العدد 1067 - الأحد 07 أغسطس 2005م الموافق 02 رجب 1426هـ

منهج الحركة أبعد ما يكون عن الانقلاب أو الانتهازية السياسية

قيادي بارز في حماس:

محمد بوفياض comments [at] alwasatnews.com

أكد قيادي بارز في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن الانسحاب الاسرائيلي ثمرة المقاومة ولن يكون على حساب بقية حقوقنا، مشيرا إلى أن منهج الحركة أبعد ما يكون عن الانقلاب أو الانتهازية السياسية.

وأكد عضو القيادة السياسية في حركة حماس إسماعيل هنية ان حماس واثقة من أن غزة ستكون بارقة أمل لشعبنا في مسيرة التحرير ومسيرة التعمير، موضحا أن حركته ستعمل مع كل أبناء الشعب الفلسطيني في السلطة والقوى على حماية هذا الإنجاز الوطني وترسيخه كمقدمة لتحرير بقية الأرض، وستجعل من مستقبل القطاع نموذجا للشعب الفلسطيني العظيم في قدرته على مواصلة مسيرته المظفرة، مع تأكيد حماية وحدة الأرض والشعب.

وأضاف هنية "أن غزة لن تكون أولا وأخيرا ولا نقبل ان يكون الانسحاب من غزة على حساب القدس والضفة وبقية الحقوق، وسنعمل صفا واحدا من أجل حماية ميراثنا الوطني وحقوقنا المشروعة في الحرية والعودة والاستقلال".

واكد هنية "في حديث للصحافيين أن المرحلة التي تلي الانسحاب الإسرائيلي هي الاهم في مسيرة الشعب الفلسطيني فالتحديات الداخلية والخارجية عظيمة، وستكون في بؤرة الحدث العالمي، موضحا ان حماس تسعى مع الجميع إلى تقديم صورة نموذجية وتتطلع إلى توافق وطني حتى لا يتحول الانسحاب إلى كارثة.

وقال القيادي في حماس: "إن الشعب الفلسطيني سينعم بتحرير جزء غال من أرضنا المحتلة، الذي جاء ثمرة المقاومة والصمود والعطاء والآلام والتضحيات، فقد رسخت المقاومة جذورها، وفرضت على العدو الاندحار بعد أن رزحت هذه الأرض تحت ظلم المحتل ما يقارب العقود الأربعة".

وأضاف "اننا اليوم على أعتاب نصر تاريخي وان كان البعض يحاول تقزيمه أو حرفه عن السياق التاريخي لحركة الصراع مع الاحتلال، التي قادتها الأجيال المتعاقبة وصولا إلى انتفاضة الأقصى المبارك التي فرضت تراجعات استراتيجية في طبيعة المشروع الصهيوني، وتحرير القطاع وشمال الضفة ترجمة لأهم أهداف المقاومة في تحرير الأرض واستعادة كامل الحقوق".

وأشار هنية إلى أن البعض "يراهن على الاقتتال والفوضى وعدم القدرة على إعادة إعمار ما دمره الاحتلال، وهؤلاء هم الظلاميون الذين يحطمون قدرات هذا الشعب وإبداعاته" موضحا ان "العدو يسعى إلى سرقة أفراحنا، وطمس إنجازنا في التحرير والصمود، ويرغب في إظهار الانسحاب على أنه تكتيك إسرائيلي يهدف إلى حماية مشروعه الاستراتيجي، وهناك سيناريوهات يرسمها الأعداء والشامتون لشعبنا لإظهارنا كرعاع تحكمه الفوضى وتسيطر عليه الغرائز والجشع، وهناك مظاهر يسعى العدو إلى تلافيها وهي عدم تمكين شعبنا الفلسطيني وفصائله المقاومة من إظهار موقعها المتقدم في تحقيق هذا الإنجاز، وينزلق البعض في ساحتنا وللأسف إلى هذه الهاوية، من خلال بروز جانب العامل الأمني والإجراءات الميدانية التي توحي وكأن هناك شعبا يعيش في العصر الحجري وسيفلت من عقاله فور الانسحاب ليهلك الحرث والنسل".

وعبر القيادي في حماس عن استغرابه مما وصفها عملية التحشيد التي تهدف إلى أن تضرب طوقا بشريا حول المستوطنات المحررة وذلك عبر التوظيف للآلاف للقيام بمهمة السور البشري، والتدريبات والتعليمات ونشر ثقافة التخويف التي تقوم بها بعض الجهات الرسمية في خطوة استباقية لترسيخ سياسة التفرد والاستئثار "والتكويش" وتسخير الامكانات لتحقيق مكاسب ضيقة، وقطع الطريق على مساحات العمل المشترك، مؤكدا ضرورة الاحتفال بهذا النصر الكبير، والتعبير الوطني والمنظم لإظهار فرحة الشعب في الانعتاق من الظلم والاحتلال.

ودعا إلى أن يتم ذلك "بشكل منظم ومنضبط يعكس الصورة الحضارية الراقية لشعبنا ومقاومته وللقيم التي تربينا عليها".

وعن سلاح المقاومة وتشكيلاتها الشرعية، قال هنية: "هذا ما نريد التأكيد عليه في ظل الصيحات الإسرائيلية والمعادية المطالبة بنزع سلاح المقاومة ورفع الشرعية عنه وملاحقة المجاهدين والمناضلين، وهذا الموقف يندرج في سياق المخطط الإسرائيلي لنزع عوامل الصمود التي يمتلكها شعبنا، والتخطيط لنقل الصراع إلى ساحتنا الداخلية، والتغطية على فشله في حسم المواجهة عسكريا وأمنيا مع شعبنا، وهذا يحتم علينا تأكيد ثوابتنا في مشروعية المقاومة وحماية سلاحها وتشكيلاتها المختلفة كأساس نبني عليه في تحقيق تطلعات شعبنا في التحرير، ولا أعتقد ان السلطة الفلسطينية وهي التي تعرضت لمآسي الاحتلال يمكن أن تلجأ إلى المساس بالمقاومة وشرعيتها، وللفصائل الفلسطينية موقف موحد إزاء هذا الموضوع كذلك".

وأضاف "نحن ننتمي إلى حركة وسطية الفكر وموصوفة بالاعتدال في النهج والسلوك، ولم نلجأ إلى المنهج العنفي أو الانقلابي من اجل الوصول إلى التغيير، بل اعتمدنا منهجية هادئة وتجنبنا الاحتكام إلى العنف الدموي، لأننا لسنا من أصحاب هذا الفكر أو التوجه".

وأعرب هنية عن استغرابه للمواقف التي صدرت أخيرا التي كانت تؤشر على منهجية انقلابية لدى الحركة، واضاف "من يطلع على ميثاق الحركة ويتابع أدبياتها وسلوكها السياسي والميداني حتى في اللحظات الحرجة التي مرت بها الساحة سيكون أكثر قناعة بعدم صحة هذه الاتهامات".

وذكر ان حركة حماس وقفت أمام محطات معينة في الوضع الفلسطيني الداخلي وكان بإمكانها تغيير قواعد البنية الفلسطينية، ولكنها لم تشأ ان تفعل ذلك وتمسكت بطهرها السياسي، ولم تغلب المصالح الخاصة على العامة، ولم تقبل اللعب على المتناقضات أو استغلال الظروف، بل ساهمت ومن موقعها ومسئوليتها الوطنية في رأب الصدع وتخفيف الاحتقانات وحمل المطالب على محاملها الوطنية سواء في الإصلاح والتغيير أو في محاربة الفساد.

واضاف ان حركته توجت هذا المسار باعتمادها الخيار الديمقراطي والمشاركة السياسية والتداول السلمي واحترام التعددية السياسية والمشاركة في الانتخابات على أساس ان صندوق الاقتراع وحده المعبر عن الارادات الشعبية في الاختيار والتمثيل.

وأوضح هنية "لم نتوصل إلى اتفاق بشأن اللجنة الوطنية للتعامل مع ملف الانسحاب، على رغم مرور شهور على الحوار في القاهرة ودمشق وغزة، وقد طرحت أفكار كثيرة ولكنها حبيسة ولم تر النور بما فيه اعتبار لجنة المتابعة الجهة المشرفة على ذلك، لأن البعض يريد لجنة لا تملك صلاحيات لا في القرار ولا في التنفيذ".

وجدد هنية موقف حماس القاضي "بضرورة تشكيل لجنة وطنية للإشراف على ملف الانسحاب وإظهار الصورة الحضارية لشعبنا"، معتبرا أن هذه اللجنة ليست بديلا عن السلطة ولا هي إدارة مستقلة للقطاع بل هي جهة وطنية جامعة تكون مهماتها وضع الضوابط الوطنية التي تحكم التصرف في الأرض وغيرها وتتابع التنفيذ الدقيق لما يتم الاتفاق عليه، وتساهم في الاستثمار الأمثل للانسحاب من خلال لجان متخصصة تتابع مع اللجان الفنية التي تعمل في الوزارات ذات الاختصاص "ولكن للأسف لم نصل إلى تفاهم على هذا الأمر، مع أن الانسحاب بدأ فعليا وأصبحنا على اعتاب الاستحقاقات الوطنية، وهناك غموض يلف مستقبل الأيام على هذا الصعيد فالسلطة كبقية الدول القطرية في حقبة الخمسينات والى السبعينات تحرص على حماية الرموز التي تحافظ عليها، وكأن هناك من يتنازع معها على السلطة، وذلك بدلا من الانخراط الجدي والفعلي في حوار معمق يفضي إلى ترتيب البيت الفلسطيني، وهذا بالمناسبة في مصلحة السلطة بالدرجة الأولى".

و أضاف "غير أن كل الحوارات السابقة لم تفض إلى شيء بسبب رفض التعاطي مع المعروض من قبل الحركة، ما ينعكس سلبا على طبيعة وفلسفة العمل المشترك وهذا الأمر لا يبشر بخير".

وقال هنية إن حركته ستلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس حال عودته الى القطاع، موضحا أن هذا ما تم على هامش الاحتفال بذكرى ثورة 23 يوليو / تموز الذي أقامته السفارة المصرية في القطاع، وان هناك الكثير من الملفات والقضايا التي تحتاج إلى قرار وموقف رئاسي تنهي الضبابية والتردد، وتضع حدا للاستحواذ الممهور بمقولة "كل من في إيده له".

ونوه إلى خطورة تكريس نظام الإقطاع على حساب الشعب المغلوب "بل وعلينا قطع الطريق على الاستيطان الاقتصادي الذي يحضر للقطاع والذي يلوح في الأفق بتدخل الصندوق الدولي والشركات الكبرى والمشروعات الخاصة"، مضيفا أن اللقاء مع الرئيس عباس سيبحث كذلك في الشأن الداخلي وحقوق المواطنة إذ إن الحرمان الوظيفي بسبب الانتماء السياسي آخذ في الاتساع وهذا ما يسبب قلقا بالغا من عدم القدرة على العيش ونيل الرزق من قبل المواطنين، هذا إلى جانب عملية استبعاد غير علنية في بعض الأجهزة الأمنية تحت حجج ضعيفة.

وتابع هنية "ولأن المشروع التحرري لم يكتمل بعد وأمامنا مشوار صعب وطويل، والأقصى والقدس في خطر جراء سياسة العزل والتهويد والعزل عن محيطها الفلسطيني والعربي والإسلامي، هذا يستوجب الانتباه من أجل حمايتها واستردادها، ولا تقل أهمية عن ذلك قضية الأسرى في سجون الاحتلال الذين يعانون من سياسات القمع والذل والحرمان".

وأضاف أن حماس حريصة على السير في طريقين الأول استكمال مشروع التحرر من الاحتلال، والثاني طريق البناء وإعادة اعمار ما دمره الاحتلال، موضحا انه لن يكون أحدهما على حساب الآخر، مع قناعتنا بأن التحرير ضروري لينعم شعبنا بالحرية ويتمتع بالقدرة على الاعمار والبناء والتواصل الجغرافي والإقليمي والدولي.

وذكر هنية "ان حماس عودت أبناء شعبنا بأنها تكون حيث تكون مصلحته في المسار الجهادي أو السياسي، وترسيخا لذلك فإن الحركة ستتصرف في المرحلة المقبلة بدرجة عالية من المسئولية الوطنية حتى يتم إنجاز الانسحاب ولجم آلة العدو وتوجهاته العدوانية ضد شعبنا"، وقال: "نحن نقاوم من أجل شعبنا ونهدئ من أجل شعبنا، وبندقيتنا مبصرة وهي في أيد أمينة وطاهرة، ولذلك لم تنحرف بندقية المجاهدين ولم تقطع طريقا أو تقتل بريئا، أو تساهم في إشاعة الفوضى أو الفلتان"، محذرا من خطورة الحوادث التي وقعت خلال الساعات الماضية التي تؤشر على حال مدانة، وطالب السلطة بتحمل مسئولياتها في وضع حد لهذا الفلتان "الذي يضر بشعبنا ويسيء إلى مقاومته وسلاحه الجهادي".

وقال هنية: "كثرت الإشاعات في الآونة الأخيرة التي تهدف إلى المساس بصورة الحركة وصدقيتها تمحورت حول التحضير للسيطرة على القطاع، وتجهيز آلاف البزات والسيارات العسكرية وإعداد جيش سري للسيطرة على المستوطنات وما إلى غير ذلك" مؤكدا أن دخان هذه الإشاعات ستبدده الوقائع على الأرض، فالإشاعات إنما تهدف إلى الإساءة والتحريض على الحركة والاستقواء بالخارج، وابعد من ذلك تبرير الخطوات الانفرادية الجارية على الأرض، وأضاف أن "الحركة لم ترد على هذه الإشاعات لأنها لا تستحق الرد، غير أنها تنبه إلى خطورة الاتكاء عليها من قبل البعض لتنفيذ ما سبق ذكره".

وقال ان حركته ولدت من رحم شعبها ولشعبها وهي ليست في خندق العداء مع أحد، وترى أن الانسحاب هو إنجاز للجميع، وهي تحرص على الابتعاد عن الاقتتال والصراعات ومن هنا فقد سارعت إلى تطويق الحوادث التي وقعت مع السلطة في الآونة الأخيرة وعقدت اجتماعات عدة مع الإخوة في قيادة فتح وبقية الفصائل من أجل نزع الفتيل ومعالجة الأسباب التي أدت إلى اندلاع الحوادث

العدد 1067 - الأحد 07 أغسطس 2005م الموافق 02 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً