خَطَبَ أحدهم بكلامٍ غير موزون. السيد صدر الدّين القبانجي إمام جمعة بمدينة النجف الأشرف قال خلال استقباله وفداً من وجهاء مدينة كربلاء المقدسة قبل أيام بأن «النجف هي لشيعة أهل البيت ولعلي والحسين وليست لآل مروان». بالتأكيد فإن هذا الخطاب هو خطاب شاذ وخطير، ولا ينمّ عن حِكْمَة يتوشّح بها عادة من يعيشون في المجتمعات المختلطة.
لسنا بصدد الحديث عن المروانيين والحُسينيين لكي لا نجترّ حاضرنا بتاريخ مضى، وإنما نحن نُعالِج قضايانا التي تداخل فيها الصحيح بالفاسد من خلال وازن الحال ومقتضياته. فإذا كانت نعوت الماضي تعني تقابلاً بين ضدّين في ساحة كان أبطالها حاضرين فما بالنا اليوم ونحن نعيش وسط موضوعات ومصاديق وعناوين وظروف وشخوص ومصالح مختلفة تماماً.
رجاحة العقل تقتضي أن نُدرك بأن تكوين فضاء سياسي وفكري ووطني سليم لا يحتمل التلميح فضلاً عن التصريح عبر وَسْمِ الآخرين على أنهم خلفاء «دَمْ» أو»سلوك» لزعامات حُكْمٍ مَضَوا منذ أزيد من ألف عام. فذلك يُعطي انطباعاً على أن معركة التاريخ مستمرة والدماء لم تجف، وما علينا سوى حمل شُعلة الثـار لتصحيح خطأ تاريخي مُرتَجَى عنوةً.
كما أن البُلدان التي اصطبغت بالتنوع المذهبي والإثني كانت أكثر البُلدَان خبرة في مسألة التعايش. بالتأكيد فإن تعايشها لم يكن اختيارياً أبداً، وإنما فرضته ظروف ذلك التنوّع. ولم يعرف التاريخ أن بقعة جغرافية ما قد استطاعت أن تتنقّى إحدى طوائفها بالعيش دون شريك لها في الأرض. حدث ذلك في الشرق والغرب وفي مذاهب المسيحية والإسلام بالسواء.
مدينة النجف الأشرف ليست استثناءً في ذلك. فحاضنتها الدينية لم تمنع من أن تكون هذه المدينة مهداً للتعدد، وفضاءً له من جَنْبَتِهِ الدينية. وهو حال التاريخ السحيق أيضاً. فالنجف أو بالأحرى منطقة الحِيْرَة وضواحيها كانت ومنذ قبل الإسلام وبالتحديد أيام مملكة المناذرة في القرن الرابع الميلادي مهداً للمسيحية السنطوريّة، وراعية لأسقفيّة الحِيْرَة.
وليس بجديد أن نعرف بأن إيليا الحيري صاحب دير مار إيليا ومار عبدا الكبير قد تعلّما فيها. وأن شاعر العرب الكبير (المسيحي) عمرو بن كلثوم كان منها. وأن طبيب الخليفة المتوكلّ الخاص حنين بن اسحق النصراني العبادي منها أيضاً، وكذلك الحال بالنسبة لمار يوحنا.
وفي القرون المتأخرة وعندما تعمّدت هذه المدينة المقدّسة بإفاضات الحوزة العلمية «الشيعية» طيلة ألف عام خلت، لم يمنع ذلك من وجود التنوّع الطائفي والإثني فيها. لذا ظلّت عوائل سُنّيّة تسكن قرى النجف وغربها. وهو حال بادية مدينة كربلاء (المهد الشيعي الآخر في العراق) فضلاً عن حواضر بلاد الرافدين من الجنوب وحتى الشمال حيث الكُرد والتركمان.
بل إن المرجع الديني الأعلى في النجف السيد علي السيستاني دَرَسَ في شبابه على يد اثنين من علماء أهل السُّنّة. وفي غير مرّة كان علماء أهل السُّنّة كالشيخ محمود الفلاحي مُمثل رئيس «ديوان الوقف السني» في العراق، والشيخ خالد الملاّ رئيس رابطة العلماء، والشيخ مُحمّد الكزّي وزير الأوقاف السابق بإقليم كُردستان ضيوفاً عليه في مكتبه بمدينة النجف الأشرف. وكانت الأحاديث كلها تدور مدار الوحدة، والعض عليها بالنواجذ.
إذا كان السيد القبانجي لديه صراعات سياسية مع مجلس إدارة محافظة النجف بخصوص مذكرة اعتقال صهره بسبب اتهامات له بالقيام بعمليات اغتيال بعد سقوط بغداد، فمن غير اللائق استدرار العواطف بغرض التجييش والتحشيد عبر استدعاء موضوعات مذهبية غاية في الحساسية. لأن ذلك لا يعدو كونه خلطاً لقضايا دينية مع أخرى شخصية وهو من أسوأ التوظيفات في السياسة.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 2960 - الأربعاء 13 أكتوبر 2010م الموافق 05 ذي القعدة 1431هـ
كلام غريب ونرجو التوضيح ؟
متى كان اهل السنة والجامعة دخلاء على بلاد الأسلام ومن فتح البلاد وادخل الناس في حضرة الأسلام ؟ ونحن لا نأخذ ديننا من بني مروان ولا غيرهم ولم نرفع سوى راية لا اله الله محمد رسول الله ما لكم كيف تحكمون . وأما الحسين عليه السلام فقد عاش بين أهله بالمدنية المنورة .
بارك الله فيك يا اخ محمد
دووووم انت متألق او في ناس مايعجبه الا الي على هواها
مع جل إحترامي لك يا أستاذ
نحن بني مروان لا نعترف بقدسية كربلاء.. ولكن نقر بقدسية موضع الجثمان الطاهر لسيد شباب أهل الجنة سيدنا الحسين.. وكما أسلفت، فإن كاااااااافة الأرض للناس أجمعين.. فهي أولاً واَخراً أرض الله عز وجل
من عنوان مقالتك..
جذبتني يا أستاذ لأقرأه... أنت من القلائل المحترمين
مرفوق
وهل كانت النجف الا لعلي والحسن وشيعتهم ؟
متى كانت النجف للمروانيين
الا تعرف ما يعني بالمروانيين
يعني اولئك الذين خطهم خط يزيد
فهل اجتمع خط يزيد بخط الحسين
اعتراضك مرفوض يا كاتب
المهنية ياأستاذ!!
نحن نعيب على الكتاب أسلوب البتر وتقديم النصوص مفصلة على قياس الكاتب!! هذه ليست من المهنية الصحافية أن تأتي بنص مبتور على غرار "بل قال ربك ويل للمصلين" حقيقة أنا لم أسمع الخطبة ولا أبرأ أي كان من الوقوع في الحطأ ولكن شدني أسلوبك ياأستاذ بتقديم نص مبتور يقلب المعنى رأساً على عقب وأنت كاتب مرموق ومتميز ولا يليق بك هذه الكبوة!! تحياتي .. أبو صادق