في ظل ارتفاع غير مسبوق لأسعار الكربوهيدرات منذ العام 2002، حاولت الدول المتقدمة الاستثمار في الاقتصاد الأخضر من أجل خفض اعتمادها على الدول الأجنبية وتحقيق نسبة معقولة من أمن الطاقة. هذا المنهج المنطقي عانى بعض النكسات في العامين 2008 و2009 بسبب ما شهده الاقتصاد العالمي من أزمة مالية خانقة نتج عنها وقف تدفق السيولة في العديد من المشاريع الطموحة لبناء الاقتصاديات خضراء التي لا تعتمد على الوقود الاحفوري.
لكن ظهرت بوادر أمل جديدة لقطاع التكنولوجيا الخضراء بعد تخصيص الدول الصناعية الكبرى مبالغ ضخمة لتحفيز اقتصادياتها وبالتالي استثمرت المليارات من أجل تطوير البحوث في الجامعات، ومساعدة الشركات الناشئة للوقوف على قدميها، وتقديم الضرائب المخفضة للشركات لمساعدة موازنتها العمومية، وتقديم الدعم لأسعار وحدات الطاقة الكهربية الناتجة من إنتاج الطاقات البديلة، و تشجيع المستهلكين في البيوت على زيادة كفاءة الطاقة.
الأرقام المعلنة من الدول الكبرى لخدمة سياق استخدام الطاقات البديلة تتحدث عن استثمارات حكومية تفوق 100 مليار دولار أميركي في الولايات المتحدة، و84 مليار في كوريا الجنوبية، و440 مليار في الصين خلال عقد من الزمن. في الحقيقة هناك حاجة لتوضيح الاستثمار الصيني بمزيد من التفاصيل لأنها حالياً هي الدينامو في مجال الطاقات البديلة فقد استثمرت 34.6 مليار خلال العام الماضي (ضعف الإنفاق الأميركي)، ويحتضن أراضيها أكبر 6 شركات في العالم من ناحية عدد الموظفين لكن من غير المتوقع ان تحتكر دولة واحدة مجال الطاقات البديلة بل سيكون هناك تنافس وتعدد في هذا المجال المصيري.
الاستثمار في مجال الطاقات البديلة خلقت أنواع جديدة من المهن بحيث وصل عدد العمال في هذا المجال المستحدث يتجاوز 3 ملايين وظيفة و من المتوقع زيادة مستمرة في عدد العاملين و المختصين في المهن الجديدة مما يستدعى تغيير في السياسة التعليمية في الجامعات و المعاهد.
لاشك أن هناك عدة مؤشرات ستؤرق الدول المعتمدة على تصدير خام النفط: المؤشر الأول أن الصين هي المهتمة بالاستثمار في مجال الطاقات البديلة، المؤشر الثاني أن خمس العاملين في هذا المجال يتواجدون في الصين، المؤشر الثالث هو الزيادة السنوية في مجموع الاستثمار العالمي، المؤشر الرابع هو الوعي البيئي للرأي العام ومطالبتهم لحكومات بلدانهم بخفض البصمة الكربونية ومواجهة قضايا تغيير المناخ.
القارئ يدرك أن السبب الرئيسي لاستمرار الأسعار العالية لخام النفط هو نمو النهم الصيني مما يسبب ضغوطاً على الدول المنتجة والأسواق العالمية على الرغم من مرحلة الكساد الحالية في معظم دول العالم. لكن الحكومة الصينية تدرك أن الاعتماد على الدول الأجنبية في مجال الطاقة لن يحقق لها تنمية مستدامة، لذلك ليس غريباً أن تتبع السياسة الصينية تعاليم كونفوشيوس «رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة».
النموذج الجديد للتنمية المستدامة يعتمد على خفض الملوثات والاهتمام بالبيئة وخفض استهلاك الوقود الاحفوري مع تحقيق نمو اقتصادي مزدهر. المجتمعات الإنسانية الماضية لم تدرك هذه الأسس لكن هناك فلسفة جديدة ولتحقيق نمو عالمي حديث و عقارب الساعة تؤكد أن الخطوة الأولى لرحلة الألف ميل قد تم تجاوزه منذ زمن.
إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"العدد 2955 - الجمعة 08 أكتوبر 2010م الموافق 29 شوال 1431هـ
حلم صعب
الإقتصاد الأخضر حلم لمعظم الدول و البحوث التي يتم إعدادها في هذا المجال متنوعة و كثيرة و ثلما تفضلت فإن الماكينة قد إشتغلت