العدد 1062 - الثلثاء 02 أغسطس 2005م الموافق 26 جمادى الآخرة 1426هـ

الدين والنظام السياسي البحريني

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

لم يكن غريبا البتة أن يبرز دور كبير وواضح للدين في النظام السياسي البحريني منذ التحول التاريخي قبل سنوات قليلة. والسبب في ذلك يعود إلى الخصوصية - طائفية التي يتميز بها المجتمع المحلي. مؤشرات كثيرة تدل على الدور المهم والخطير الذي يلعبه الدين في النظام السياسي، وأعتقد أنه يمكن رصد أبرزها في الآتي:

أولا: الدور المهم الذي لعبه علماء الدين في إقناع المواطنين بضرورة دعم مشروع التحول الديمقراطي في البلاد خلال العامين 2000 - .2001

ثانيا: الدور المهم الذي لعبه علماء الدين في إقناع بعض التيارات الفكرية المتحفظة على مفهوم الديمقراطية وتطبيقاته المختلفة، كما هو الحال بالنسبة لما حدث للتيار السلفي العام، عندما اقتنع تيار جمعية التربية الإسلامية ووافق على الدخول في العملية السياسية بعد إلحاح وإقناع شديدين من أحد أبرز علماء السنة.

ثالثا: الاستغلال والتوظيف السيئ لمبادئ الدين في الدعايات الانتخابية التي شهدتها الانتخابات البلدية والنيابية خلال العام .2002

رابعا: اعتماد بعض القوى السياسية على قرارات المؤسسة الدينية غير الرسمية من أجل تبرير عدد من القرارات الجوهرية التي اتخذها، كما هو الحال بالنسبة إلى استفتاء بعض قيادات الوفاق للعلماء حول جدوى المقاطعة والمشاركة.

خامسا: استغلال الدين من أجل تبرير بعض الممارسات الإقصائية، والإرهابية فكريا، كما هو الحال بالنسبة إلى توظيف الدين أثناء الانتخابات من أجل تحطيم شعبية المرأة البحرينية التي حرصت على المشاركة والالتزام بحقوقها السياسية والدستورية.

سادسا: سيطرة التيار السياسي الإسلامي بشقيه على المؤسسة التشريعية بعد مشاركة فاعلة للتيار في الانتخابات البلدية والنيابية.

سابعا: إقحام الدين في السياسة باعتبارهما كلا لا يتجزأ من خلال استغلال المؤسسات الدينية المختلفة للتعبير عن الرأي، والتأكيد على رفض الدين لبعض الممارسات الدنيوية التي تأتي في سياق سياسي. كما هو الحال بالنسبة إلى تعطيل بعض العلماء وشيوخ الدين إقامة صلاة الجمعة احتجاجا على إصدار قانون الجمعيات السياسية.

من خلال قراءة متأنية للمؤشرات السابقة يتضح أن النظام السياسي البحريني قد أصبحت من سماته الرئيسية وجود دور قوي ومؤثر للدين. وهذه الحقيقة تفرض جملة من التساؤلات، وهي: هل يتوجه النظام السياسي وهو في طور التشكيل مع التحول الديمقراطي لكي يكون نظاما ثيوقراطيا "حكم الدين" كالتجربة الإيرانية، أو التجربة الطالبانية في أفغانستان؟

أيضا هل تسعى المؤسسة الدينية إلى ممارسة دور كبير في النظام السياسي لكي تسيطر على تفاعلاته، وتصبح أقوى من مؤسسات الدولة إلى درجة تمكينها من القيام بمهمات الضبط الأمني والاجتماعي والثقافي؟

وما موقف السلطة من ذلك؟

كيف ترى القواعد الشعبية دور الدين في النظام السياسي البحريني؟

وما هي اتجاهاتها إزاء ذلك؟

إلى متى سيستمر الدين في ممارسة دور في النظام؟

وما مستقبل هذه الظاهرة؟

طبعا أسئلة كثيرة لا يمكن الإجابة عليها بشكل عفوي أو عبر إلقاء التحليلات من دون وجود بيانات كافية، وأدلة واضحة، ومعلومات صحيحة يمكن من خلال بناء عدة تصورات حول ظاهرة تزايد دور الدين في النظام السياسي البحريني. إلا أنه ينبغي القول إن دور الدين في النظام السياسي أصبح ذا حدين، فأحيانا يتم توظيفه من أجل تحقيق مكاسب، وفي أحايين أخرى يتم استغلاله من أجل تعزيز قوة ومكانة المؤسسة الدينية ومنتسبيها. ومقابل ذلك فإنه من النادر أن نلاحظ وجود دور إيجابي للدين في النظام السياسي البحريني حتى الآن على رغم الفرص الكثيرة والكبيرة المتاحة ضمن تفاعلات النظام ومدخلاته ومخرجاته، وهذا هو سؤال آخر بحد ذاته ينبغي الإجابة عليه

العدد 1062 - الثلثاء 02 أغسطس 2005م الموافق 26 جمادى الآخرة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً