لا أعرف من أين يستمد بعض علماء الدين الأفاضل تعقيداتهم في التعامل مع الإعلام، وكثيرا ما يدور في ذهني سؤال: هل من المعقول أن أولئك لا يعلمون مدى أهمية هذه القناة، وهل توجد فئة في العالم لا تستثمر الإعلام في ترويج مبادئها ومثلها؟ كثيرة هي الأمثلة التي يمكن التدليل بها على عدم تعاون بعض علماء الدين مع الإعلام، ونفورهم منه، نفور الغزال من الأسد، وكأن الإعلام فزاعة أو شبح مخيف يحظر الاقتراب منه.
إذا تم إيجاد العذر لبعض العلماء الأفاضل عندما يتحرزون من التصريح في بعض القضايا السياسية، فهل يمكن إيجاد العذر لهم عندما يتحرزون من التصريح في قضايا الأخلاق والدين الذي هو شأنهم المباشر، هذا ما لفت انتباهي أمس عندما حاولت "الوسط" الحصول على انطباع علماء الدين بشأن انتشار أقراص لألعاب "بلايستيشن" تعلم الأطفال الجنس إذ ان بعضهم نقلنا إلى آخرين، وآخرون تذرعوا بعدم "التصريح" بالقول: "إن الرأي الديني يحتاج إلى دقة"، ولست أفهم الدقة التي يتحدث عنها عالمنا الجليل في موضوع كهذا، صور إباحية تعلم الأطفال الجنس، بالصوت والصورة، وتباع في الأسواق جهرا، كما تباع المشروبات الغازية، والمياه المعدنية، هل الرأي الديني في مثل هذا الموضوع يحتاج إلى دقة؟
المشكلة التي يقع فيها علماء الدين الأفاضل أنهم يحذرون الناس من الغزو الإعلامي الأجنبي، إلا أنهم لا يسخرون وسائل الإعلام المتاحة، ليقوموا بعمل إعلامي مضاد، وبذلك تخلو ساحة الإعلام لغيرهم، يمارسون فيها ما يشاؤون، وأنى يشاؤون من تصدير الثقافة الغربية وخصوصا ما يفسد الأخلاق منها والتي بح صوت العلماء من انتقادها.
ستبقى الأقراص الإباحية، رائجة في الأسواق، وسيبقى أبناؤنا يقتنون المزيد منها، وستبقى سلع تدمير الأخلاق منتشرة في أسواقنا، لأن الغرب يسخر كل وسائل إعلامه المرئية منها والمسموعة، والمقروءة أيضا، من أجل تسويق ثقافته الرخيصة، وعلماؤنا يخشون حتى من التصريح للصحافة في شأن ذلك، فأين نحن، وأين هم؟
لا يمكن تعميم ذلك على جميع العلماء، فمنهم من يقدر دور الإعلام، ويحاول الاستفادة منه إلى أبعد الحدود ومنهم الشيخ جمعة توفيق، الذي مذ طرحت "الوسط" عليه الموضوع، سارع إلى إبداء رأيه، ورفض حتى إبدائه عن طريق الهاتف، وبادر في الحال إلى الحضور إلى الصحيفة، ليسلمها رأيه في الموضوع يدا بيد
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 1063 - الأربعاء 03 أغسطس 2005م الموافق 27 جمادى الآخرة 1426هـ