بحسب الفهم السياسي السائد في الدول الديمقراطية فإن الحزب المعارض هو أية مجموعة من المواطنين تطرح برنامجا سياسيا وتمتلك الآلية التنظيمية من أجل الوصول إلى السلطة التشريعية، أو التنفيذية، أو الاثنين معا. وعندما نقارن هذا المفهوم بما نحن عليه في البحرين، فإن السلطة التنفيذية تتشكل بالتعيين، وما هو مفسوح للمعارضة هو جزء من السلطة التشريعية. والبحرين تصنف من الدول التي "تسعى إلى الانتقال نحو أجواء من الديمقراطية"، وعلينا تقع مسئولية أن نرعى هذه العملية من أجل مصلحة الوطن والمواطنين.
الحزب المعارض يحتاج إلى البرنامج السياسي، والبرنامج يحتاج إلى فكر متبلور بصورة دقيقة يأخذ في الاعتبار كل الظروف والعوامل المؤثرة في الوضع السياسي. ومثل هذا البرنامج السياسي يحتاج إلى استراتيجيين لإعداده بحيث يرتبط بهموم الناس ويسعى إلى حلحلة قضايا ملحة، بهدف دفع عملية التنمية الاقتصادية وحماية الحريات العامة.
الحزب المعارض يحتاج أيضا إلى الآلية التنظيمية التي يستطيع من خلالها القائد المنتخب ديمقراطيا أن يسير الأمور بحسب البرنامج السياسي المطروح أمام الناس. القائد المنتخب يحتاج إلى البرنامج الواضح، ويحتاج إلى الآلية المطيعة التي يتمكن من خلالها أن ينفذ ما وعد به، وإن لم يستطع ذلك فإن بإمكان أعضاء الحزب الذين انتخبوه أن يستبدلوا به من هو أكثر قدرة منه وأكثر فاعلية وأوضح فكرا.
حاليا، شرع البرلمان "قانون الجمعيات السياسية" الذي يتحدث عن كيانات أقل من مفهوم "الحزب السياسي"، ولكن الواقع يقول أيضا إن جماعات المعارضة تقوم على واقع أقل من مفهوم "الحزب السياسي". فالحزب ينبغي أن يتوجه إلى المواطنين بصفتهم مواطنين أولا. أما من لدينا فإن غالبيتهم متأثرون بواقع سياسي يفرض نفسه على الساحة، إذ إن الانتماء إلى هذه الجماعة أو تلك يقوم على أساس الانتماء إلى الطائفة أولا، ومن ثم التوجه الفكري داخل هذه الطائفة أو تلك.
إشكال العمل السياسي في البحرين هو الإشكال ذاته في كثير من بلدان العالم الثالث، إذ يتم تغليب الانتماء المذهبي أو القبلي أو العرقي على الانتماء إلى الوطن. و الأحزاب في هذه الحال لا تحتاج إلى برامج سياسية، لأن الناخب سيصوت للطائفة أو القبيلة أو العرق، وليس للفكرة التي تتجاوز هذه الأطر ولا تتأطر إلا في الوطن. وهذا ليس لوما لجماعات المعارضة، لأنهم محكومون بأجواء ربما تفرض عليهم التأطر في هذا الإطار.
وعليه، فإن مطالبتنا بقانون متطور يسمح بالأحزاب السياسية التي تستطيع الوصول إلى السلطتين التشريعية والتنفيذية يجب أن تتواكب مع حركة ثقافية وتدريبية تنقلنا من واقع غير صحيح إلى واقع أفضل منه، وإلا فإن وجود قانون متطور أو عدم وجوده متساويان في الأمر. ففي حال استمرار الأطر الطائفية والقبلية والعرقية، فإننا نقصد بالعمل السياسي تلك الأنشطة "الامتعاضية" التي تقترب من العمل في شركة خاصة مملوكة لصاحبها، وتعمل فيها مجموعة من الناس الذين قد يمتعضون من أمر ما، ولكن كل هذا إنما يتم ضمن علاقات رب العمل بمرؤوسيه.
إن علينا أن نتعاون فيما بيننا على أساس أن الجميع "شركاء" في وطن واحد، يجتمعون على أساس المواطنة أولا، وهذا يتطلب جهدا كبيرا ومتواصلا لكي نصل إلى مستوى الحزب السياسي، ونطالب بقوانين متطورة تدعم العمل الوطني الذي يوصل أصحابه إلى الس
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1070 - الأربعاء 10 أغسطس 2005م الموافق 05 رجب 1426هـ