ارتفعت أسعار المنتجات الاستهلاكية في الأسواق المحلية، ويتوقع أن تصل إلى 25 في المئة، وشملت الزيادة منتجات مثل السكر والحبوب ومنتجات الألبان والحليب.
واشتكى كثير من المواطنين من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وطالبوا الجهات المعنية بالتدخل لخفض الأسعار.
وأرجع تجار ورجال أعمال ارتفاع الأسعار إلى سياسة التجارة العالمية التي تمنع تقديم الدعم للمحصول الزراعي عند تصديره، إلى جانب تدهور المحصول لدى بعض الدول المنتجة نتيجة الأزمات والحوادث السياسية وارتفاع أسعار النفط وأسعار التأمين وأسعار الشحن، والفروقات بين العملات التي ترتبط بدورها بشكل كبير بأسعار المحروقات وزيادتها.
الوسط - عباس المغني
أكد تجار ورجال أعمال أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يعود إلى سياسة التجارة العالمية التي تمنع تقديم الدعم للمحصول الزراعي عن تصديرها وتدهور المحصول لدى بعض الدول المنتجة نتيجة الازمات والحوادث السياسية إلى جانب ارتفاع أسعار النفط، ارتفاع أسعار التأمين، ارتفاع أسعار الشحن، والفروقات بين العملات التي ترتبط بدورها بشكل كبير بأسعار المحروقات وزيادتها.
وقال رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للتجارة وصناعة الأغذية إبراهيم زينل: "ان أسعار بعض المواد الغذائية الأساسية ارتفعت نتيجة إعادة دول الاتحاد الأوروبي سياسة الدعم في تصدير السلع الأساسية ومن ضمنها السكر والحبوب ومنتجات الألبان والحليب".
وأضاف زينل أن الاتحاد الأوروبي سابقا أنشأ صندوقا بين الدول المشتركة في الاتحاد لمصلحة المزارع ودعم السلع الغذائية عندما يتم تصديرها للخارج، فكانت الدول المستوردة كدول الخليج تستفيد من هذا الدعم إذ إن سعر طن السكر في الأسواق الأوروبية نحو 500 دولار بينما الدول المستوردة تشتريه بـ 350 دولارا.
وعن هدف سياسة الدعم عند تصدير المنتجات قال زينل: "ان سلع السكر والحبوب والالبان وغيرها كانت دول الاتحاد الأوروبي تدعمها على أساس تصدير أكبر كميات للخارج إلى جانب تحقيق أرباح للمزارع".
وذكر رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للتجارة وصناعة الأغذية أن الدعم الذي تقدمه الحكومات للسلع عند التصدير أوقف نتيجة لاتفاقات التجارة الدولية والضغوط التي تستخدمها الدول الكبيرة وخصوصا في الفترة الأخيرة بعد أن أصدرت المحكمة الدولية حكما بعدم قانونية الدعم لبعض السلع عند التصدير.
وأشار زينل إلى أن ثلاث دول وهي البرازيل واستراليا وتايلند رفعت قضية أمام المحكمة الدولية لمن دعم تصدير السكر وربحت القضية بعد أن أصدرت المحكمة قرارها، وبالتالي أضطرت الدول الأوروبية اتخاذ قرار بتقليص نسبة الدعم تدريجيا لإنهائه حتى العام 2006 الأمر الذي زاد من ارتفاع الأسعار وبالذات السكر إضافة إلى أسعار منتجات الألبان كحليب البودرة والزبدة... ابتداء من الربع الأخير من العام الماضي وطوال هذه الأشهر الماضية.
وأكد زينل أن سعر السكر في الأسواق العالمية ارتفع عن 25 في المئة من مطلع يناير/ كانون الثاني وحتى الآن. مشيرا إلى أن مملكة البحرين كجزء من المنظومة الدولية متأثرة بالساحة العالمية وبالتالي ارتفاع الأسعار في البحرين حسب دلالات المؤشرات الحالية.
وأوضح رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للتجارة وصناعة الأغذية أن منع اتفاق التجارة العالمية الدعم الحكومي عند تصدير بعض السلع له جانب سلبي وايجابي. اما السلبي فيتمثل في الدول غير المنتجة للسلعة نفسها كمنطقة الخليج إذ تتأثر بزيادة كلفة أسعار السلع لكونها تعتمد على الاستيراد ما يجعلها تتحمل التكاليف الفعلية للمنتج إلى جانب التكاليف الاضافية كتكلفة النقل وخصوصا أن أجرة البواخر في ارتفاع مستمر منذ 6 أشهر نتيجة ارتفاع أسعار النفط ومشتقاته ما يضيف كلفة إضافية على سعر المنتج النهائي.
أما الجانب الايجابي فيقول زينل: "إن الدول المنتجة للسلعة التي لا تستطيع المنافسة سابقا ستتمكن من منافسة الدول الأخرى التي سترتفع أسعارها نتيجة لإزالة الدعم الحكومي وبالتالي ارتفاع السعر العالمي".
وأرجع زينل السبب الرئيسي لارتفاع الأسعار إلى تغيير الاتحاد الأوروبي سياسة الدعم للسلع الغذائية عند التصدير. وقال: "ان التجارة الحرة من هذه الناحية ستكون نتائجها سلبية لنا، ونتوقع بعد خمس سنوات أن تدفع كل دولة السعر الفعلي للمنتج". وأضاف "كان المواطن الأوروبي يدفع السعر الفعلي بينما كنا نستفيد من عملية الدعم في الخارج".
وأشار زينل إلى سياسة الدعم للمملكة للسلع الأساسية كاللحوم والقمح والطحين عموما لا تتطابق مع اتفاق التجارة العالمية وأن مبالغ الدعم التي تتبعها الدولة هي مخالفة للسياسة العامة لاتفاق الدول.
أما عن الازمات التي قد يخلقها ارتفاع الأسعار كما حدث في بعض الدول فقلل زينل من حدوثها. وقال: "ان البحرين مملكة نفطية ويمكنها تعويض هذه الارتفاعات على اعتبار أن ارتفاع أسعار النفط يؤدي إلى تنشيط الحياة الاقتصادية وبالتالي ارتفاع مستوى دخل الفرد بما يمكنه التكيف مع الأسعار". وأضاف "يجب ترك الأسعار تأخذ منحى الاتجاه الطبيعي للكلفة الفعلية".
ومن جهتها، قالت رئيسة جمعية حماية المستهلك زينات المنصوري إن ارتفاع الأسعار ليست من مصلحة المستهلك وتؤدي إلى زيادة عدد الأفراد تحت خط الفقر ويجعل المستهلك غير قادر على إشباع حاجاته الأساسية.
وأضافت المنصوري أن المواد الغذائية سلع ضرورية ومهمة لحياة المستهلك وله الحق في إشباعها ولابد من حماية المستهلك من ارتفاع أسعارها. وقالت: "نسمع أن الاقتصاد المفتوح وقوانين العرض والطلب والتجارة الخارجية وارتباط العملة بالدولار وارتفاع أسعار النفط كلها ستكون في صالح المستهلك عبر انخفاض الأسعار وزيادة دخله، لكن لم نجد شيئا على أرض الواقع".
وذكرت المنصوري أنه من المفترض انخفاض الأسعار إذا كانت المحصلة النهائية تتعلق بموضوع العرض والطلب في ظل تدفق السلع إلى البلد. مشيرة إلى أن المواطن البحريني كان يأمل أن تنخفض الأسعار عند انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية.
وركزت المنصوري على أن تكون زيادة الأسعار ضمن توافق بين التاجر والمستهلك إذ إن التاجر يريد تحقيق أرباح والمستهلك يريد تحقيق إشباع حاجياته من السوق الخارجية بحكم الارتباط الاقتصادي التبعي. مشيرة إلى وجود إشكال في العملية الاقتصادية بحاجة إلى دراسة ومناقشة لحماية المستهلك، وقالت: "ان السوق الخارجية تخلق لنا أزمات وتداعيات في أوضاع الأسواق عموما".
ودعت رئيسة جمعية حماية المستهلك إلى إيجاد آلية تضمن عملية البيع والشراء وتحقق للتاجر والمستهلك كل حاجياتهما. وقالت: "عندما يستورد التاجر بضاعته ويعلن سعرها، عندئذ يكون ملزما بالسعر المعلن". وتساءلت عن إعلان التاجر أسعار البضاعة وعن آلية رفعه الأسعار وعن الوعود لفتح الأسواق. كما دعت إلى زيادة الشفافية ومعرفة الضرائب المتعلقة بالسلع ومعرفة تحقيق التاجر أرباحا أو لا.
وأعربت المنصوري عن أسفها لارتفاع الأسعار التي ستكون في النهائية ضريبة يدفعها المستهلك العادي من دون تحقيق اشباعاته وبالتالي زيادة الأفراد تحت خط الفقر داخل المملكة.
وعن شكاوى المواطنين قالت المنصوري: "الجمعية تلقت الكثير من الشكاوى من قبل المستهلكين، وأن أكثر من 90 في المئة منهم يطالبون بالتدخل لخفض الأسعار مع العلم أن الجمعية ليس بمقدورها عمل ذلك لأنها ليست جهة حكومية مختصة وكل ما تستطيع فعله ممارسة الضغط على الجهات المعنية".
وأوضحت رئيسة جمعية حماية المستهلك أن الجمعية تقوم باتصالات مكثفة مع إدارة حماية المستهلك بوزارة الصناعة والتجارة باعتبارها شريكا في حماية المستهلك لحل الشكاوى ومعالجة ما يمكن عمله إذ تم تشكيل لجان ثنائية لمعالجة الكثير من القضايا.
ودعت المنصوري الجهات المعنية إلى أن تضع في الاعتبار مصلحة الوطن إلى جانب حقوق التاجر وحقوق المستهلك في إشباع حاجياته عبر إيجاد آليات معينة كالاقتصاد الحر وقانون العرض والطلب وغيرها من الأمور التي يمكن أن تخدم الجميع.
ومن جهته، قال رجل الأعمال البحريني المعروف فيصل جواد: "إنه طبقا لمنظمة التجارة العالمية "WTO" ترفض أميركا أن يدعم الاتحاد الأوروبي المحصول الزراعي عند التصدير باعتبار أن المحصول المدعوم سيكون سعره أقل من سعر المحصول نفسه لباقي الدول التي لا تقدم دعما ما يؤدي إلى منافسة غير متكافئة بينها".
وأضاف جواد أن سياسة الاتحاد الأوروبي للمحصول الزراعي تهدف إلى تمكين المزارع من تصدير محصوله بأسعار تنافسية حتى لا يخسر كل جهده...
وأرجع جواد السبب الرئيسي لارتفاع أسعار السكر إلى أوضاع البلدان المنتجة للسكر إذ إن الدول المنتجة تمر بظروف بيئية أو سياسية تؤدي إلى تدهور المحصول.
وذكر أن السكر في المملكة ليس عليه ضرائب وأن الربحية في المواد الغذائية الأساسية بسيطة جدا لا تتعدى 3 إلى 5 في المئة في أكثر الأحوال، وأن ارتفاع الأسعار يتعلق بمصدر المواد الغذائية وتدهور المحاصيل الزراعية فيها بسبب الحوادث السياسية والأزمات.
وأوضح جواد أن كلفة النقل عند استيراد المواد الغذائية يزيد من أسعارها بنسبة بسيطة جدا. وقال: "أعتقد أن نسبة الشحن ضئيلة جدا مقارنة باستيراد كميات كبيرة من المواد الغذائية، وإن كانت هناك زيادة في الأسعار فإنها تتعلق بسعر المحصول أكثر من شيء آخر".
وكان الوكيل المساعد للمواصفات بوزارة الصناعة والتجارة أحمد بوبشيت في وقت سابق قال لـ "الوسط": "إن الزيادة في أسعار السلع الاستهلاكية في الشهور القليلة إن وجدت فهي محدودة وطبيعية جدا ولا تثير أي تخوف".
وكشف بوبشيت أن عدد الشكاوى التي تلقتها الوزارة منذ بدء العام الجاري 2005 بلغت 68 شكوى تمت تسوية غالبيتها، بينما بلغت الشكاوى التي تم تلقيها في العام 2004 نحو 200 شكوى تم أيضا الوصول إلى تسوية فيها بين المستهلك والتاجر فيما لم تسنح الفرصة في عدد منها للتوصل إلى حل فوصلت إلى القضاء للحسم فيها.
وصرح بوبشيت بأن الوزارة تشدد حملتها التفتيشية على الأسواق للتأكد من مراعاة السلع المعروضة للقوانين والضوابط، إذ إن الوزارة وضعت حديثا جدولا صباحيا ومسائيا للتفتيش على المحلات والأسواق في مختلف مناطق المملكة. كما عمدت الوزارة إلى زيادة ساعات التفتيش في الأسواق والبقاء فيها لأكثر من ساعة للتأكد من عدم وجود تجاوزات والتدقيق على الأسواق الكبيرة بشكل أكبر من الأسواق الصغيرة. وأضاف أن الوزارة تقوم بدراسة الأسعار ومقارنتها على فترات متباعدة لتحديد نسب الزيادة.
ولفت بوبشيت إلى وجود عدد من المتغيرات التي قد تطرأ على الظروف المحيطة والتي قد تجتمع وتتسبب في زيادة نسبية في الأسعار، منها: ارتفاع أسعار النفط، ارتفاع أسعار التأمين، ارتفاع أسعار الشحن، والفروقات بين العملات التي ترتبط بدورها بشكل كبير بأسعار المحروقات وزيادتها. موضحا أن عددا من السلع وخصوصا الأسماك وبعض المنتجات الزراعية تخضع لمتغيرات موسمية طبيعية تحدد الأسعار.
وبين بوبشيت أن التدخل القانوني المباشر له ضوابط، إذ تتدخل الدولة في المغالاة، واستغلال بعض الظروف أو الأوضاع لزيادة الأسعار بشكل غير معقول. نافيا في الوقت نفسه وجود مغالاة في الأسعار في هذا الوقت.
وأضاف بوبشيت أن الحكومة سعت إلى دعم عدد من السلع الغذائية الأساسية والاستراتيجية مثل الطحين واللحوم، إذ تعتبر أسعار اللحوم في البحرين من أرخص الأسعار مقارنة بدول المنطقة، لافتا إلى أن الدعم الحكومي للحوم بلغ 6 ملايين دينار، بينما بلغت المبالغ التي تقدمها الدولة لدعم الطحين 3 ملايين دينار.
وأشار بوبشيت إلى أن مملكة البحرين تعتبر دولة مستوردة للسلع الاستهلاكية، فبالتالي هي عرضة بشكل أكبر للتقلبات ما يؤثر على أسعار السلع بصورة أكبر فيما لو كانت الدولة تصنع السلع التي تستهلكها ذاتيا
العدد 1069 - الثلثاء 09 أغسطس 2005م الموافق 04 رجب 1426هـ