قد يفرح عاموم الناس في الخليج وفي دول المجلس خصوصا، وهم يسمعون أخبار ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية إلى مستويات قياسية، ووصوله لحواجز الستين دولارا التي كانت مستبعدة جدا منذ بضع سنوات.
ويأمل المواطن البسيط أن تصب هذه الزيادة في الأسعار في خزينة الدولة وبالتالي تقوم بضخها لتحسين الوضع المعيشي والمرافق والخدمات. لكن قد تأتي الأخبار بما لا تشتيه الأنفس، فالزيادة في أسعار النفط وما تحصل عليه دول المجلس من عائدات ضخمة من هذه السلعة الذهبية تحصده الشركات من جيوب المواطنين من الجانب الآخر.
ارتفعت أسعار السلع في دول المجلس وهذا ما تلمسه كل من المواطنين في البحرين والكويت خلال الفترة الماضية، وربما شعرت بها الأسواق الخليجية الأخرى أو أنها على وشك ذلك في الوقت القريب وإن بنسب متفاوتة.
والارتفاع بحسب المسئولين في الحكومات والاقتصاديين جاءت نتيجة أسعار النفط المرتفعة التي كسرت الحواجز ولتصل إلى مستويات عالية لم تتوقع الدول المنتجة أن تصلها بعد أن ظل النفط لفترة ليست بالقصيرة يباع بسعر الماء المعلب في القناني.
فارتفاع كلفة الوقود أدى بدوره إلى ارتفاع أسعار الشحن والإنتاج في العجلة الاقتصادية التي تترابط أجزاؤها بشكل كبير جدا فعناصر الإنتاج التي تدخل فيها الطاقة والنقل للأسواق الخارجية، تؤثر على قيمة المنتج.
وبحسب مراقبين وتجار فإن ارتفاع أسعار النفط الخام ليس السبب الوحيد في غلاء أسعار المنتجات الاستهلاكية، فاتفاق التجارة الدولية الذي يحظر الدعم الحكومي للقطاعات والصناعات في الدول المشاركة في هذا الاتفاق، يساهم في رفع كلفة المنتج نتيجة افتقاده للميزات النسبية التي يحصل عليها من الدولة.
دول الخليج بطبيعتها دول مستهلكة للمواد الغذائية، وقد تكون تجربة المملكة السعودية الرائدة في صناعة المواد الغذائية تجربة يحتذى بها للأمن الغذائي، إلا أن دول المجلس لا زالت دولا استهلاكية للمنتجات المستوردة وهذا ما عزز من تأثرنا العكسي والمتناقض في آن بأسعار النفط.
وما تفتقده دول الخليج الآن حقا هو أن تستفيد كل دولة من تجربة الأخرى في مجال الصناعات الخليجية وخلص استراتيجية موحدة تقودنا شيئا فشيئا لتحقيق أمن غذائي نسبي، إذ إن دول الخليج تواجه جملة من التحديات التي يفترض بنا أن نجد البدائل لحلها، فضعف التربة والبيئة الزراعية، ومحدودية مصادر المياه العذبة، تعتبر من أبرز العوائق أمام خلق صناعة غذائية قوية.
وحتى يحس المواطن الخليجي أنه بمنأى ولو بشكل محدود عن تأثيرات الإنتاج العالمية للغذاء، سيبقى ارتفاع أسعار النفط يحمل معه بعض التخوفات التي لا منأى عنها الآن
إقرأ أيضا لـ "علي الفردان"العدد 1070 - الأربعاء 10 أغسطس 2005م الموافق 05 رجب 1426هـ