العدد 2419 - الإثنين 20 أبريل 2009م الموافق 24 ربيع الثاني 1430هـ

العسومي ومصطلحات النيابي

محمد عباس mohd.abbas [at] alwasatnews.com

رياضة

لم أتعجب كثيرا من القرارات التي اتخذها الاتحاد البحريني لكرة السلة ضد النادي الأهلي على رغم غرابتها بقدر ما تعجبت من المصطلحات التي يستخدمها رئيس الاتحاد النائب عادل العسومي لتوضيح أسباب العقوبات القاسية باتفاق الجميع، كون هذه المصطلحات لم تستخدم باعتقادي سابقا من قبل أي مسئول رياضي كبير أو صغير أو من قبل أي صحافي أو متابع للشأن الرياضي، لأنها باختصار ليست لها أي علاقة بالرياضة لا من بعيد أو قريب.

عبارات مثل أن «القرار الذي اتخذته وطني»، و»أريد أن أنزع الطائفية من الرياضة»، و«الوطن فوق الجميع»، وكلمات مثل «الولاء»، و«صدام حسين» و«بن لادن»، وغيرها الكثير من خليط عجيب غريب لم نقرأ مثله من قبل طوال تعلقنا بالرياضة التي مثلت المتنفس لشعب هذا الوطن الأبي بكل فئاته ومن مختلف أطيافه.

فالأندية الرياضية المحلية هي مثال حقيقي للتعايش السلمي والحب والود والولاء للوطن، لأنها المكان الوحيد ربما الذي تعمل فيه جميع الأطياف والفئات من دون أي مشكلات منذ تأسيس الرياضة في مملكة البحرين.

فالأندية وخصوصا النادي الأهلي المستهدف بهذه القرارات الغريبة هو خليط متجانس بإدارته ولاعبيه وجماهيره، والجميع يعمل كتفا بكتف ويدا بيد من أجل هذا الصرح، وبقية الأندية هي على المنوال ذاته من دون أن نسمع أحدا يطلق كلمات أو تصريحات بمثل ما أطلقه العسومي.

الكلمات التي يستخدمها النائب العسومي في تصريحاته هي أقرب للتصريحات السياسية التي يستخدمها أعضاء المجلس النيابي ويتفوهون بها في جلسات المجلس، هناك حيث الصراعات واللعبة السياسية لكسب الأصوات وحتى لو تطلب ذلك إثارة الغرائز الطائفية أو العرقية، أما محاولة إسقاط هذه المصطلحات على الواقع الرياضي فإنها تبدو كالنشاز تماما لا تنطبق مع هذا الواقع.

الرياضة ليست لعبة سياسية، بل هي أداة للتقارب والمودة والتنافس الشريف، ومحاولة تحميل الأمور أكثر مما تحتمل ليس في مصلحة أحد، لأن ذلك يفسد الرياضة والسياسة معا ولا يصلحها.

تمهلت كثيرا في الكتابة المباشرة عن قرارات اتحاد السلة الأخيرة وفضلت متابعة ما يكتبه الزملاء من آراء مختلفة، وما يتفوه به العسومي في تصريحاته لأقف على طرف المشكلة الحقيقي، لأن ما حدث كان مفاجئا للجميع كون هذه الشيلات وغيرها تردد منذ سنين طويلة ولم يعترض عليها أحد، وإذا كانت هذه الشيلات غير مناسبة فإن أسلوب المعالجة لم يكن أبدا ما انتهجه اتحاد السلة.

اتحاد اليد وعلى رغم اتخاذه قرارات مشابهة بحق نادي الشباب إلا أن ما أعجبني فيه أنه ابتعد تماما عن التصريح أو تبرير هذه العقوبات في اعتراف ضمني منه بأن قراراته مفروضة ولا علاقة له بها وبالتالي فإن محاولة تبريرها أشبه بخداع النفس ففضل الصمت وهو خير من الكلام.

لا أعرف لماذا حملت الأمور أكثر مما تحتمل في مثل هذا الوقت بالذات، ولا أعرف ما الداعي للخروج بمثل هذه التصريحات والمانشتات البعيدة تماما عن الرياضة، فالعسومي يقول: «أنا أحب أهل البيت (ع)» ومن يكرههم يا سعادة النائب، وما الداعي لإثارة هذا الموضوع في شأن رياضي بحت؟

فما يقال في المدرجات الرياضية من شيلات مختلفة تقال في الأفراح والأعراس وفي مناسبات كثيرة هي تعبير ثقافي بسيط ليس له أي مدلولات سياسية أو طائفية أو غير ذلك، وهي تعبير عن الفرحة أكثر منها تهجما على أحد، ولم يتحسس منها أي كان على مدار السنوات الماضية، وإن كان هناك من أخطاء فيما يردد من شيلات فإن هذه الشيلة التي بنيت عليها كل هذه المشكلة ليست الوحيدة في هذا المجال بل هناك الكثير مما يقال في المدرجات من سب وشتم والتعرض لأعراض الناس وكل ذلك يحتاج إلى معالجة وليس فقط هذه الشيلة.

كان الحري بمن هو وراء هذا القرار أن يبدأ بحملة لترشيد السلوك الجماهيري عموما من خلال الحوار والإقناع والخطوات المتدرجة، لأني قلت للعسومي شخصيا وبعد المباراة الأولى للمحرق أمام الأهلي في النهائي بأن لا تفرض الأمور بالقوة وإنما بالحوار والتدرج ومن خلالهما سيمكن علاج أي مشكلة لنفاجأ بقرارات انفعالية تستفز الجمهور وتزيد الطين بلة، لأن الطريقة الانفعالية سواء في المنصة الرئيسية أو في أسلوب اتخاذ القرار تعقد الأمور أكثر مما تحلها، والأدهى من ذلك أن تعقبها تصريحات تخلط الحابل بالنابل، وكأننا في حلبة سياسية ولسنا في رياضة وما قيل من تبرير للعقوبات هو أكبر منها وجرنا إلى مواقع أبعد ما تكون عن الرياضة، فدعوا الأمور تهدأ وانتقوا مصطلحات رياضية قانونية، واتركوا السياسة للبرلمان!

إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"

العدد 2419 - الإثنين 20 أبريل 2009م الموافق 24 ربيع الثاني 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً