العدد 1070 - الأربعاء 10 أغسطس 2005م الموافق 05 رجب 1426هـ

التأكيد على كون الفعل الثقافي دعامة للتنمية

في افتتاح الدورة الـ 27 لموسم أصيلة الثقافي

أصيلة - المصطفى العسري 

تحديث: 12 مايو 2017

بمتابعة إعلامية عربية ودولية مكثفة وبحضور دبلوماسي عربي وإفريقي وأوروبي، وباحتضان ودعم مالي غير مسبوق من قبل جهات ثقافية ومالية واقتصادية محلية وعربية وإفريقية وأوروبية، افتتحت عشية يوم الجمعة الماضي فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي في دورته السابعة والعشرين الذي تنظمه مؤسسة منتدى أصيلة في الفترة ما بين 5 و19 أغسطس/ آب الجاري.

وتميزت الجلسة الافتتاحية للموسم بتلاوة رسالة وجهها العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى المشاركين في المنتدى تلاها مدير ديوانه محمد رشدي الشرايبي.

وبالنظر إلى دورة هذه السنة يسيطر عليها الهم الإفريقي من خلال ندوة "غدا إفريقيا... أي غد أية إفريقيا"، فقد أكد محمد السادس في رسالته أن "المرور إلى بناء مستقبل إفريقي قوي الأركان، يستجيب لتطلعات شعوبنا، بأكثر ما يمكن من الواقعية والحكمة والفعالية، لابد أن يمر عبر الاحترام الفعلي واللا مشروط، لوحدة الدول الإفريقية، واستقلالها وسيادتها على ترابها الوطني وبالإجماع من لدن دولها على مواجهة البلقنة والحركات الانفصالية"، معتبرا أن "الهدف الذي يجب أن تتوخاه جهود كل الفرقاء والفاعلين في القطاعين العام والخاص، وفي كل ورش العمل السياسي والاقتصادي والثقافي والإعلامي، من أجل إفريقيا ناهضة من كبوتها، قوية بأبنائها، هو اعتماد إصلاحات بنيوية عميقة"، مبرزا أن هذه الإصلاحات البنيوية تقوم على ثلاثة مرتكزات هي "التنمية الشاملة للموارد البشرية، والتحديث للهياكل والمؤسسات الوطنية، وإشاعة الديمقراطية وحقوق الإنسان، والمواطنة الإيجابية والتضامن الفاعل".

وتدخل خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى - الذي يشارك فيه عدد كبير من المبدعين والباحثين والمفكرين والإعلاميين من إفريقيا والعالم العربي وأوروبا وأميركا - كل من أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة وزير خارجية المغرب محمد بن عيسى، ووزير الثقافة والشاعر محمد الأشعري ووزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية محمد نبيل بن عبدالله والسفيرة المندوبة العامة للمغرب لدى منظمة اليونيسكو عزيزة بناني.

وهكذا أجمع المتدخلون في كلماتهم على أن الفعل الثقافي يشكل دعامة أساسية للتنمية الشاملة، ومدخلا لبناء مجتمع الديمقراطية والحرية والتسامح، معتبرين موسم أصيلة تجربة رائدة في هذا المجال.

فقد ذكر أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة محمد بن عيسى أن أصيلة كانت منطلق "تكريس الفعل الثقافي اللامركزي وترسيخ ثوابت الديمقراطية المتمثلة في الحوار البناء والحق في الاختلاف وتعددية الرؤى والمواقف والمشارب"، موضحا أن الموسم مارس منذ دورته الأولى العام 1978 سياسة الانفتاح على الآخر ومد الجسور مع العالم الإفريقي والعربي والإسلامي، وكذا مع آسيا وأميركا اللاتينية، كما أسس لحوار جدي ومتجدد بين الشمال والجنوب، لتكون أصيلة وراء أول مبادرة لما يسمى اليوم بحوار الثقافات. وأضاف بن عيسى أن مهرجان أصيلة طرح ضرورة اعتماد القطاع الثقافي والإبداعي كقطاع أساسي وكعنصر محوري ضروري في المخططات التنموية، إذ أصبحت المدينة نموذجا للمقاربة التنموية المتكاملة لتطوير ظروف المواطنة والمواطن المعيشية والبيئية والروحية.

وخلص إلى أن "مشروع أصيلة" يعد "رهان الأجيال الصاعدة التي نأمل أن تتابع المسيرة وتواصل النضال الثقافي حتى تسهم مدينتهم ومؤسستهم في إقامة عالم جديد خال من الإرهاب الفكري والمادي تسوده روح الديمقراطية".

من جهته، أشاد وزير الإعلام المغربي نبيل بن عبدالله بأهمية الأسئلة الثقافية والمعرفية التي تطرحها فعاليات الموسم والتي تلامس جملة من القضايا الراهنة، تهم المنتظم العالمي والإقليمي معتبرا أن ملتقى أصيلة نموذج عملي يجسد الحوار والتواصل بين الثقافات من خلال مراهنته على توسيع مساحة الفكر النقدي وترسيخ قيم التسامح. كما رأى في أصيلة تجربة متميزة في توظيف الفعل الثقافي كآلية لإعادة هيكلة المدينة.

واستعاد وزير الثقافة المغربي الشاعر والصحافي محمد الأشعري في تدخله مسيرة موسم أصيلة الذي "راهن منذ البداية على المدى البعيد"، ملاحظا كيف استطاع القائمون على مهرجان أصيلة أن "يبنوا على هذه الأرض قصة مثيرة من تاريخنا الثقافي"، مشيرا إلى أن هذه المدينة أنتجت جيلها من الفنانين والكتاب، إذ نمت وتعايشت في مشاغلها الفنية تجارب وإبداعات من مختلف المشارب والجغرافيات. وشدد على أن هذا التلاقح والحوار شرط لا محيد عنه لبناء الحداثة الحقيقية.

أما مدير دار ثقافات العالم بباريس شريف خازندار فقد سجل الرهان الصعب الذي انخرط فيه رواد مهرجان أصيلة، في وقت كان ينظر فيه إلى الثقافة كمادة للتسلية، ليجزم بأن المهرجان ربح الرهان وأعطى الدليل على أن "بإمكان الثقافة أن تغير المدينة، أن تغير الحياة". ووصف المدينة بأنها "مهد للكلمة والفكرة الحرة"، وأرض للقاءات الخصبة التي تجمع بين جغرافيات العالم على طاولة الحوار والتبادل.

ويتضمن برنامج الدورة الحالية تنظيم ندوات الدورة العشرين لجامعة المعتمد بن عباد الصيفية في الفترة ما بين6 و18 أغسطس/آب الجاري عن موضوعات "غدا إفريقيا... أي غد أية إفريقيا" بين 6 و7 أغسطس/آب، و"التراث المشترك المغربي الإسباني وآفاق مستقبل العلاقات بين البلدين" يومي 8 و9 أغسطس/آب، و"الموسيقى في عالم الإسلام" يومي 10 و11 أغسطس/آب، و"الإسلام من منظورنا ومنظور الآخرين" أيام ،12 13 و14 أغسطس/آب.

كما يشمل البرنامج محور "الرواية المغاربية في الاتحاد المغاربي والمهجر" أيام ،16 17 و18 أغسطس/آب، إضافة إلى تنظيم الدورة الثانية لجائزة الرواية العربية "محمد زفزاف" يوم 18 أغسطس/آب، بالإضافة إلى العروض الفنية وورشات تشكيلية وعروض موسيقية بمساهمة فرق من إسبانيا، تشيكيا، باكستان، تركيا، البرتغال، النمسا، ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، اليونان والمغرب.

يذكر أن موسم أصيلة لهذه السنة يلقى دعم عدد من المؤسسات العربية والإفريقية والأوروبية والمغربية الثقافية منها والمالية والاقتصادية والسياسية، وعلى رأسها صندوق الكويت للتنمية وزارة الإعلام والثقافة لمملكة البحرين، إدارة الثقافة لدولة قطر، وزارة الثقافة المغربية، أمنيوم شمال إفريقيا "أونا" المكتب المغربي الشريف للفوسفات، البنك الإفريقي للتنمية، البنك المغربي للتجارة الخارجية، البنك المركزي الشعبي المغربي، الخطوط الملكية المغربية، اتصالات المغرب، ميديتيل، مجموعة دول الصحراء والساحل، وزارة الثقافة الإسبانية، وزارة الخارجية الإسبانية، وزارة الخارجية الإيطالية، الحكومة الأندلسية، سفارات ألمانيا والنمسا والمعاهد الثقافية لكل من إسبانيا والبرتغال وإيطاليا في الرباط





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً