تثبت القيادة الإيرانية يوما بعد يوم أنها اللاعب الأبرز في منطقة الشرق الأوسط من خلال سياساتها الذكية، وتعاملها بطريقة فاعلة مع معظم الملفات الصعبة، وخصوصا الملفين العراقي والنووي.

فقبل أربعة أيام فاجأت الحكومة الإيرانية العالم باتخاذ قرار استئناف إنتاج الوقود النووي الذي سيؤدي إلى تشغيل مفاعلاتها النووية لإنتاج الطاقة، ويمكن أن يستخدم أيضا في إنتاج رؤوس نووية. هذا القرار أربك الإدارة الأميركية مثلما أربك الحكومات الأوروبية التي انخرطت في حوار مع طهران نيابة عن واشنطن على أمل الوصول إلى حل ودي للأزمة النووية مع إيران.

أميركا تبدو في وضع صعب للغاية، فهي لا تستطيع تصعيد لهجتها ضد إيران، أو التلويح بضربة عسكرية، وفي الوقت نفسه لا تستطيع أن تصمت على هذا التحدي الإيراني الاستراتيجي الخطير لمشروعاتها في الهيمنة على المنطقة، وإبقاء التوازن العسكري مائلا في صالح "إسرائيل".

السيناريو الأميركي لمواجهة هذه الخطوة الإيرانية الشجاعة يمكن تلخيصه في إتباع سياسة النفس الطويل، أي استخدام مجلس الأمن لاستصدار قرار يدين خطوة طهران، ويطالب بوقف كل عمليات التخصيب بأسرع وقت ممكن، ثم بعد ذلك تستخدم الإدارة الأميركية هذا القرار الدولي لفرض عقوبات على إيران على غرار ما حدث مع العراق في عهد الرئيس المخلوع صدام حسين.

من الواضح، أن القيادة الإيرانية التي تضم الكثير من السياسيين الدهاة وجيشا من الخبراء، وتتمتع بتأييد شعبي ضخم اتضح من خلال نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، على دراية تامة بهذا السيناريو ولابد أنها أعدت الخطط الكفيلة بمواجهته.

في جميع الأحوال، يمكن القول أن الأشهر المقبلة ستكون ساخنة جدا، وستكون الإدارة الأميركية هي الخاسر الأكبر بسبب سياساتها الحمقاء التي ترى العالم من المنظور الإسرائيلي، وليس من منظور المصالح الأميركية