أعلنت استراليا أمس أنها ستنضم إلى كل من الولايات المتحدة الأميركية وكندا والمانيا وهولندا في مقاطعة مؤتمر الأمم المتحدة لمناهضة العنصرية في جنيف في الفترة من 20 إلى 24 ابريل / نيسان الجاري، وذلك لخشيتها من «استغلال المؤتمر كمنبر للآراء المعادية للسامية».
المؤتمر الدولي يطلق عليه « ديربان - 2» لأنه يأتي مواصلة للمؤتمر الأول الذي عقد في ديربان بجنوب افريقيا في 2001.
القرار الذي اتخذته إدارة أوباما بمقاطعة مؤتمر «ديربان – 2» المخصص لاستعراض برنامج العمل الدولي لمناهضة العنصرية أثار سيلا من الاحتجاجات والانتقادات، لأنها المرة الأولى التي ترفض فيها الولايات المتحدة المشاركة في مؤتمر للأمم المتحدة، وهذا يمثل صدمة للكثيرين الذين لم يتوقعوا امتناع أوباما، الذي وصل الى رئاسة بلاده لأنها تخلصت من العنصرية، من حضور المؤتمر خضوعا لضغوط اللوبي اليهوي وخشية من إدانة دولية للعنصرية المنهجية التي تمارسها «إسرائيل» ضد الفلسطينيين.
في 2001 انسحب وفدا الولايات المتحدة و«إسرائيل» من المؤتمر العالمي لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري وكراهية الآخرين وما يتصل بذلك من أشكال التعصب لأنها اعتبرت جهود الإعراب عن التضامن مع الفلسطينيين - باعتبارهم ضحايا للعنصرية والاستعمار - جهودا معادية للسامية.
إن ما هو على المحك أساسا يرتبط بجوهر النظام الإسرائيلي الذي تأسس على مبادئ عنصرية، وإن هذا النظام العنصري وعلى رغم المساندة المضمونة له من أقوى دولة في العالم بدأ يشعر بالخطر لأن المجتمع الدولي لم يعد يحتمل السماح لأية ممارسة للعنصرية ضد أي شعب وضد أية فئة من أية جهة كانت، حتى لو كان من الدولة المدللة «إسرائيل».
مؤتمر ديربان الأول شهد ثلاثة لقاءات موازية، أحدها رسمي جمع ممثلي الدول، ومنتدى آخر خصص للشباب، ومنتدى ثالث للمنظمات غير الحكومية التي مارست دورا فاعلا في تمثيل أصوات ضحايا العنصرية في كل أنحاء العالم، ولم يكونوا يغفلون ما يجري في فلسطين بالتأكيد. وكان موقع المؤتمر - جنوب افريقيا - مناسبا لأنه البلد الذي ألغى العنصرية من نظامه السياسي ولقربه من البلدان التي تحصل فيها ممارسات عنصرية، ولذلك كان الحضور كبيرا، إذ انهال على المدينة أكثر من عشرة آلاف شخص للمشاركة... واعتمد المؤتمر - عبر توافق الآراء - إعلان ديربان وبرنامج العمل، واعتبر هذا التوافق إطارا مهمّا لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري.
المنظمات غير الحكومية طرحت برنامجا مؤثرا لمناهضة كل دولة أو مؤسسة تنتهج العنصرية، وتضمَّن البرنامج مساندة الدعوات لمعاقبة «إسرائيل» تضامنا مع فلسطين، وتقديم المساندة إلى الشعوب الافريقية، والسكان الأصليين في كل مكان، والعمال المهاجرين والفئات المضطهدة سواء كانت عرقية أو أقليات دينية أو لغوية وجميع المتضررين من الاضطهاد العنصري، واعتبر مؤتمر ديربان الأول خطوة مهمة في التضامن الدولي مع المظلومين والمضطهدين بسبب العنصرية التي تمارس ضدهم.
وعلى هذا الأساس قد نفهم لماذا تخشى الدول التي تحمي «إسرائيل» من مؤتمر ديربان الثاني الذي سيعقد في جنيف من أجل التحقق من التنفيذ الفعال والشامل لاستنتاجات وتوصيات المؤتمر العالمي لمناهضة العنصرية، والدعوة إلى الاستمرار في الحملة العالمية من أجل القضاء التام على العنصرية بكل أشكالها وفي أي مكان كانت.
إن عقد الاجتماع في مدينة مثل جنيف حيث يكون مستوى المعيشة فوق إمكانات الكثير من المنظمات غير الحكومية لم يقلل من حماس المجتمع الدولي للتوافد والتعاضد والضغط من أجل القضاء على الممارسات العنصرية التي باتت تعيش آخر أيامها وبات ممارسوها مرعوبين من إرادة دولية لا يمكن تعطيلها عبر مقاطعة حضور المؤتمر.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2418 - الأحد 19 أبريل 2009م الموافق 23 ربيع الثاني 1430هـ