العدد 1075 - الإثنين 15 أغسطس 2005م الموافق 10 رجب 1426هـ

خليفة: عندما يكون الوطن محتلا فلن يكون الفن محايدا

في كلمة بعثها إلى العرض الافتتاحي لفيلم "ارتجال"

رام الله - محمد أبو فياض 

تحديث: 12 مايو 2017

عبر الفنان اللبناني مارسيل خليفة عن ألمه بسبب عدم تمكنه من الذهاب إلى فلسطين، مشيرا إلى ان هذا الشعور انتابه عندما هم بكتابة كلمة إلى العرض الافتتاحي لفيلم "ارتجال" للفنان الفلسطيني الموسيقي سمير جبران في رام الله في الضفة الغربية.

وجاء في كلمة تفيض عشقا لفلسطين وشعبها المناضل قال مارسيل:يجب أن اعترف في البداية، بأن اللقاء الاول مع سمير جبران، قد أعطى للصداقة الفنية والثقافية والنضالية ابعادا انسانية في منتهى العمق والتقدير، صداقة متجددة، صداقة متشددة في اختياراتها وخياراتها، تبحث عن احتمالات جديدة غير التقنيات، تقبل بالحوار مع رؤية جديدة للأشياء، سمير يحاول جاهدا اطلاق عوده ليضيئ قليلا استحالة الاشياء وصعوبتها في زمن ابيحت فيه المذلة.

وأضاف خليفة أن سمير جبران اتى يوما من فلسطين ليستمع إلى شجن العود في مهرجان جرش في تسعينات القرن الماضي ملوحا بالحطة الفلسطينية وبباقة ورد جوري، وبعد ان توالت الورود والحطات تهطل بغزارة على المسرح، وعندما لم يتمكن من التملص من حراس المكان الذين لم يسمحوا بالاقتراب من الخشبة، دخل خلسة إلى الكواليس، وكان شديد الحماس، عزف على عود من صنع والده، وكان عزفه الشك العنيف أحيانا والثقة المبالغ فيها احيانا أخرى.

وتابع:كيف استسيغ السماع لتقاسيمه المرتجلة والسريعة بعد حفلة صاخبة على المدرج الجنوبي لمدينة جرش، وتتوالى الأيام وتتباعد المسافات ونلتقي مصادفة في الجنوب الفرنسي وفي حفلة تكريم الشاعر الصديق محمود درويش وكان بحوزة سمير اسطوانته الاولى، ثم نلتقي مرة أخرى في مونتريال بكندا مع اسطوانته الثانية، ومنذ شهر تقريبا صوته يهدل في سماعة التلفون: صباح الخير أبو رامي... كيف حالك؟

- يا سمير

يطيب للأوتار أن تتوغل بالريشة نحو الأعمق، أوتار من قصب وحرير تغوص في ليل الأعماق، نقر على وتر "النوى" قيمته الصوت ويتبعه الصدى، جميع الحواس تتحرك والعود في رهافة وسطوة يتقدم.

ونتابع الدردشة ونتفق على موعد، وفي اليوم الآتي نلتقي بساحة "الثروكاديرو" بمدينة باريس، ونمضي ساعات بالبوح العميق، واعطاني شريطا وثائقيا تحت عنوان "ارتجال" بتوقيع رائد انضوني، وفي المساء وفي ركن قصي في منزلي وعلى بياض الشاشة الصغيرة رأيت المخرج الشاب كيف "يخربش" الصور لناس طيبين، وأعجبني تطابق العيش بين الخاص والعام، بين البيت والمسرح، بين فلسطين والعالم.

ولقد حقق الشريط النجاة الخاصة والتاريخ الخاص والدور الخاص لما صور من انعطاف حاد بعلاقات البوح بالعناصر الداخلية والخارجية، وافلت من هيمنة السرد السياسي على ذوق عام بقي لسنين طويلة لزمن لا نرى بدايته، ولقد رفعت تلك المشاهد لمستوى شاعري جميل، للخراب النفسي والانساني الذي خلفه الاحتلال وقد قال ذلك وبصراحة "أبوسمير" عن ما حل بوطنه وأحلامه من خراب.

وطيدة علاقة البشر بالمكان بالموسيقى بالحياة، الاشارات الساطعة التي تحسس المشاهد بمشترك عام لمشترك خيالي بالواقع. وجميل تمسك "آل جبران" بالوهم الخلاق، بالذاكرة الجماعية، اذ أرادوا من خلال تمسكهم بآلاتهم الموسيقية تحويل الشخصي إلى عام،

- يا "رائد" انه فيلمنا كلنا على مسرح حياتنا المنهار





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً