العدد 1075 - الإثنين 15 أغسطس 2005م الموافق 10 رجب 1426هـ

تراث الخيام الرياضي بين التحقيق والتلفيق

في ظل القطيعة والتجزئة في الساحتين العربية والإسلامية

لا تقوم الحضارات الإنسانية الخلاقة إلا إذا توافرت لها ثلاثة عناصر أساسية هي المكان والزمان، والإنسان المنتج الواعي الذي تحدد درجة وعيه دوره في إغناء الحضارات وإعمارها، أو إفقارها وتدميرها، وقد نضج الوعي العربي، واستنار بنور الإسلام، فأنتج حضارة إسلامية نقلت العالم من الظلمات إلى النور، وخلفت لنا من عصور الازدهار تراثا إسلاميا إنسانيا عريقا.

وقد بدأت جهود إحياء التراث العربي والإسلامي قديما على أيدي الرواة والمدرسين والنساخ، والوراقين الذين دأبوا على اتخاذ نسخ الكتب مهنة لكسب العيش؛ والترويج الثقافي، وصار استمرار إحياء التراث بوتيرة أسرع مع اختراع المطابع، وما تلاها من الثورة الاليكترونية.

اضافات المحققين

وإلى جانب النسخ والطباعة تطور تحقيق كتب التراث بما أضافه المحققون من التعليقات على الهوامش وكتابة الحواشي على المتون إلى التصحيح الطباعي، ثم التحقيق العلمي الأكاديمي اعتمادا على ما يمكن جمعه من مخطوطات النص المراد تحقيقه، وتثبيت الفوارق التي تتضمنها نسخ تلك المخطوطات مع تصحيح التصحيف والتحريف على قدر الطاقة، وحصلت خروقات كثيرة للتحقيق الأكاديمي جراء عمليات السطو والانتحال التي قام بها لصوص التراث من محققين وناشرين ومدلسين ومدسوسين.

دور المستشرقين

وشارك المستشرقون الرواد في تحقيق التراث العربي والإسلامي، وتراوحت جهودهم بين الغث والسمين، ولهم أعذارهم بسبب العجمى ومخالفة الدين، وتحسب لهم فضيلة الريادة لأنهم كانوا سباقين في مضامير التحقيق، وعلى رغم الجهود التي بذلت فمازالت آلاف النصوص التي حققوها وترجموها بعيدة عن عناية المحققين والمترجمين والناشرين العرب والمسلمين الذين مازالوا متخلفين عن أقرانهم الغربيين والشرقيين والشماليين والجنوبيين.

الفوضى سيدة الموقف

ولدى استعراض واقع حال إحياء التراث يتضح للباحث أن الفوضى هي سيدة الموقف في ظل القطيعة والتجزئة اللتين تسودان الساحتين العربية والإسلامية، وتفرضان على الكتب العربية والإسلامية حصارا إقليميا لا يتيح لباحثي الدول الأخرى الاطلاع عليها كما هو الحال في البلد الذي وافق على نشر الكتاب، وهكذا نجد أن عدم حرية تداول المطبوعات يفوت على الباحثين إمكان الاطلاع الواسع، فيقعون بأخطاء فاحشة أثناء تصديهم لتحقيق ونشر كتب التراث، ويتكرر نشر الكتاب نفسه وتحقيقه أكثر من مرة سهوا أو عمدا أو جهلا.

مقصود وغير مقصود

وأخطاء المحققين على نوعين أحدهما غير مقصود بسبب عدم الاطلاع، وثانيهما مقصود عن سابق إصرار بسبب دوافع مادية للكسب غير المشروع بانتحال جهود الآخرين، أو دوافع معنوية لكسب درجة علمية، أو وظيفة أكاديمية، أو الظهور بمظهر العلماء الباحثين بالمجازفة، وارتكاب الأخطاء المقصودة يحتاج إلى ضمير ميت، وذمة واسعة، وجرأة على سلب حقوق الآخرين بطرق غير مشروعة.

دعاة التحقيق

ونتيجة للأخطاء المقصودة، وغير المقصودة انتشرت الفوضى في قطاعات نشر وإحياء التراث العربي والإسلامي، اذ نجد أن بعض دعاة التحقيق يشنون غاراتهم على النصوص المنشورة سابقا، ويحورونها ويدعون أحيانا أنها كانت مملوءة بالأخطاء زيفا وبهتانا لتبرير فعلتهم الشنيعة، والأمثلة كثيرة يمكن رصدها بالمقارنة بين ما أعيد نشره مما نشرته مطبعة بولاق المصرية، ومكتبة الجوائب التي أنشأها أحمد فارس الشدياق في اسلامبول، وحتى الكتب التي نشرها المستشرقون في بلادهم قد تكون أصح مما نشره الدخلاء على المهنة من لصوص التراث الذين يسطون على جهود الآخرين، وبعضهم يسطو على ما نشره هو نفسه في وقت سابق من دون إشارة خشية أن تلاحقه دار النشر القديمة بحقوقها، وإمعانا بالتضليل تتغير عناوين الكتب على رغم تطابق المحتوى.

أخطاء أكاديمية

ويصعب تسليط الأضواء على جميع الأخطاء الأكاديمية التي حلت بالتراث العربي والإسلامي في مقال صحافي، ولذلك سأتناول في هذه العجالة بعض تراث عمر الخيام كمثال عن جزء من أجزاء إحياء التراث لعلها تحفز الباحثين على متابعة موضوعات التراث في سبيل توجيه عملية إحيائه إلى جهة صحيحة على أمل الوصول إلى نتائج أفضل بغية تجاوز الاجترار والتكرار والتصحيف والتحريف والتجديف، وما يطفو على الساحة التراثية من زبد سيذهب جفاء من دون أن ينفع الناس بل يضرهم ويؤذيهم.

عمر بن إبراهيم الخيام

ولد عمر بن إبراهيم الخيام العام 440 هـ/ 1048م، ونشأ برعاية أمراء السلاجقة الأتراك الذين كانوا يحكمون إيران أثناء حياته، وتنقل ما بين سمرقند وأصفهان ومرو، وأبدع في الشعر والفلك والرياضيات والجبر والهندسة، وكانت وفاته العام 517 هـ/ 1123م، في عهد السلطان محمود بن محمد ملكشاه بن آلب أرسلان السلجوقي، ومن ألقاب الخيام: غياث الدين، وأبوالفتح.

براهين الجبر والمقابلة

أول من اعتنى بتراث عمر الخيام العلمي المستشرق ف. فوبكه "woepcke" الذي حقق وترجم تراثه في الجبر والمقابلة، المسمى رسالة في براهين الجبر والمقابلة، وقد نشرته في باريس مطبعة الأخوين فيرمان ديدوه العام 1267 هـ/ 1851م، ويقع في 204 صفحات، منها 52 صفحة محققة باللغة العربية، وخمس صفحات للنماذج المصورة من المخطوط مع 19 صفحة مقدمة فرنسية، والترجمة الفرنسية 128 صفحة.

وفي العام 1317 هـ/ 1899م صدرت طبعة في طهران عن "جابخانة وكتاب فروشي مركزي" وصحح الطبعة غلام حسين مصاحب، وتقع في 77 صفحة، وهي ترجمة فارسية لتحقيق المستشرق: ف. فوبكه، ومعها مصورة لمخطوطة "رسالة في قسمة ربع الدائرة" المحفوظة في المجموع: 1751 بمكتبة جامعة طهران.

ما أشكل من مصادرات إقليدس

نشر تقي إيراني بواسطة مطبعة سيروس في طهران رسالة لعمر الخيام في شرح ما أشكل من مصادرات اقليدس العام 1936م، واعتمد مخطوطة جامعة ليدن. ثم حقق هذه الرسالة عبد الحميد صبرة وأصدرتها منشأة المعارف في الإسكندرية العام 1961م، واعتمد مخطوطة المكتبة الوطنية في باريس، وفيها سبع صفحات للنماذج المصورة من المخطوط، ويقع النص المحقق في تسعين صفحة بالإضافة إلى المقدمة وجدول الخطأ والصواب، وفهرس الاعلام، ونشر الرسالة مع ترجمة فارسية جلال الدين حموي في كتاب "خيامي نامه" ودون عليها شروحا مستفيضة.

الوجود بحسب رأي طاليس

ولعمر الخيام رسالة في الوجود بحسب رأي أرسطو طاليس وغيره، وقد اعتنى بتصحيحها محيي الدين الكردي، ونشرتها المطبعة العلمية "كردستان" في القاهرة العام 1335 هـ/ 1916م، ضمن مجموع جامع البدائع.

مجلد القسم الأول

وقام البروفيسور فؤاد سزكين بجمع وإعادة طبع تراث عمر الخيام، والدراسات التي تخصه من عربية وأعجمية في مجلدين، وصدر العام 1418 هـ/ 1997م ضمن سلسلة الرياضيات الإسلامية والفلك الإسلامي التي ينشرها معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية في إطار جامعة فرانكفورت في جمهورية ألمانيا الاتحادية، ويحمل القسم الأول الرقم ،45 ويحمل القسم الثاني الرقم 46 في سلسلة الرياضيات، ويقع القسم الأول في 414 صفحة، ويتضمن المواد الآتية:

- فوبكه، فرانتس: مقال في الجبر والمقابلة لعمر الخيام مع ترجمة فرنسية ومختارات من مخطوطات غير منشورة "بالفرنسية" ص: .1

- لمؤلف مجهول: تقرير عن: مقال في الجبر والمقابلة لعمر الخيام "النص العربي المطبوع من ص: 154 حتى الصفحة 206"، مع ترجمة فرنسية ومختارات من مخطوطات غير منشورة لفرانتس فوبكه "بالفرنسية" ص: .208

- فوبكه، فرانتس: ملاحظات على مخطوطة عربية لكتاب الجبر لأبي الفتح عمر بن إبراهيم الخيام، والذي يحتوي على حلول هندسية لمعادلات من الدرجة الثالثة "بالفرنسية" ص: ،218 وقد نشر سابقا العام 1851 م.

- لمؤلف مجهول: نظرية فرما "متعلقة بالمعادلات من الدرجة الثالثة" ومخطوطة غربية لعمر الخيام "بالفرنسية" ص: .231

- تايلر، و. ب: تقويم من عمل فلكي إيراني "عمر الخيام" العام 1079م "بالإنجليزية" ص: .238

- ياكوب، جيورج وآيلهارد فيدمان: عن عمر الخيام "بالألمانية" ص: .240

- قصير، داود. س: الجبر عند عمر الخيام "بالإنجليزية" ص: ،261 وقد نشر سابقا العام 1931م





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً