العدد 1075 - الإثنين 15 أغسطس 2005م الموافق 10 رجب 1426هـ

عاشق من فلسطين اسمه درويش

المنامة - أحمد الدفاري 

تحديث: 12 مايو 2017

ليس درويش أول شاعر يتغنى بمجد عروبته وأصالة بلاده، وليس أول من ناضل بالشعر والأدب، وليس أول من أبرز الهوية العربية الشاملة والمتجزئة بقوالب أدبية تفوق الروعة، وليس أول من ترجمت أدبياته للغات الأجنبية، وليس أول من نال شهادة التميز من الأدباء الأجانب على المستوى العالمي، وليس أول من نال استحسان المتلقين وسعيهم لاقتناء أدبياته.

ولكن سيرته الأدبية والسياسية تفرضه كألمع نجم في سماء الثقافة العربية، وأبرز الشعراء في الزمن الحاضر. وبحسب المعطيات والمنحنيات التاريخية فإن النقاد يرجحونه لنيل شاعر الجيل العربي المقبل، ومدرسة العروبة الذاتية، التي ستحافظ على الهوية العربية بأبرز أدواتها الشعرية التي لم يفرط بها درويش أبدا لأهميتها، ولكونها أهم المبادئ لإبرازه كشاعر قومي؛ وهي الوطنية والقومية.

حياة درويش تختصر معاناة شعبه، منذ اعتقاله لأكثر من مرة وحتى تهجيره طوعا وتنكيلا، إلى العبث بإنسانيته. كما انها تعكس طموح شعبه في نيل دولة عربية مستقلة تتمثل بانسحاب اليهود، لا يقابلها قيام كيان صهيوني. وكانت علته وقد بـينها برفضه منصب وزير الثقافة عندما عرضه عليه الرئيس الفلسطيني الراحل. وهو في المنفى فإن سلاحه القلم برادع وطني هو ما يمثل الخط الذي تنطلق منه القومية في أنحاء الجسد العربي.

بروز درويش أدبيا منذ إقامته في بيروت المكتظة بالأدباء حتم عليه إصدار مجلة "الكرمل" العام 1981م، التي مثلت الخط القومي التنويري الأدبي، عندما أبرزت القضايا العربية وأولها القضية الفلسطينية بصور أدبية شارك في إدراج بعضها أبرز الكتاب العالميين والأدباء البارزين. كما أنه يتميز بتطوير الهموم الأدبية المؤثرة التي تترك في النفس اثرا، وأن التزامه بالجوهر جعله منفردا بين الشعراء القوميين بفارق هدوئه المتمثل بعدم الدعوة والبروز ميدانيا. بل كانت تزرع في نفوس المتلقين معنى القومية وأهمية نبضها في الأجساد، وكأنه يرسم الخطوط الجوهرية لأهمية المحافظة على القومية العربية بإبداع غير متناه وعلى المتلقين تكملة مشوار الحفاظ على ما يتطرق له درويش.

ما عند درويش ليس عند الكل، فعنده المرأة تسمى فلسطين، والحب يكمن في فلسطين، والأدب أوجده لفلسطين، وكل ما يملك ويمارسه لأجل فلسطين. لا يعني الانتماء المفرط، بل يسطر أهمية وجود تيار درويش في الجانب الأدبي المتصل بجميع الجوانب، والمغذي لجميع النواحي. وهذا ما جعل من درويش النجم اللامع في سماء العروبة والقومية أدبيا، منذ تسلله لدياره وهو في السابعة عشرة من عمره وحتى تغنيه بعشقه لعروبته إلى استمراره وهو في العقد السادس بمزاولة الأدب المميز لأجل فلسطين. حقا، مثلما خلد الدهر عشاقا كروميو وعنتر، فإنه سيخلد عاشقا من نوع آخر اسمه محمود درويش





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً