في 6 أغسطس/ آب الجاري يؤدي الرئيس الإيراني المنتخب محمود أحمدي نجاد، اليمين الدستورية أمام مجلس الشورى الإسلامي ليصبح سادس رئيس جمهورية منذ قيام الثورة الإسلامية ومن ثم تكون أمامه فرصة أسبوعين لتقديم أعضاء حكومته إلى البرلمان للمصادقة عليها.
ومنذ فوز أحمدي نجاد في انتخابات الجمعة الثانية بنسبة 61,69 في المئة يدور في أروقة التيار المحافظ الكثير من الهمس بشأن الأشخاص الذين سيتوزرون في حكومة نجاد، فقد وردت أنباء على أن رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون السابق علي لاريجاني ربما تسند إليه وزارة الخارجية أو منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية أو ربما يعطى إدارة الملف النووي الإيراني الذي يشغله الآن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي حسن روحاني، بينما ذهبت إلى احتمال إسناد الخارجية إلى مساعد وزير الخارجية السابق محمود صمدي، وأن مساعد رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي ستوكل إليه وزارة الأمن باعتبار أن العرف والدستور يستوجبان أن يكون وزير المخابرات مجتهدا "بحسب التوصيف الفقهي الشيعي" وأن السيد جهرمي لوزارة الداخلية وحاجي بابائي لوزارة التربية وآجرلو لوزارة الرفاه وعباس بور طهراني لوزارة العلوم وصفا هرندي لوزارة جهاد الزراعة وحسن سبحاني لمنظمة الإدارة والتخطيط وإلياس نادران للاقتصاد وتابش لوزارة الإسكان وإنشاء المدن ورسول خادم لمنظمة التربية البدنية.
وإذا صحت تلك الأخبار فإن الحكومة المقبلة ستصطبغ بالمحافظة واليمينية الفاقعة الممزوجة بالبراغماتية الحذرة وبالتالي سيكون أول شعار رفعه نجاد وهو أنه سيشكل حكومة لكل الأشخاص الذين يفتخرون باللقب المقدس "إيرانيون" أمام امتحان صعب للغاية.
الأمر الآخر هو أن نجاد ومن خلفه "ائتلاف تعمير إيران الإسلامية" الذي ينتمي إليه تنظيميا ماض نحو استبعاد حتى الوجوه المحافظة التقليدية، فقد قال غلام رضا مصباحي المتحدث باسم رابطة علماء الدين المناضلين "روحانيت مبارز" إن تنظيمه لم يستشر ولم يؤخذ رأيه حتى الآن بشأن تشكيلة الحكومة القادمة، وإذا كانت الرابطة قد همشت إلى هذه الدرجة على رغم أنها تعتبر النواة الصلبة للتيار المحافظ التقليدي فإنه ومن باب أولى أن تكون التيارات الإصلاحية المعتدلة كروحانيون مبارز وكوادر البناء مستبعدة هي أيضا من التشكيلة المقبلة، وبما أن الكثير من التنظيمات والشخصيات المحافظة من بينها روحانيت وجمعية المهندسين وولايتي ورضائي قد دعموا رفسنجاني في الانتخابات فإن الدائرة ستضيق حتما بمن سيدخل الحكومة القادمة وهو ما سيسبب تكلسا وعزلة لها وخصوصا أن الأنباء الواردة من كواليس ائتلاف الإعمار تفيد بأن التغييرات في الأجهزة التنفيذية ربما تطول حتى المديرين من الدرجة المتوسطة وهو ما يعني خروج أكثر من 300 ألف مسئول تنفيذي من الحكومة.
على أية حال فإن الحكومة التي يسعى إلى توليفها أحمدي نجاد تحظى باهتمام وترقب داخلي وخارجي باعتبارها أول حكومة تشكل بعد هزيمة الثاني من خرداد وخروج منتسبيه من السلطتين التشريعية والتنفيذية معا، لذلك يتوجب عليه ألا يكرر ما قام به الإصلاحيون المتطرفون "عند وصولهم إلى السلطة" من عملية إقصاء راديكالية للأشخاص وفي تدوير المناصب، الأمر الذي دفع خصومهم للدخول معهم في معركة حياة أو موت، كما أنهم تحملوا "أي الإصلاحيين" كل الاخفاقات التي وقعت فيها الحكومة بما فيها تلك الخارجة عن إرادتهم "كالأزمة التي نتجت عن انخفاض أسعار النفط" الأمر الذي أدى إلى ذهاب ريحهم وهزيمتهم في الانتخابات الأخيرة.
* كاتب بحريني
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 1062 - الثلثاء 02 أغسطس 2005م الموافق 26 جمادى الآخرة 1426هـ