العدد 1066 - السبت 06 أغسطس 2005م الموافق 01 رجب 1426هـ

اسمحوا لي أن أنقذ حياة هذا الحيوان!

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في الثالث من أغسطس/ آب نصب محمود أحمدي نجاد "رسميا" رئيسا للجمهورية الإسلامية الإيرانية في حفل حضره مرشد الثورة السيدعلي الخامنئي ورؤساء السلطات الثلاث، وكذلك رؤساء السلطات الرقابية الأخرى "الخبراء والصيانة والتشخيص" بالإضافة إلى ممثلين عن الحوزات الدينية وقيادات عسكرية من الجيش والحرس الثوري والبسيج.

وبتنصيب أحمدي نجاد يسدل الستار على عهد محمد خاتمي الذي قضى ثمانية أعوام رئيسا للجمهورية بكل ما فيها من حلو ومر ومتاعب مشكلة عهدا مفصليا في تاريخ إيران الحديث . كان خاتمي الذي وصل إلى السلطة عبر انتخابات مثيرة غريما حقيقيا لكل ما كان سائدا قبل حملته الانتخابية الأولى من أعراف وسلوكات سياسية ودينية في المجتمع والدولة، مؤسسا بذلك لأرضية جديدة توزعت عليه خريطة القوى التي تم فرزها على خلفية تراكمات محددة امتدت منذ انتخابات المجلس النيابي الرابع في العام 1992 والتي خرج منها اليسار الديني الراديكالي مهلهلا، إلا أن قراءة العهد الخاتمي لا يمكن توصيفها إلا بالتحقيب الآتـي:

1997 - 2001: وهي الفترة التي اتسمت بالراديكالية وحدة الاستقطاب والاحتراب بين التيارين الإصلاحي والمحافظ وقبلا بين حكومة الرئيس خاتمي وبين المجلس الخامس الذي كان يهيمن عليه اليمين التقليدي، ومنذ بداية هذه الفترة رفع خاتمي شعار التنمية السياسية أولا بديلا عن التنمية الاقتصادية التي أطلقها الشيخ الرفسنجاني في العام 1989 عندما شكل حكومة الإعمار الأمر الذي أفضى إلى تبدلات هائلة في الأولويات وفي الخطاب السياسي وارتجاجات خطيرة لقوى النظام والثورة، أضف إلى ذلك اتسمت تلك الفترة باختزال أعمى للقوى الإصلاحية في تيار عرض لا يلتقي إلا في معاداة المحافظين، ولم تعد الخطوط الفاصلة بين الإصلاحيين الدينيين والإصلاحيين العلمانيين واضحة، لذلك فقد تحمل خاتمي الكثير من المتاعب، اضطرته إلى الوقوف أحيانا برمادية ذكية وأخرى بلون النظام الذي ينتمي إليه عندما تصطك الأسنة كموقفه من مظاهرات الطلبة الجامعيين في طهران في العام 1999 أو من قضية منتظري في العام 1997 و.2000

2001 - 2005: وفي هذه الفترة أعاد خاتمي التوازن من جديد إلى حكومته ولأولوياتها، حين أخذ في التركيز على النواحي الاقتصادية التي تضررت "أو أهملت" بسبب تغليب الجوانب السياسية عليها، وبدأ في عملية غربلة وفرز لمن تدثروا بعباءة الإصلاح وبه شخصيا، كما أنه اهتم بملف تحسين العلاقات الخارجية لإيران مع دول الجوار والقارة السمراء ودول أميركا الجنوبية، فشهدت العلاقات مع قطر تطورات إيجابية عبر توقيع اتفاق مشروع "الأنبوب الأخضر" الذي يقضي بتوصيل مياه الشرب من نهر قارون جنوب إيران إلى قطر عبر خط أنابيب ضخم تحت مياه الخليج، كما تطورت العلاقات مع عمان عبر تفاهمات دفاعية وباتفاقات ذات طبيعة أمنية تتعلق بمكافحة التسلل والتهريب، ومراقبة الممرات البحرية، ومع الإمارات وعلى رغم الخلاف القائم بين الدولتين فإن حجم التبادل التجاري بينهما استمر على معدل 1,2 مليار دولار، ومع الكويت أيضا إذ ان تسوية مسألة الجرف القاري وحدود حقل الدرة البحري للغاز وإيصال المياه الطبيعية إلى الكويت كانت أبرز ملامح التقارب بين البلدين، كما أن العلاقات مع السعودية والبحرين هي الأخرى تحسنت.

الآن السيد خاتمي هو رئيس "سابق" لإيران، وعندما توجه قبل ثلاثة أيام لمصافحة الموظفين وتوديع الذين عملوا معه في قصر الرئاسة لمدة ثمانية أعوام، أرادوا ذبح ذبيحة أمامه لكنه رفض وابتسم، قائلا: "أرجوكم اسمحوا لي أن أنقذ حياة هذا الحيوان"!

* كاتب بحرين

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 1066 - السبت 06 أغسطس 2005م الموافق 01 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً