المملكة العربية السعودية تعد إحدى أهم المحاور الرئيسية للسياسة الخارجية البحرينية، وهي على صعيد العلاقات البحرينية الخليجية تعد من أكثر العلاقات استقرارا، وذلك لعوامل التاريخ، وللدور البحريني في تأسيس المملكة في مطلع القرن العشرين، والذي تغيار لاحقا ليتحول هذا الدور المحدود إلى علاقات شراكة استراتيجية من الصعوبة بمكان المساس بها، حتى أصبحت خطا أحمر لا يمكن مناقشة أية اطروحات تحاول المساس بها، أو أية مبادرات للنيل من استقرار هذه العلاقات الثابتة.
إلا أن انتقال الخلافة إلى الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود من شأنها أن تفتح المزيد من آفاق التعاون المشترك، وفي الوقت نفسه من شأنها أن تعالج الكثير من القضايا العالقة. ومن أبرز هذه الملفات، الملف النفطي، فهناك دعم سابق من الرياض للمنامة في المجال النفطي من خلال الحقل المشترك "أبوسعفة". وقد توقف هذا الدعم قبل فترة بسبب تباين في الآراء والمواقف السياسية تجاه إقامة علاقات تجارة حرة ثنائية مع بلدان أخرى من خارج منظومة مجلس التعاون الخليجي. إلا أن التحسن في الآراء الذي طرأ خلال الآونة الأخيرة في مواقف القيادتين من شأنه أن يحرك هذا الملف بشكل إيجابي. وخصوصا أن البحرين بحاجة إلى هذا الدعم من الرياض في ظل ما تواجهه من صعوبات اقتصادية تدفعها للاقتراض الخارجي، الأمر الذي سيخلق الكثير من التبعات السياسية والاقتصادية مستقبلا.
أما الملف الآخر الذي يمكن الإسراع في تحريكه، فهو ملف المعتقل البحريني عبدالرحيم المرباطي الذي مازال معتقلا لدى السلطات السعودية منذ ثلاث سنوات من دون أن توجه أية تهم رسمية له. وإذا كان العاهل السعودي الجديد قد عفا عن السجناء الليبيين المتورطين في مخطط لاغتياله، فإنه من الممكن تكرار السيناريو والعفو عن هذا المواطن لإزالة أية عوائق شعبية أو حكومية تقف أمام تطوير العلاقات البحرينية - السعودية. وعلى الحكومة البحرينية المبادرة في طرح هذا الملف على القيادة السعودية الجديدة لعرض الموقف البحريني ومناقشة التصورات المختلفة كافة.
أما القضية الأهم، التي سيرتبط بها مستقبل العلاقات البحرينية - السعودية، هي تفاقم الاختلال الإثنو - طائفي في منطقة الخليج العربي منذ احتلال العراق من قبل التحالف الأميركي - البريطاني. ففي خضم تفاقم هذا الاختلال في المنطقة، فإنه من المهم إعادة تشكيل تحالفات إقليمية لاستيعاب نتائج هذا الاختلال، والذي من شأنه أن يزيد من حال عدم الاستقرار الداخلي الذي تعيشه الأنظمة السياسية لبلدان مجلس التعاون الخليجي.
وقد يكون من المفيد تشكيل لجنة داخل مجلس التعاون الخليجي مرتبطة ارتباطا مباشرا بالمجلس الأعلى للمجلس لدراسة التصورات كافة بشأن مستقبل الاختلال الإثنو - طائفي في المنطقة، وتحديد أبرز تأثيراته على بلدان المجلس في النواحي السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية. وخصوصا أنه من المستبعد أن تتراجع حدة هذا الاختلال بسبب ما تشهده بلدان المجلس من مساع نحو الإصلاح السياسي والاقتصادي التدريجي الذي من شأنه أن يزيد من الاختلال، وفي الوقت نفسه، فإن ثمة تطورات تشهدها بعض القوى الإقليمية ستساعد بشكل كبير على زيادة حدة الاختلال، وحدوث ردود فعل متباينة من غير المعروف عواقبها.
إن القواسم والمصالح المشتركة التي تربط المنامة والرياض هي أكبر بكثير مما قد يتصوره البعض في النفط والتجارة، وهي تمتد لتشمل المصير المشترك الذي لن يتيح الاختلال الإثنو - طائفي في الخليج فرصة لمناقشات تداعيات العلاقات والسياسات الماضية في المستقبل
العدد 1073 - السبت 13 أغسطس 2005م الموافق 08 رجب 1426هـ