عطفا على مقالنا الاثنين الماضي، نواصل في هذه الحلقة تسليط المزيد من الأضواء على دور القطاع الصناعي في اقتصادنا المحلي. يكتسب الحديث عن القطاع الصناعي أهمية خاصة نظرا إلى ما يحمله من فرص لإيجاد وظائف لبعض العاطلين، فضلا عن الداخلين الجدد لسوق العمل. المعروف أن هناك أكثر من 20 ألف مواطن عاطل عن العمل يمثلون 14 في المئة من القوى العاملة الوطنية.
فرص عمل
خلافا لبعض الأنشطة الخدمية مثل الأنشطة المصرفية فإن بمقدور القطاع الصناعي توفير عدد كبير من فرص العمل. وللتدليل على كلامنا نورد الحقيقة الآتية: بلغ عدد العاملين في قطاع الخدمات المالية 7406 أفراد في العام ،2004 بزيادة قدرها 438 موظفا مقارنة بالعام .2003 ويشمل قطاع الخدمات المالية المصارف التجارية والوحدات المصرفية الخارجية وبيوتات الاستثمار وشركات التأمين والعاملين في مؤسسة نقد البحرين وبنك الإسكان وبنك البحرين للتنمية، وأية جهة لها علاقة بتقديم الخدمات المصرفية والمالية.
بمعنى آخر، فإن حجم التوظيف في كل من "بابكو" و"ألبا" و"بناغاز" مجتمعين يساوي عدد العاملين في قطاع الخدمات المالية برمته. بالمقابل، ساهم قطاع الخدمات المالية بـ 24,2 في المئة من الناتج المحلي للعام 2004 مقارنة بـ 12,4 في المئة للقطاع الصناعي. بالإضافة إلى ذلك، يعمل آلاف آخرون في الشركات الصناعية الأخرى المقيمة في المناطق الصناعية وأماكن أخرى في المملكة.
معوقات صناعية
بيد أنه لابد من الإشارة إلى بعض الحقائق المرة حيال القطاع الصناعي والتي بدورها تحتاج إلى حلول. أولا، بحسب تقرير القدرة التنافسية الدولية لا توجد أية براءة اختراع مسجلة للبحرين "في أميركا" مقابل 241 براءة اختراع مسجلة لحساب تايوان. ربما يمكن تفهم هذا الوضع المتردي بالإشارة إلى المصروفات المخصصة لأغراض البحث. بحسب منظمة اليونسكو يشكل حجم الإنفاق على البحوث والتطوير في البحرين 0,1 في المئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي يعكس ضعف الاهتمام بالأبحاث العلمية.
ثانيا، استنادا إلى مؤشر التنمية الصادر من قبل البنك الدولي بخصوص سهولة تأسيس الأنشطة التجارية يبلغ عدد الأيام للحصول على تراخيص وأذونات صناعية 444 يوما في البحرين مقابل 8 أيام في سنغافورة، ما يعني وجود أزمة في فعالية الأجهزة الحكومية عندنا. يعتقد أن المشكلة سببها ضعف التنسيق بين الأجهزة الحكومية وهنا يأتي دور مجلس التنمية الاقتصادية لحل هذه المعضلة.
ثالثا، يعرف عن المؤسسات المالية في البحرين عدم رغبتها في تمويل المشروعات الصناعية إلا ما نذر. استنادا إلى إحصاءات الربع الثاني للعام ،2005 قدمت المصارف التجارية العاملة في البحرين 270 مليون دينار لأغراض الصناعة، أي 11,4 في المئة مقارنة بـ 298 مليون دينار في نهاية العام ،2004 أي 13,3 في المئة من مجموع القروض. بالمقابل، قدمت المصارف 1087 مليون دينار على شكل قروض شخصية وذلك في الربع الثاني من العام الجاري.
رابعا، يعاني القطاع الصناعي من صعوبة الحصول على الأراضي والمرافق. حقيقة، تعاني البحرين في الوقت الحاضر من عدم وجود مخطط شامل للبلاد على رغم صغر مساحة البلاد "تبلغ مساحة البحرين 718 كيلومترا" إذ يتوافر تقسيم متكامل لـ 11 في المئة فقط من أراضي البلاد. يبقى أن هذه المعضلة في طريقها للحل بعد أن تم إسناد عقد القيام بمخطط كامل إلى البحرين إلى فريق عالمي بقيادة شركة "سكديمور" الأميركية.
ختاما، تشير الكثير من المؤشرات إلى أن مستقبلا واعدا ينتظر هذا القطاع الحيوي لما يحمله من فرص لإيجاد مئات الفرص الوظيفية للمواطنين. فهناك مشروع إنشاء المنطقة الصناعية في الحد. كما لابد من الإشادة بالدور الحيوي الذي يقوم به "مركز البحرين لتنمية الصناعات الناشئة"، إذ يجري التركيز على إقامة مشروعات صغيرة ومتوسطة. حقيقة القول، إن الاتجاه العالمي يتمحور حول التركيز على الصناعات الصغيرة والمتوسطة نظرا إلى ما تحملها هذه المشروعات من فرص لإيجاد وظائف جديدة فضلا عن قدرتها على التكيف مع التطورات المستجدة وخصوصا في مجال تقنية المعلومات والمنافسة.
مقال يوم الاثنين يناقش دور قطاع التجارة في الاقتصاد البحريني
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1070 - الأربعاء 10 أغسطس 2005م الموافق 05 رجب 1426هـ