تواتر الاعتصامات والمسيرات في المملكة "كان أخرها مسيرة العاطلين الجمعة الماضي" أعطى انطباعا سيئا عن مملكة البحرين ومواطنيها عند الشعوب الأخرى، فما أن تذكر بلدك الأم وأنت في الخارج إلا وسئلت عن بعض الجهات الشعبية ودوافع خروجها في مسيرات واعتصامات مناهضة للحكومة، وهنا عليك أن تسرد القصة منذ بداية الخلاف الدستوري وصولا للجنة العاطلين عن العمل.

لا يمكن نكران دور وأهمية الاعتصامات أو المسيرات أو حتى الإضرابات العمالية كوسائل سلمية للتعبير عن الرأي، مكفولة في الأعراف والمواثيق الدولية، ولكن يبدو أن كثرتها بشكل ملحوظ خلال الثلاثة الأعوام الماضية تسبب في إضعاف العمل السياسي، فعلاوة على أن الحكومة لا تحبذ كثيرا هذا النوع من وسائل التعبير وتفضل الجلوس على طاولة المفاوضات، إلا أن بعض الجهات الأهلية ما زالت متمسكة برأيها ومصرة على أن يكون لردود فعلها المختلفة صدى دولي وجماهيري، وهو الأمر الذي لا ترغب فيه السلطة التنفيذية، إذ ترى فيه تشويها لصورة المملكة وللمسيرة الإصلاحية لجلالة الملك.

ما من شك في أن الجهات الشعبية بحاجة إلى مراجعة خطابها والأدوات التي تستخدمها للوصول لمبتغاها، فبعد العريضة الدستورية وما تبعها من إعتصامات واحتجاجات ومطالبات، لم نلمس تحريك أي ساكن فما زال الدستور مثلما هو لم يتغير، واليوم نعايش رفض مماثلا لقانون الجمعيات واستخدمت من أجله كل وسائل الرفض إلا أن القانون أقر بعد بصمه من قبل النواب والشوريين، ولو عدنا للوراء فسنكتشف أن لغة الاعتصامات ما عادت مجدية بالنسبة لواقعنا المحلي، فهي وسائل مؤثرة وفاعلة وتشكل عنصر ضغط في البلدان الأوروبية، إلا أنها غير ذلك في البلدان العربية التي غالبا ما تؤثر لغة الحوار واللف على الموائد المستديرة.

تكرار الفعل ذاته يؤدي إلى جمود في رد الفعل، ويعزز هذا القول مثال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة التي تهدف أحيانا التأثير في سلوكيات الجماهير، فتعمد إلى بث رسائل معينة بصورة مكثفة، تزايدها ربما يؤدي إلى عدم اكتراث المتلقين وبالتالي تجاهل الرسالة، والتحذير هنا لمختلف الجهات بأن لا تجعل من التركيز على وسائل تعبير محدودة، أداة لقتل وتكبيل طموحها المنشود