موقف إيران الرسمي وطريقة تعاملها مع أميركا بخصوص ملفها النووي يعيد الى الاذهان مواقف بعض الدول النامية تجاه القوى العظمى خلال الستينات والسبعينات من القرن الماضي، وهي مواقف أصبحت من الأرشيف السياسي الذي كان يراه البعض ماضيا غير قابل للتكرر مع تحول العالم الى نظام القطب الواحد الذي يشبه تماما نظام الحزب الواحد في فرض سياساته على الآخرين من دون ان يكون هناك من يرفض هذه السياسات أو يناقشها وفق النظم الديمقراطية المعروفة.
وموقف طهران الصلب ربما يستمد قوته من متغيرات اقتصادية وسياسية دولية مهمة تحتم على إيران استغلالها في فرض سياسة حق امتلاكها التكنولوجيا النووية حالها حال الكثير من دول العالم، إذ إن أسعار النفط تتجه بشكل تصاعدي يقلق معه كل الدول المستهلكة للنفط في العالم، خصوصا مع تخطيه امس حاجز الـ 68 دولارا للبرميل الواحد وهو سعر قابل للارتفاع مع أي موقف دولي متشنج تجاه إيران.
كما أن الموقف السياسي الواضح للصين وروسيا المساند لموقف إيران يحتما على أميركا إعادة حساباتها قبل رفع موضوع الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن والتهديد بفرض عقوبات.
يضاف الى ارتفاع أسعار النفط وتأييد بكين وموسكو، تعثر الوضع العسكري والسياسي في العراق، وربما معرفة واشنطن باحتمال تأييد العراق - على رغم احتلاله - لإيران ضد أميركا في حال تأزم الوضع بينهما .
نعم، إن السياسة الايرانية في تعاملها مع تهديدات واشنطن مازالت تثبت نجاحها ربما لمعرفة طهران بحقيقة المأزق الدولي الذي ينتظر أميركا اذا فكرت بفرض سياسات القوة أو حتى التهديد باستخدامها، لكنها تبقى موضوعا قابلا للانفلات في أية لحظة اذا لم تحسن طهران التعامل مع واشنطن على طريقة "شعرة معاوية"
إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"العدد 1072 - الجمعة 12 أغسطس 2005م الموافق 07 رجب 1426هـ