مر ثمانية وعشرون شهرا على احتلال العراق وما زال معظم أهل السنة يعتقدون ان بامكانهم استعادة مقاليد الحكم، فيما يشعر عدد كبير من أهل الشيعة أنهم مازالوا مضطهدين ومتهمين وغير واثقين من نجاحهم في ادارة البلاد، أما الأكراد فهم يستطعمون نشوة النصر على نظام صدام، ويحاولون الحصول على ثمن مساهمتهم الفاعلة في اسقاطه.
اذا فلكل عراقي عقدته، وهو يرى الآخر عدوا ينازعه على ماله، لا أخا يقاسمه في ما يملك.
وأمام كل هذه العقد المشحونة ببقايا الماضي تقف قوات الاحتلال عاجزة عن اثبات ما روجت له من ان العراق سيكون نموذجا لدول المنطقة، وعاصمة لمشروع الشرق الاوسط الكبير الذي يبدو انه مات قبل ان يولد.
فالوضع الامني في أسوأ حالاته منذ تأسيس العراق قبل 85 عاما وحتى الان، والوضع الاقتصادي من سيىء الى أسوأ، والخدمات الاساسية في تناقص مستمر.
والقوات الأميركية التي أعلنت قبل عامين انها لن تخرج من العراق قبل تحقيق ما جاءت من اجله تجلس الان مع المسئولين العراقيين لمناقشة تسليم بعض المناطق "الامنة" للحرس الوطني الذي يؤكد الجميع، انه غير قادر على فرض الامن في العراق. اذا فالاميركيون منسحبون وقبلهم البريطانيون، وسيبقى العراقيون بدون أي طرف ثان قد يساهم في تهدئة الاوضاع أو تأزيمها.
ولن يكون امامهم سوى خيارين، اما الاتفاق والتعايش او الاقتتال والحرب الطائفية التي لن تنتهي الا بمئات الالاف من القتلى وبسبع دول على الاقل.
أو أن يبادر أهل الشيعة، وهم الاقدر على ذلك، بنسيان الماضي الاليم وقيادة مشروع التآخي مع كل العراق ولاسيما أهل السنة الذين استفردوا بالسلطة 80 عاما من دون النظر الى مثل هذا اليوم وحينها ستحل كل العقد
إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"العدد 1063 - الأربعاء 03 أغسطس 2005م الموافق 27 جمادى الآخرة 1426هـ