شهدت جمعية الوفاق خلال الشهور الماضية حوارات داخلية "دسمة" ونوعية مقارنة مع الفترات الماضية، وازدادت الحوارات مع اصدار "قانون الجمعيات السياسية" الذي بدأ يضغط باتجاه اتخاذ مواقف محددة تجاه القضايا الرئيسية المطروحة على الساحة.
سابقا، كانت الحوارات منحصرة في اطار مجلس الإدارة، أما في الفترة الأخيرة فقد بدأت الهيئة الاستشارية تؤثر كثيرا في حوارات "الوفاق". وكانت الهيئة قد اجتمعت قبل نحو اسبوعين وقررت تشكيل لجنة لدراسة خيارات "الوفاق" تجاه قانون الجمعيات. ولكن الهيئة كانت أكثر حزما من الماضي أيضا، اذ نصحت بعدم اللجوء الى "الحل الذاتي"، كما طرحت آراء بشأن المشاركة في الانتخابات البرلمانية أو الاستمرار في المقاطعة، وفوائد كل منهما.
هذه الحوارات من شأنها أن تحدد مسيرة جمعية الوفاق، وخصوصا ان على الجمعية ان تجهز نفسها للانتخابات الداخلية التي ربما تنعقد في نهاية العام الجاري أو مطلع العام المقبل. ولأن الجمعية لديها شارع عريض، وربما يصعب توفيق الآراء اذا ازدحمت القضايا، فإن هناك مؤشرات إلى احتمال لجوء قيادة الوفاق إلى الرموز الدينية لحسم القرارات في هذا الشأن أو ذاك.
إنني من الذين يأملون في ان تتمكن الوفاق من اتخاذ قراراتها من خلال تنضيج عملها المؤسسي لكي تستعد إلى العام المقبل، سواء كانت ستشارك أم ستقاطع.
على أي حال، فإن هناك الانتخابات البلدية التي شاركت فيها الوفاق العام 2002 ونجحت في ايصال نحو 22 من اعضائها ومؤيديها إلى المجالس البلدية التي تحتوي جميعها على 05 عضوا والوفاق ترأس ثلاثة مجالس بلدية من أصل خمسة. وقد نصحت الهيئة الاستشارية الوفاق بالاستعداد للدخول مهما كانت نتيجة القرار بشأن البرلمان. وكانت هناك حوارات عن اشراك المرأة في لائحة مرشحي الوفاق، ويبدو ان هناك خلافا بشأن هذا الأمر بين رأي يرى أن اشراك المرأة في العمل البلدي لا يناسبها، وبين من يرى ضرورة المضي في برامج تدريب المرأة والرجل على العمل البلدي مع الاستفادة من تجربة الفترة الحالية.
شارع "الوفاق" يشكل ضغطا كبيرا على الجمعية، والتعامل مع جمهور كبير تبدو صعوبته أكثر عندما تزداد الظروف تعقيدا، كما شاهدنا في الفترة الأخيرة. ولكن هذا الجمهور لديه الآن تجربة عدة سنوات وهناك بوادر تشير الى ان الانتخابات المقبلة - اذا استمرت الأمور من دون تعقيدات أخرى - قد تنتج عنها إدارة تستطيع ان تحسم رأيها في القضايا الصعبة. وفي حال تعقد الأمور، فإن المجلس العلمائي الذي يتزعمه الشيخ عيسى قاسم قد يدخل على الخط ويحسم الأمور في هذا الاتجاه أو ذاك. وكان عدد من قياديي الوفاق قد اجتمع قبل نحو شهرين مع الشيخ عيسى قاسم والسيدعبدالله الغريفي لتداول الآراء، وطرحت أيضا مختلف وجهات النظر. ومثل هذه الاجتماعات قد تبدو انها على جانب الطريق حاليا، لكن في حال تعقدت الأمور فانها ستصبح هي الاطار الذي من خلاله ستتخذ القرارات.
إننا نأمل ان تتواصل حوارات الوفاق بهدف الدفاع عن مصالح الوطن ومصالح الذين ينتمون الى الشارع السياسي الذي تمثله الجمعية، وان تسير عملية تحديد الخيارات بصورة مقبولة للقائمين على أمر الجمعية، وان تتجه الأمور نحو تأكيد - وليس تهميش - دورها في الشأن العام
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1068 - الإثنين 08 أغسطس 2005م الموافق 03 رجب 1426هـ