بعث القارئ علوي الخباز من سكنة قرية كرانة رسالة يشكو فيها الحال الذي وصلت إليه كرانة ليس فقط كقرية بل كمنطقة مكتظة بالسكان قضي على حزامها الأخضر، كما هو بحرها الذي حلت به جرافات الدفان من كل جهة، فلا عاد هناك زرع ولا نخل ولا سمك ولا حتى مساكن تحترم إنسانية مواطن هذه القرية المنسية، ولا تاريخ جذوره في أرض زرعها آباؤه وأجداده وعاش من خيراتها.
الخباز تباكى على قديم هذه القرية التي لاتزال رغم جهود أحد النواب فما تبقى من مساحات خضراء أصبحت مشاريع خاصة لأحدى المؤسسات، فازداد همّ أهالي القرية وهم ينتظرون حلم المساكن في قريتهم، لكن ما من أحد يسمع لهم ولا للعشوائية التي أعمت أصحاب الجيوب الذين لا حدّ له ليس فقط في كرانة التي تصارع الموت في قلب أحيائها، ولكن أيضا في العشوائية التي قضت على شكل قرى البحرين بشكل عام ليصبح كل شيء جديد لكن بطريقة مبعثرة.
لقد تغير شكل هذه القرى إلى أكوام من المباني والطوابق المتناثرة ليكون شكلها قريبا من عشوائيات بعض الدول العربية التي قهرت أصحابها ظروف فرضت عليهم دون خيار آخر، لأسباب لن نقارنها مع حجم مشاكل البحرين الداخلية، لكن من الواجب أن توجد الحلول المناسبة من قبل الجهات المعنية بالدولة وأيضا من قبل نواب مجالس البلدية المنتخبين. إن فوضى المناطق أصابت الجميع وهي اليوم انتقلت عدواها إلى القرى كما هو حال الحزام الأخضر والهواء العليل الذي كان يميز طبيعة قرى شارع النخيل.
فالمشكلة بدأت أولا مع أحياء المنامة القديمة التي تستوطنها اليوم أعداد كبيرة جدا من الآسيويين التي قضت على شكل وهوية هذه الأحياء مما دفع أهلها لهجرها إلى مناطق أخرى مثل المحيطة للقرى الشمالية وغيرها.
وحتى شارع البديع ما عاد اسم على مسمى من بعد أن حلّت مجمعات تجارية وأسواق مكان النخلة البحرينية التي اقتطعت رغما عنها. بعض أشجار النخيل التجميلية بدأت تزرع من جديد على طول الشارع إلا أن هذا لا يمنع القول إن تلك الجهود المشكورة من قبل وزارة شئون البلديات والزراعة مازالت متواضعة أمام الكوارث البيئية التي حلت بالمناطق الزراعية.
رسالة القارئ علوي الخباز طويلة ومؤثر ويكفي أن نختم المقال بجزء منها «أما من جهة البحر فالقضية قد تكون أسوأ، فقد علم أبناء القرية أن آلات الحفر والدفن تقترب منها ومن ثم يتم بيعها لبناء العمارات الشاهقة، ولا نصيب لهذا الشعب المسكين منها، لا سمكا ولا هامورا يأكلون ولا بيتا يسكنون. لقد ملّ هذا الشعب وأصابه الغثيان وكان شغله الشاغل في المجالس الكلام والتبرم وإلقاء اللوم على المسئولين في المملكة. لذا نهيب بمن يهمهم الأمر إلى تلافي هذه المشاكل قبل استفحالها ومن ثم يصعب علاجها».
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 2419 - الإثنين 20 أبريل 2009م الموافق 24 ربيع الثاني 1430هـ