العدد 1066 - السبت 06 أغسطس 2005م الموافق 01 رجب 1426هـ

المواطن بين تخمة الحديث في الديمقراطية السياسية وهزال الإصلاح الاقتصادي

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

لست مفتونا بالسياسة ولا أحب أن أخطب ودها، أهتم بها لكن لست مولعا بها بقدر ولعي في الاشتغال بالتنمية الاقتصادية والثقافية. وفي عالمنا العربي هناك إهمال في الحديث عن الإصلاح الاقتصادي، وكل الحديث يدور حول الديمقراطية السياسية على رغم يقيننننا أن الناس لا تأكل شعارات سياسية لا من عند الحكومة ولا الأحزاب. وكما يقول أحد الكتاب العرب: "الناس إذا مرضت فإنها تريد الذهاب إلى مستشفى نظيف وليس إلى مقر حزب معارض". لا أريد أن أطلق الرصاص على السياسة أو أمارس قراءة تبسيطية للأمور. السياسة مهمة ولكن الولع بها يجب ألا يكون على حساب التنمية. وفي قراءتي للحياة أجد أجندتي في ذلك: تعليم، اقتصاد، سياسة وليس العكس، لأن التعليم العالي سيقود إلى الاستقرار المالي، والثاني سيقود إلى التفكير السليم، هنا تأتي جدلية الثروة والمعرفة، وكل ذلك لا يكون إلا بالواقعية "Realism". الواقعية هي التي تذيب شحوم الرومانسية السياسية، الواقعية هي التي تجعلنا نقترب من المشهد بدلا من الحلم، والرؤية بدلا من الذاكرة، تبعدنا عن الوعي المعكوس في قراءة الحدث، فتح النوافذ بدلا من اختراع الأقفال. إن عملية استحضار الماضي وأمجاد الماضي عملية غير مكلفة، غير متعبة لا تحتاج إلى جهد أو تعب، أم التفكر فإنه ينطلق من الشعور بأعباء الحاضر في محاولة لتدارك المستقبل. كل الخوف هو من قراءة المشهد السياسي قراءة تبسيطية بلا تدقيق في التعقيدات وفي أنظمة المصالح، والسياسة لا تأتي بالأمنيات وبالرومانسية والشعر. ومتى نقترب من الواقعية؟ عندما نقرأ الأشياء كما هي لا كما نتمنى ونحلم ونريد، نقرأ السياسة أن هناك مراكز قوى، أن هناك نظام مصالح، أن هناك تغيرات عالمية وإقليمية، أن هناك حساسيات قومية ومذهبية، أن هناك اتفاقات، أن هناك مصالح متبادلة، أن هناك براغماتية دولية متبادلة تحكمها مصالح اقتصادية وأمنية وسياسية، فيجب أن يفهم اللاعب موقعه من كل هذه التعقيدات. الآن نحن أمام مطالب كثيرة... سكن وبنى تحتية وتعليم وبعثات، وإهمال لمعوقين وبطالة ورواتب متدنية... الخ. كيف نقوم بعلاجها؟

بالصراخ في المجالس الخاصة، أو عراك الديكة في الديوانيات؟ كل ذلك لن يغير شيئا. لابد من دخول الساحة، كل الساحات بلا استثناء، وإلا فإننا كلنا سنصبح شركاء في الهزيمة. الحصول على عشرة في المئة مع الاستمرار في المطالبة بالعشرين والثلاثين أفضل ألف مرة من رفض العشرة والبقاء على حصير الصفر. مادمت تشاهد المباراة من خلال النافذة أو شاشة التلفاز، لا تحلم بأن تسجل هدفا، بإمكانك أن تطلق قصيدة شعر رومانسية مع المباراة أو قصيدة هجاء ضدها، ولكن كل ذلك لن يغير شيئا من المعادلة لأنك خارج المعادلة. هذه قواعد عامة أقرأها في كل حقل، حقل الصحافة، النقابة، السياسة... في كل شيء أن تكون موجودا ولو بقوة 20 في المئة خير ألف مرة من أن تكون خارج المعادلة. وكل ذلك يتأتى بالواقعية التي تعني فن الممكن والتوازن الذي يعني الاعتدال والوسطية، هو الذي يقودنا إلى التغيير، ومنهج الاعتدال منهج الإمام علي "ع" وهو القائل: "ومجتني الثمرة لغير وقت إيناعها، كالزارع في غير أرضه".

سياسة حرق المراحل ووضع كل البيض في سلة واحدة. لسنا في نهاية التاريخ كما يقول فوكوياما، ولكن يجب أن نفهم أيضا أننا في الوقت الضائع والتاريخ لن يرحم أحدا. يقول علي "ع": "وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق وأعمها في العدل".

يجب أن ننتقد الدولة في أخطائها ويجب أيضا أن ننصفها في أية إيجابية ولو كانت صغيرة، وحتى بالنسبة إلى المجتمع أنا لا أؤمن بتلك المقالات التي تعمل على صناعة الكراهية ودوس الناس بالأحذية الثقيلة... في المجتمع إيجابيات كبيرة يجب أن نستثمرها ونحركها وطنيا، لهذا ينبغي أن نعيد تأسيس اجتماعنا على المواطنة بأسلوب حضاري منصف للجميع. هناك تراكمات سياسية لا تزول بالأمنيات، على الحكومة أن تقدم للناس الخبز والكرامة وستحصد مزيدا من الاحترام، وعلينا نحن أن نبتعد عن أي شعار أو خطاب مفخخ يزيد من أزمة الثقة. البحرين قدرنا وخيارنا، مستقبلنا وحاضرنا وماضينا، لابد من إيصال المسجات المطمئنة من كل الأطراف. الاعتدال ينطبق عليه القول المأثور: هناك ثلاثة آراء أقيم لها أكبر الوزن، رأيك ورأيي والرأي الأفضل. إذا لا يقينيات في السياسة.و

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 1066 - السبت 06 أغسطس 2005م الموافق 01 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً