وقعت الحكومة الإندونيسية ومتمردو إقليم اتشيه أمس في هلسنكي بفنلندا اتفاق سلام وصف بالتاريخي، لإنهاء نزاع مسلح استمر 30 عاما في الإقليم.

ويأتي هذا التوقيع إثر بروتوكول اتفاق تم التوصل إليه في 17 يوليو/ تموز، بعد خمس جولات من المفاوضات منذ يناير/ كانون الثاني الماضي.

ويدعو الاتفاق إلى انسحاب قوات الجيش الإندونيسي من الإقليم ونزع سلاح مقاتلي حركة اتشيه، وبالتالي إنهاء جميع الأعمال العدائية ضد الجانبين، وتخلي المتمردين عن مطالبهم باستقلال الإقليم عن إندونيسيا. ويؤكد التزام الحكومة والحركة بالسلام الشامل، والتوصل إلى حل "قابل للاستمرار" للنزاع في الإقليم. ويعد هذا الاتفاق حجر أساس لاتفاق سلام دائم ينهي صراعا داميا بدأ في العام 1976 وخلف نحو 15 ألف قتيل.

ووفق اتفاق السلام فقد تخلى متمردو آتشيه عن مطلبهم بالاستقلال التام، وقبلوا بدلا منه بتشكيل شكل من حكومة محلية ذات حكم ذاتي وبالحق تبعا لذلك في إنشاء حزب سياسي. وبالمقابل وافقت الحكومة الإندونيسية على إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومنح أراض زراعية إلى خصومهم السابقين في الحرب لمساعدتهم في الاندماج من جديد في الحياة المدنية. كما سيتم تأسيس محكمة لحقوق الإنسان فضلا عن لجنة للمكاشفة والمصالحة.

وفي إطار الاتفاق، وصلت إلى إقليم اتشيه بعثة من المراقبين الأوروبيين والآسيويين للإشراف على تطبيقه.

ويسود الحذر من صمود هذا الاتفاق على رغم آمال يبديها الجانبان بسبب أعمال العنف المستمرة في الإقليم، إلا أن كارثة تسونامي التي أوقعت 165 ألف قتيل ومفقود في اتشيه أخيرا العام الماضي وما نتج عنها من فتح المنطقة أمام تحرك مئات الأجانب الذين قدموا لإعادة إعماره، تجعل من هذا الاتفاق أكثر قابلية للتطبيق.

من هذا الاتفاق وغيره لإنهاء الحروب المؤلمة نجد أن الشعوب دائما تختار السلام وليس الحرب، وإن حدثت الحرب فإنها تفرض على الشعوب لأسباب مختلفة قد تكون صحيحة وقد تكون خاطئة مدمرة. ولكن في نهاية المطاف ليس هناك من يرغب في حرب دائمة إلا المتعطشين للدماء، وهؤلاء يشعلون الحروب ويخوضونها ولكن ليس على أراضيهم