لكي نبتعد عن المزايدات، فالواجب نقل الحوار إلى جانب عقلاني مع واقع جديد تسبب فيه عدد من الأطراف بمن فيهم الجمعيات السياسية المعارضة. وقد كنت من أول من انتقد القانون وسأواصل انتقاداتي له، ولكني أيضا ادعو إلى الالتزام به لكي تكون المعارضة دستورية وقانونية ولكي لا نقع في مزيد من الاخطاء.
لقد خرجت مسيرة حضارية معارضة للقانون في يوم الجمعة الماضي "29 يوليو / تموز"، وهو عمل ينبغي أن نفتخر به لأن خروج مسيرات تعارض قوانين أمر غير معمول به في بلداننا العربية التي تسودها الدكتاتورية عموما. وبعد ذلك أصدرت وزارة العدل بيانا اعتبرت فيه المسيرة حقا قانونيا وأبدت وجهة نظرها بشأن ضرورة تسجيل الجمعيات التي تود ممارسة السياسة بحسب القانون الجديد.
القانون الجديد عليه تحفظات، من بينها طريقة طلب الاشهار، ولكن هذا ستعفى منه الجمعيات التي مارست العمل السياسي قبل اصدار القانون. وأسوأ شيء في طلب الاشهار هو تسليم مقاليد الأمور للوزير بحيث ان عدم رده على الطلب يعتبر رفضا للجمعية الجديدة.
تحفظ آخر يتحدث عن السن القانونية المحددة للانضمام في الجمعيات وهي واحد وعشرون سنة، ولكن هذا يمكن التعامل معه على أرض الواقع لأن هناك بدائل كثيرة تتوافر لمن يود ممارسة حقه إذا وجدت الجمعية السياسية المرخص بها.
أما بالنسبة إلى التمويل، فإن العرف السائد هو منع التمويل الخارجي للأحزاب السياسية. وهناك نماذج جيدة لدى بعض الدول، وهي أن موازنة الدولة تدفع بحسب نسبة فوز الأحزاب في الانتخابات البلدية والعامة. بمعنى إذا فاز حزب بنسبة 10 في المقاعد فإنه سيحصل على 10 في المئة من الموازنة التي يقرها البرلمان للأحزاب.
أما موضوع الحصول على تدريب مماثل لما تحصل عليه جهات عدة حاليا، فإن الجواب في السؤال... فتلك الجهات تحصل على التدريب والجمعيات ستحصل عليه بالطريقة نفسها أيضا، وإذا حدث منع فإن المنع سيشمل الجميع. ولكن موضوع التدريب من الصعب منعه مع الانفتاح الذي تنتهجه البحرين حاليا، ولذلك ينبغي عدم تضخيم الأمر.
أما بالنسبة إلى العلاقات مع الأطراف الأخرى، فهو أمر غير صحيح إذا كان الموضوع يتعلق بحضور وفد من هذه الجمعية أو تلك إلى مؤتمر سياسي لحزب في بلد آخر. ولكن أيضا طريقة معارضة مثل هذا الأمر تأتي بعد الاعتراف بالواقع الجديد والتعاطي معه وليس من خلال البقاء على هامش الحياة العامة.
الصحافة الحزبية أمر مختلف عليه أيضا. فالأحزاب في البلدان المتقدمة ليس لديها صحف، وانما لديها نشرات ومجلات ودوريات، وهذا أمر قائم حاليا ولن يتوقف. وإذا ارادت جمعية أن تصدر صحيفة يومية فما عليها إلا أن تقوم بتأسيس شركة خاصة بتلك الصحيفة.
القضية المهمة التي يجب الالتفات إليها، وهي معلومة وليست تحليلا، هي أن عددا من الجهات الخارجية المهمة التي تربطها علاقات صداقة مع الدولة لن تتعامل مع الجمعيات التي لا تسجل نفسها. فلقد سمعت بنفسي من عدد من الجهات بانهم لا يستطيعون التعامل مع جمعيات تقاطع البرلمان فكيف إذا كانت هذه الجمعيات غير مسجلة وليست لها صفة قانونية؟
نعم، ربما يتم التعامل مع الجمعيات التي لا تسجل، ولكن هذا سيكون من قبل بعض جماعات الضغط الحقوقية. ولكن الموضوع لن يفيد كثيرا، لأن الحكومة ليست متهمة حاليا بتعذيب معتقلين أو انتهاك لحقوق الإنسان بشكل يتطلب استمرار تلك الجهات في طرح الموضوع بصورة مؤثرة، أو على مدى طويل، وخصوصا أن الدولة لديها ردودها ايضا ولديها تبريراتها التي ربما تقنع بعض هذه الجهات الضاغطة.
مرة أخرى، هذا لا يلغي حق من يخالف القانون الاستمرار في مخالفته، ولكن الخشية هي في ارتكاب الخطأ القاتل وهو مقاطعة وزارة العدل التي ستنفذ القانون
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1063 - الأربعاء 03 أغسطس 2005م الموافق 27 جمادى الآخرة 1426هـ