاجتماعي ولهن أدوار ملموسة على الساحة المحلية وبعضهن لا وجود لهن على خريطة العمل الاجتماعي، وبالتالي يحتاجون إلى مجهود إضافي لضمان تحقيق استحقاقات أكيدة، الغريب في الأمر أن الجمع الطيب، اختفت منه أسماء بارزة وناشطات ومن المتوقع حضورهن ووجودهن ولكن يبدو أنهن قررن مقاطعة البرنامج لسبب أو لآخر، الغريب في الأمر أن بعضهن عضوات إداريات في جمعيات سياسية، ما يعني مزيدا من الحرص والاهتمام بالجانب السياسي وعملية التمكين، ربما أحمل قناعة تختلف عن قناعات البعض إلى حد ما حيث إن هدف التطوير الذاتي يبقى خيارا مطروحا وبالتالي فكرة عدم الحاجة إلى تدريب أو تطوير ذاتي فكرة مستهجنة وغير مقبولة وبالتالي الكأس تتسع لتشمل كل المعارف والمهارات وكل عناصر التدريب الجيدة سواء على المستوى الثقافي أو الاجتماعي أو السياسي.
برنامج التمكين السياسي في واقعه برنامج نوعي للغاية ويتصف بالشمولية والتكامل وبالتالي يبقى فكرة طرحه في الوقت الضائع هذا ربما السلبية الوحيدة الذي أراها حيث سيبدأ البرنامج في أغسطس/ آب 2005 وسينتهي بإذن الله تعالى في مارس/ آذار ،2006 والانتخابات البلدية إذا كانت ضمن موعدها المحدد ستكون في مايو/ أيار 2006 أي أن المارثون سيبدأ، وبالتالي ربما يكون ضاغطا بعض الشيء وخصوصا إذا علمنا بأن غالبية المشاركات في البرنامج أدوارهن متعددة للغاية، البرنامج يتضمن برامج توعوية تحت عنوان: "حفز المشاركة السياسية" إذ سيبدأ في أغسطس وسينتهي في سبتمبر/ أيلول، بعدها سيكون هناك مؤتمر تحت عنوان: "المشاركة في صنع القرار مشاركة في بناء الوطن"، إلى جانب ندوات وورش عمل متعددة تأخذ عناوين مختلفة: الدستور ونظام الانتخابات، دور المرشحين ومسئولياتهم، إدارة الوقت "التوازن بين المسئوليات الأسرية والعمل السياسي"، مهارات الاتصال والتواصل "مهارات العرض، مهارات التفاوض، مهارات الاتصال للحملات"، إدارة الحملات الانتخابية وجمع التبرعات ووضع الموازنة وتشكيل فريق العمل، والتواصل مع الدائرة الانتخابية وفهم الفئة المستهدفة من المنتخبين، وأخيرا برنامج بناء القيادات كان ذلك أهم ما جاء في برنامج التمكين السياسي والتي تمت مناقشته من قبل النساء الراغبات في الترشح، إذ سيتم استقطاب مدربين ومدربات من خارج البحرين كما ستتم الاستفادة من الكوادر البحرينية المتخصصة في جوانب البرنامج المطروح.
بقي أن أشير إلى أن برنامج التمكين السياسي الذي طرحه المجلس الأعلى للمرأة برنامج ممتاز جدا، وأبرز ما فيه أنه سيسهم في إعداد العدة والعمل على تجهيز الكوادر واعدادهن ليس على المستوى القريب وإنما على المستوى البعيد أيضا، وأنه لم يأت من فراغ وإنما جاء لأجل سد فراغ وحاجة ملحة في المجتمع، فالمرأة البحرينية تأخرت كثيرا في الولوج للعمل السياسي وبالتالي تنقصها الكثير من المهارات والخبرات الخاصة بالشأن ذاته، أعتقد بأن مشاركة المرأة في هذا البرنامج ستكون بطبيعة الحال مفيدة للغاية ونأمل أن يكون البرنامج على أرض الواقع لا أن يبقى حبرا على ورق كما نأمل أن تكون الفائدة كبيرة جدا من خلال إعداد المدربات اللاتي سيوكل لهن مهمة ومسئولية تدريب كوادر نسائية أخرى أي سيكن بمثابة النواة الأساسية لأية محطة تدريبية أخرى في المستقبل، كما أود أن أقترح أن يكون برنامج البرمجة اللغوية العصبية أحد البرامج المهمة التي يجب أن تضمن ضمن البرنامج لما له من أهمية بالغة لدى المرشح التي يتعامل مع شريحة كبيرة من الناس مختلفين بطبيعة الحال في السمات والصفات الشخصية، أيضا جيد أن يكون ضمن البرنامج كيفية كتابة البرنامج الانتخابي، وكيفية عمل التحالفات والتكتلات الانتخابية، كما يجب أن نضع في الاعتبار أهمية أن تعطى المرأة الراغبة في الترشح للمجالس البلدية أن تعمل على حصر الاحتياجات الخاصة بدائرتها التي تود الترشح فيها كما يجب الترتيب المسبق لها في حضور اجتماعات اللجان المختصة، كذلك الحال بالنسبة إلى النساء الراغبات في الترشح للعمل النيابي حثهن على حضور جلسات المجلس النيابي للاطلاع بشكل مباشر على التجارب. الرجاء الأخير والتي إن رتب سيسهم بشكل كبير جدا على نجاح البرنامج وهو تعاون الوزارات والمؤسسات في التسهيل للموظفات المنظمات إلى برنامج التمكين السياسي للمرأة، ولاسيما أن بعض الدورات والفعاليات تتخلل الفترة الصباحية وبالتالي عدم تعاونهم يعني تعذر حضورهن الفعاليات أي يعني صعوبة الاستفادة مما هو مطروح، إن كان على المرأة فستضحي في سبيل الاستفادة، ولكن إذا كانت هناك معوقات في العمل تمنعها ستضطر حينها إلى الاعتذار.
وأخيرا، برنامج التمكين السياسي للمرأة على المحك ومدى نجاح البرنامج من عدمه سيكمن في مدى مشاركة المرأة في الانتخابات المقبلة من حيث الكم والنوع، وبالتالي إذا ما هيأ وحفز البرنامج النساء على المشاركة الفعلية في الحراك السياسي القادم يعني أن البرنامج محكوم عليه بعدم نجاحه، ونجاح البرنامج لا يعني مجهودا مضاعفا من قبل النساء بقدر ما يتطلب إحساس المجتمع بأسره بأهمية دور المرأة في العمل السياسي كأحد الأركان الأساسية لا الثانوية وأن العمل السياسي ينهض بوجود المرأة من عدمه.
* كاتبة بحرينية
إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"العدد 1076 - الثلثاء 16 أغسطس 2005م الموافق 11 رجب 1426هـ