العدد 1062 - الثلثاء 02 أغسطس 2005م الموافق 26 جمادى الآخرة 1426هـ

التعاطي مع قانون الجمعيات السياسية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

عدد من التحفظات التي أبدتها الجمعيات السياسية الرافضة لقانون الجمعيات السياسية قابلة للنقاش والتفاوض عندما تتأسس جسور للثقة بين مختلف الأطراف. وعلى الجمعيات التي تود أن تعمل في قضايا الشأن العام أن تتعامل مع الأمور بواقعية بدلا من جر نفسها إلى زاوية حرجة لا تستطيع الخروج منها وقد تقود نفسها إلى الالغاء الذاتي أو الالغاء القانوني، وهو أمر لو حصل - لا سمح الله - لن يفرح من يعمل من أجل نظام أكثر ديمقراطية وينمو اقتصاديا بصورة مستديمة.

وكيل وزارة العدل الشيخ خالد بن علي آل خليفة ليس مشرعا، وانما هو منفذ للقانون، وقانون الجمعيات السياسية أصبح ملزما له بصفته الجهة التنفيذية المعنية، وملزما للجمعيات التي تود ممارسة العمل السياسي بصفتها الغاية من إصدار القانون. وعليه فإن الجمعيات السياسية ليست موفقة إذا استمرت في عدم تعاطيها مع وكيل وزارة العدل، وخصوصا أنه يبدو من حديثه أنه على استعداد للتعاطي بقدر المستطاع مع متطلبات القانون.

هناك المطلب المطروح وهو أن على الجمعيات أن تتقدم بطلب رسمي "بناء على قرار يصدر عن جمعياتها العمومية" لكي تتحول إلى جمعيات سياسية ولكي يتم نقل ملفاتها من وزارة الشئون الاجتماعية إلى وزارة العدل. هذا الطلب ليس تعجيزيا، بل انه أفضل للجمعيات السياسية لأنه سيعطيها مجالا أفضل من البقاء على قانون جمعيات النفع العام الصادر في 1989 والذي يمنعها من العمل السياسي والذي أيضا يعطي الحق للوزيرة بأن تغلق الجمعية إداريا. أما قانون الجمعيات السياسية فلا يعطي الوزير المختص هذه الصلاحية، وانما يتطلب دخول القضاء في مثل هذا الموضوع.

ان عدم نقل ملف الجمعيات التي تود ممارسة العمل السياسي من وزارة الشئون الاجتماعية إلى وزارة العدل يعني أساسا إلغاء صفتها السياسية. وإذا كانت الجمعيات تعتقد أن هذا أمر لا يمكن أن تقوم به السلطة فهي مخطئة... فالدولة دولة، والقانون له سيادة، وإذا قررت الدولة تنفيذ القانون فهذا هو مصير الجمعيات التي تمارس السياسة من دون غطاء قانوني.

وكيل وزارة العدل - ومن خلال تصريحاته - يبدو أنه شخص متنور ومستعد لأن يتعاطى مع إدارات الجمعيات، ويمكن للجمعيات أن تطرح تحفظاتها ولكن ليس داخل نظامها الأساسي، وانما من خلال إصداراتها. وأعتقد أن هذا مخرج يحفظ ماء الوجه وليس مذلا للحكومة، ونصيحتي - كمحب للجمعيات الوطنية - هو القيام بذلك والتعاطي مع وكيل الوزارة بصفته مسئولا تنفيذيا لا علاقة له أساسا بالتشريع. وهو - كمسئول تنفيذي - إذا لم ينفذ القانون فإن المشرعين، سيلاحقونه، كما أنه سيتعرض لمساءلة من يرأسه.

ويمكن للجمعيات السياسية - بعد أن تنقل ملفاتها من وزارة الشئون الاجتماعية إلى وزارة العدل - ان تطرح نفسها كأحزاب سياسية كما تحدث بذلك وكيل وزارة العدل، وعندما تطرح نفسها كأحزاب "من دون استخدام تسمية الحزب في مسماها" يمكنها أن تشرح النواقص والمتاعب التي تواجهها بسبب القانون الجديد.

ان التعاطي مع القانون هو الأسلم للعملية الديمقراطية حتى لو اختلفنا على محتويات القانون. أما محاولة تجاهله والاعتقاد بأن ذلك سيجبر الدولة على التنازل بعد كل ما حدث خلال السنوات الاربع الماضية فهو أمر مستبعد. فالحكومة مثلا لم تتنازل عن قرارها في حل مركز البحرين لحقوق الإنسان، وحتى مع كل الضجة التي اثيرت، فإن الحكومة استطاعت أن تمتصها وان تقنع عددا من الجهات المهمة - بما في ذلك دبلوماسيو الدول المهمة - بأن المركز كان يمارس نشاطا خارجا عن الإطار الحقوقي وان هدفه كان مواجهة النظام ولذلك فإن عليه أن يتحمل تبعات قراره.

مرة أخرى، أعتقد بأن هذه الكلمات يجب علي أن اكتبها إلى من يعلم بانني أعزه واتمنى له كل الخير ولا أود له ان يختفي من الساحة بسبب أخطاء في الاستراتيجية وفي الخطاب وفي أسلوب التعاطي مع واقع سياسي يفرض نفسه على الساحة

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1062 - الثلثاء 02 أغسطس 2005م الموافق 26 جمادى الآخرة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً