تتنوع أدوات وأساليب تسطيح الأفكار في المجتمعات الصغيرة لاسيما في المجتمع البحريني الصغير، والتي يود مروجوها مع اختلاف حجم مكانتهم الاجتماعية وحجم عقولهم، الوصول بها إلينا "نحن" بعدة أشكال وأنواع وبمختلف الألوان. .. هي متغيرة طبعا وهذا لا غبار عليه بطبيعة الزمان والمكان... ولكنها يجمعها الهدف الواحد على رغم تطورها الملحوظ في الفترة الزمنية السابقة وخصوصا في أزمنة الانفتاحات وعهود الإصلاحات المنتشرة في كل مكان... وكما أسلفنا فإن البحرين لا تختلف كثيرا عنهم!
فنوعية يمكننا أن نعطيها الوسام الذهبي أو شهادة السوبر ستار في حجم تسطيح الأفكار أو ممارسة التسطيح الفكري والوصول به إلى الهدف الأسمى المنشود، وروادها بطبيعة الحال وللأسف هم من يسمون بالمثقفين... أو هم "المتلصقون" أصلا بالثقافة إن صح التعبير! وهم فئة يجبرك غباؤها على متابعتها متابعة حثيثة... فترى ألبومات صورها تتوزع على صدور الصحف أو هي صحفها أصلا... تارة بفكرة تدعي المثالية والاعتدال، وتارة تكشف جزءا من الوجه الحقيقي المخبأ خلف الأقنعة الوردية كاشفة التطرف وجزءا ليس بيسير من الطائفية والتمييز! مع الاحتفاظ ومن دون أدنى شك بالأرقام المتصاعدة في المصارف بشكل ملفت للنظر ومن دون حسيب أو رقيب يستطيع أن يسأل "من أين لك هذا يا هذا"؟!
وآخرون تقوقعوا في مناطقهم متحزبين مطبقين شعار "الاتحاد قوة" مكونين لهم هالة اجتماعية مناطقية تأتي على هيئة جمعيات تدعي أنها أهلية ولا للأهلية لها من مكان، روادها من الأفراد الذين نجحت فيهم خطة التسطيح الفكري بشكل كبير والدليل تجمهرهم وحفاوتهم حوله... إذ لا ترى شاردة ولا واردة إلا ورأيه السديد وقراره الحكيم فيها موجود... بل ترى ندواته وزياراته المكوكية للمجالس والدواوين تكاد لا تنقطع طوال الأسبوع لإثبات الذات والوجود وتطبيق شعار "مين هناك... أنا موجود"... ولن تسمع منه إلا الخطب الرنانة والخطب العصماء التي تملؤك حماسية وتسطيحا فكريا أكثر وأكثر لا يرى إلا من زاوية غير تلك التي هو يرى منها.
أمثلة كثيرة لا نستطيع أن نوردها في هذه المساحة لاعتبارات مهنية كثيرة... ولكن يبقى علينا أن نعي الدروس السابقة بشكل أكبر... وإلا ما الداعي لأن نعطي هؤلاء المتسببين في هذا التسطيح الفرصة السهلة السانحة بأن يكبروا وأن يكون لهم شأن... مثلهم مثل الناس ذوي الشخصيات الاعتبارية المحترمة؟!... فيجب علينا - وإن نحن اطلعنا على تفاهاتهم أو كما يسمونها هم خطاباتهم - ألا نتأثر بها... فهي خطابات تكرس الغباء، بل الغباء المفرط الذي لا حل له ولا حتى الاستئصال!
نماذج كثيرة موجودة في المجتمع تمارس هذا التسطيح ويمكن اكتشافه بالعين المجردة وهي لا تحتاج إلى مكبرات، سواء عن قصد أو عن غير قصد... فهم إما أن يكون غباؤهم بالفطرة أو بالتأثر... لا يهم... فالمهم ألا نعطيهم الفرصة بنشر هذه التفاهات... وإن استطاعوا، علينا ألا نشجعهم على بلوغ الهدف الذي يشتركون فيه جميعهم وهو بلوغ التسطيح الفكري لمجتمع شبه متفكك ديمقراطيا مثل البحرين!
إضاءة
بمرور الزمن... وتغير الحال... كونه من المحال... نرى أن كثيرا من الشعارات التي ضحى من أجلها الكثيرون وسقط بسببها الشهداء والضحايا المعذبون جسديا ونفسيا... يجب أن تبدل وخصوصا بعد إقرار قانون الجمعيات والقانون الذي سيقر قريبا لا محالة وهو قانون التجمعات من قبل البرلمان... ومن جملتها "البرلمان هو الحل"... ليصبح "البرلمان هو المشكلة"
إقرأ أيضا لـ "حمد الغائب"العدد 1074 - الأحد 14 أغسطس 2005م الموافق 09 رجب 1426هـ