الأبطال الذين ناضلوا، ويناضلون من أجل إحقاق الحق كثرٌ يسدون الفسيح الرحب، والنداءات التي تصدح على المنابر بالمطالب والإصلاح لها دوي كدوي النحل، وصداها يملأ الوديان، ويصم الآذان، وذلك الخطاب لا ريب فيه، هدى ورشاد ونماء ورخاء للوطن والمواطنين.

ومع كل الشكر والتقدير والامتنان لكل الجهود المخلصة من مختلف الأطياف والمشارب والمذاهب، والتي تسعى جاهدة إلى التفريج عن هموم هذا الوطن وأهله والرقي به على شتى الأصعدة، إلا أن الساحة البحرينية اليوم أحوج ما تكون إلى بطل أشم من نوع آخر، بطل ينفض عن ثيابه غبار الأيدلوجية، ويرمي من على ظهره لامة حرب الانتماءات، ويحفظ لسانه عن الدعوة إلى فلان أو ضد فلان، بطل يترفع عن لغة «الأنا والهو»، و»النحن والهم»، بطل يجمعنا على الكلمة الطيبة، والمحبة والود والاحترام المتبادل مع من نختلف معهم قبل مع من نتفق معهم، بطل يعلمنا كيف نفرق بين الاختلاف والخلاف، حتى نختلف من دون أن نتهم، بطل يعلمنا كيف نتحاور لا كيف نتناحر، وكيف ننتقد ما نشاء من المحيط، من دون أن نلجأ إلى التسقيط، بطل يعلمنا كيف ننجز من دون أن نبخس الناس أشياءهم!!

التراشق بين أبناء الهدف الواحد هو إصابة هذا الهدف في مقتل، ولا يمكن للإصلاح المنشود أن يتقدم بمقدار خطوة نملة، والمطالبون بهذا الإصلاح مشغولون ببعضهم البعض، وأنَّا لهم أن يحققوا مطالبهم ونار نمرود تشتعل بين بعضهم، وهم منقسمون أمامها بين متفرج، وبين من يصب عليها مزيدا من الزيت!!

ما هكذا تورد الإبل أيها المعارضون، وما هكذا تتقدم بكم الخطى نحو ما تنشدون، فدور المعارضة لا غنى للحكومة وللشعب عنه وهو دور أساسي لترشيد السلطات الثلاث، وأنتم بذلك تفسدون على أنفسكم وعلى الحكومة أيضا هذا الدور الأساس الذي لا تستقيم الديمقراطية إلا به!!

اليوم ليس البطل هو الذي سيُجلس المعارضة والحكومة على طاولة الحوار، بل إن البطل هو الذي سيقود مبادرة إجلاس المعارضة فيما بينها، على طاولة واحدة، وإذا نجح هذا البطل في ذلك فسيتربع على عرش البطولات كلها، وسيتوجه الناس بتاج الوطنية المخلصة، لأنه سيكون من الجميع، وللجميع، ومع الجميع، وسيكون صاحب الفضل في إيقاف نزيف الجراح المهشمة من وقع السهام التي صوبها المعارضون على بعضهم بعضا!!