العدد 1068 - الإثنين 08 أغسطس 2005م الموافق 03 رجب 1426هـ

السودان بعد رحيل قرنق

عزوز مقدم Azzooz.Muqaddam [at] alwasatnews.com

لا شك في أن فقد السودان لنائب الرئيس السوداني، قائد التمرد السابق، جون قرنق كبير للغاية. فالرجل اتجه أخيرا نحو السلام، وخاطب الجماهير بصوت وحدوي وتنموي واعد. لكن بعد اندلاع أعمال العنف في عدة مدن سودانية في أعقاب إعلان مقتله، اكتنفت عملية السلام الهشة الشكوك من كل جانب.

لقد خسرت البلاد رجلا قويا كان يمكن أن يدفع بها إلى الأمام من خلال شخصيته الحيوية ونفوذه على حركته المسلحة التي غالبية ضباطها ذو ميول انفصالية عن الشمال. فالرئيس عمر البشير فتح قلبه لقرنق وعاشا فترة قصيرة "21 يوما" في القصر الرئاسي لم يختلفا وفقا لتصريحات الأول على أية قضية مركزية تمت مناقشتها معا. وكان البشير متفائلا بنائبه الراحل من أجل أن يوطد علاقات السودان العامة مع المجتمع الدولي وخصوصا الغرب الذي مازال يفرض عليه عقوبات اقتصادية.

بدأ قرنق حركته بالتحالف مع الاتحاد السوفياتي آنذاك وتودد للغرب حتى خطب ود مجلس الكنائس العالمي، بينما أدخلت منظمات حقوق الإنسان وهيئات الإغاثة اسمه إلى مراكز اتخاذ القرار في البيت الأبيض الأميركي. ولذلك كان وجوده في حكومة وحدة وطنية - كان من المقرر تشكيلها في مثل هذا اليوم - مهما للغاية، وكان وجوده ضروريا من أجل كسب ثقة الدول المانحة التي تعهدت بأربعة مليارات دولار لإعادة إعمار ما دمرته الحرب. وكانت للراحل تحالفات مع دول إفريقية معادية للسودان وعد بإعادة العلاقات معها. كما له تحالفات مع قوى سودانية معارضة استطاع أن يلين مواقفها. وطبعا سيؤدي فقده إلى تأخير في تنفيذ اتفاق السلام، ويحد من الآمال في التوصل إلى حل النزاعين في دارفور والشرق.

على أن اختيار حركته المكلومة لرفيقه سلفا كير ليحل محله يصب في مصلحة السلام، وأعتقد في مصلحة الوحدة أيضا على رغم أن كير عرف عنه أنه كان أكثر تطرفا من قرنق في الدعوة إلى انفصال الجنوب. لكن عزاء السودانيين في أن تتجه بلادهم إلى الوحدة في الاستفتاء بعد ست سنوات، هو وجود جنوبيين قياديين في حزب المؤتمر الوطني الذي يتزعمه البشير. إذ سيسعى الرئيس السوداني إلى تقوية هؤلاء القياديين الجنوبيين لمخاطبة جماهيرهم في الأقاليم الجنوبية بأن يصوتوا للوحدة. ويتطلب ذلك طبعا الكثير من العمل في مجال التنمية الاقتصادية، علاوة على تنفيذ اتفاق السلام الموقع مع الحركة الشعبية بحذافيره لتتجنب البلاد اندلاع تمرد آخر، ليس بالضرورة أن يكون هذه المرة جنوبيا

إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"

العدد 1068 - الإثنين 08 أغسطس 2005م الموافق 03 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً