مازلت مؤمنا بأن المشهد السياسي البحريني المعارض لا يعاني من أزمة سياسات ومواقف ومنهجية وبرامج تحرك بقدر ما يعاني هذا المشهد من صراع القيادات التي ترى أنها هي الأفضل دائما لتسلم هذا العرش، سواء كانت تلك القيادات دينية أم ليبرالية أم بعثية أم غيرها.
صراع القيادات مستمر بين أقطاب المعارضة السابقين والحاليين، ففئات مازالت تتمسك ببرجها العاجي الذي رسمته لها تلك الأيام الغابرة، وفئات رأت أنها ستخلق لها قاعدة من خلال تلمس نبض الشارع الحالي، القيادات القديمة ترفض خروج أية قيادة جديدة تتنافس معها على عرش القاعدة الشعبية في التحرك، والقيادات الجديدة ترى أن القيادات القديمة تخلت عن أهم مبادئ القاعدة الشعبية، بينما ضاعت قيادات بين القيادتين القديمة والجديدة في محاولة منها لرأب الفجوة الموجودة بين جيل الأمس وجيل اليوم.
التراشق بالحجارة والكلمات بين الجيلين من القيادات أدى إلى تصادم وخلق انشقاقات في القاعدة الشعبية التي كانت هي القاعدة الأساسية لأي تحرك وطني.
الانشقاقات في صفوف القاعدة الشعبية جاءت نتيجة انشقاق في صفوف القيادة، القيادة التي كانت مرجعها في السابق سبعة أشخاص يجتمعون في مجلس واحد ويخرجون بقرار ينتظره عشرات الآلاف من الواقفين في تلك الساحة لينفذه الجميع من دون تمزق أو تأوه، إلا أن الوضع تغير الآن، فالقرار أصبح في يد قيادات كثيرة مع أو ضد أهداف القاعدة الشعبية، فالتي كانت "مع" ضاعت من "الضد" في الأخذ والعطاء، بينما استفاد "الضد" من تقهقر وضعف القيادات الـ "مع". بالنسبة إلي فإن الخلل يكمن في انقسام القيادات وتقهقرها بعد أن كانت قيادة واحدة، لتعطي بذلك الفرصة لاستغلال هذه الانقسامات من خلال مبدأ "فرق تسد" الذي عاشت البحرين عليه كثيرا ويبدو أنها ستعيش أيضا عليه كثيرا
إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"العدد 1073 - السبت 13 أغسطس 2005م الموافق 08 رجب 1426هـ