العدد 2955 - الجمعة 08 أكتوبر 2010م الموافق 29 شوال 1431هـ

كشكول رسائل ومشاركات القراء

عندما تزأر الأنوثة

تتربع الأمنيات في قلوبنا، تتهاوى أحياناً لفقد عناصر الاستجابة، ولكننا نعود أدراجنا إلى حيث بدأنا نحلم، ونحلم من جديد، ونازك أدمنت الحلم المعتق بالأمل. كثيراً ما تمرض أمنياتها بفعل البيئة الملوثة؛ ولكنها دوما تداويها بالابتسامة الأنثوية الرقيقة. تخرج لتجمع ما تبقى من بقايا طعام أو ملابس للعودة بها إلى خيمتها الذي تدعيها قصرها الكبير، لتطعم الأخوة الأربعة والأم التي قطعت الحرب رجلاها، واليوم لا يوجد طعام ولا ملابس، ربما زاد عدد الفقراء و قل عدد النفايات والمتصدقين، ماذا تفعل ؟ سيحل الظلام وهي لم تجد حتى قطعة خبز أو تفاحة ذابلة تتخبط في أكوام نفايات تشاركها المئات من الفقراء يغوصون في أوساخ قذرة وعفنة ليجدوا ما يعود لهم بالنفع ولو اليسير. عادت أدراجها للخيمة وكان الأطفال يبكون والأم تبكي والخيمة تبكي والسماء تبكي والأرض تبكي حتى هي أخذت تبكي. فقدت كل حواسها المتبقية لها ولا تعلم ما العمل، سينام الأطفال جياعاً والأم كذلك.

خرجت ناحبةً و تقيأت أحشاءها جوعاً. رباه ما علي أن أفعل؟ أرجوكْ... أنا أدعوك فأنا حيرى وأنتَ ملجأ المتحيرين. لأخرجن في هذا الليل وأغوص في هذا الظلام ومصباحي القمر ودليلي الأمل على أعود منصورة بشيء.

خرجت و كلها خوف يملؤها، إنها المرة الاولى التي تغامر في ليل موحش، فالأعداء ينتظرون فريسة ضعيفة لشبعوا بها شهواتهم .أخذت تدور بالمنازل، لكن من يفتح الباب للمساكين، تشم روائح الطعام منه الزهيد ومنه الدسم الوفير، أيتها القرية الملعونة بالوباء والفقر وكثرة الحيرى، الدبابات تسد طرق الحياة و لكنهم يبتكرون طرق أخرى و يفتحون أزقة جديدة، لا يعرفون يأساً أو استسلاماً . نازك أحد هذا الشعب الأبي، تعبت و استلقت على جذع زيتون قديمة، مغروسة إلى أسفل الأرض لتثبت الهوية، شعرت بالأمان عند جذعها فأغمضت جفنيها الصغيرين حتى ذابت في نوم عميق وما أيقظها إلا صوت الجنود حولها والشمس اللاهبة تأكل من جسدها، الصبح قد أصبح والنهار قد غرس ضوءاً عند كل الأرض والجنود في دنو حضيض.

أخذوا يفكرون في طريقة للافتراس. لملمت ثوبها واعتدلت في جلستها وبانت ملامح الخوف عليها. وقد حتمت فكرها. إنهم يريدونها فريسة وهذا ما كانت تخشاه قد تحقق ! وقفت حتى تهرب فاقتربوا أكثر، فهمت بالهروب فأمسكها أضخمهم فصرخت وهذرت بكلمات لا معنى لها، فأدركوا عجزها.

وبكت يقيناً بأن الموت قادم وقد فتح لها باباً لا خروج منه، علت طلقات بعيدة فأردت الأشرار طرحى على الأرض والدماء بركة تسبح فيها آثامهم. موقف لا يحتمل، التجأت بظلال الشجرة وعلا بكاؤها المرير، ربما الآن تقع في مصيبة أكبر، مات الاشرار و سيأتي أشرار آخرون؟

استسلمت لدموع غزيرة وأغمضت عينيها لكي لا ترى ما يفعل القدر بها، للحظات حتى ظهر شاب اسمر وقد تلثم بالبطولة والشجاعة و ائتزر الرجولة مئزراً، أمسك بيدها وفتحت عينيها، رأت العينين، عيناه عين وطني الأبيض إنها عين الفحولة، فذابت طمأنينة و أمان .

قال لها اذهبي ولا تخافي، بكت وصرخت بكلمات لا معنى لها فنادى أصحابه و قال لهم: أيعرف أحدهم ما بها ؟ فرد أخوه إنها خرساء، مسكينة أيتها الصغيرة. فلنبعثها إلى بيتها ولنحمها، أخذت تركض لاهثة لبيتها وإلى حضن أم تحتاج اليه حتى وصلت بعد طريق مرير. كانت الأم قد قصفت بدبابة وأطفالها، إنه مؤلم أن ترى ما تبقى من الحياة مقطع إلى أجزاء، ذاك خاتم أمها في إصبعها الهزيل وتلك لعبة أخيها الممزقة وهذا قصرها المحروق، ماتت الإنسانية فيهم .

عانت كثيراً ولكن المعاناة الآن أكبر الأرواح تكبر بكبر التضحيات، ولكن إذا تضخمت التضحيات إلى أبعد ما يمكن، هل تجد الروح لها مخرجاً ؟ نازك أكبر من أن تكون شابة يتيمة فلسطينية فقيرة بائسة، حملت ذكرياتها إلى غد أكبر وحملت بندقية لطريق أكبر وعاشت لا لتمشي لتبحث عن فتات خبز أو ملابس، بل عاشت لتبحث عن دبابات ورصاص وبنادق، لتتحول الأنوثة إلى بطولة إن أرادت الحياة.

فاطمة حسن الحلال


دمع العين

 

العين تسكب الدمع بغزارة

عند ذكر الله الخالق الصمد

القلب يخشع في كلماته

في اسمائه في محتواه المدد

العقول احتارت في خلقه

ازداد الكفار بالتعجب والحسد

المؤمن يرتاح فكره وقلبه

عند ذكر الرحيم الواحد الأحد

يارب يارب يعجز اللسان

عن وصفكَ يعجز بالقول الزهد

عند مناجاتك يخجل القلب

فأنت كريم في الخلق والوعـد

ما أجمل بيوتكَ وعطر المسك

بعظمتها الكل برتياح قد صعد

نقرأ الدعاء ونقيمُ الصلاة

نتلو القرآن بحبهِ إلى الأبد

ميرزا ابراهيم سرور


مقاصد الحجاج في رحلتهم المقدسة

 

منذ شهر رمضان المبارك وكثير من الناس تستعد للحج وتدعو الله عز وجل بأن يوفقها له وتكرر في كل ليلة من الشهر الفضيل (اللّهُمَّ إنّي أسْأَلُكَ أنْ تَجْعَلَ فيما تَقْضي وَتُقَدِّرُ مِنَ الأمْرِ الْمحْتُومِ فِى الأمْرِ الْحَكيمِ، مِنَ الْقَضاءِ الَّذي لا يُرَدُّ وَلا يُبَدَّلُ أنْ تَكْتُبَني مِنْ حُجّاجِ بَيْتِكَ الْحَرامِ، الْمَبْرُورِ حَجُّهُمْ، الْمَشْكُورِ سَعْيُهُمْ ،الْمَغْفُورِ ذُنُوبُهُمْ، اَلْمُكَفَّرِ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ)، (وَارْزُقْني حَجَّ بَيْتِكَ الْحَرامِ في عامِنا هذا وَفي كُلِّ عام).

فكان الاستعداد النفسي بالدعاء والتضرع إلى الله جلّ جلاله بأن يكتبهم من حجاج بيته الحرام.

وفي نفس الأيام أيضاً يشهد الشارع البحريني إعلانات لحملات الحج التي تتسابق في عرض خدماتها الممتازة مثلاً: (سكن قريب للجمرات بوفيه متنوع إرشاد متميز ويرافق الحملة دكتور ودكتورة... وغيرها).

فكل حملة تطرح برنامجها للحج حسب مستواها وكل حملة تقول (لسنا الوحيدين لكننا الأفضل)...

أما عن الناس فتراهم يلتقطون الإعلانات من هنا وهناك ليحددوا أي الحملات تناسبهم من حيث المادة والإرشاد والصحبة وغيرها، وبهذا التحديد ينقسمون إلى فئتين: فئة تبحث عن النظام والنظافة والبوفيه والراحة ووسائل المواصلات من الدرجة الأولى (vip) وتستفسر عن عدد الحجاج في الغرفة الواحدة، وتؤكد أسئلتها عن وجود وسائل الراحة في خيم عرفة وقربهم من الجمرات وهل سيرافق الحملة دكتور ودكتورة ... الخ

كما إن البعض من هذه الفئة تطمح في أن تكون من حجاج vip كما أعلنت بعض الدول عنهم حيث سيحصلون على خدمات مميزة مثل طائرة خاصة، وتخصيص سيارة فاخرة بسائق خاص للتسوق، توفير خدمة التدليك في الغرف، وخيمة خاصة في منى بسرير وفرش وثير، مع توفير التلفاز والإنترنت وغيرها فضلاً عن منحهم فرصة اختيار ما تشتهيه أنفسهم من «قوائم» الوجبات المتنوعة.

يبدو للقراء بأن هذه الفئة كأنها ستذهب في رحلة سياحية واجبة أم مستحبة متناسية الهدف الأساسي للحج.

الفئة الثانية تبحث عن البرنامج الروحي والثقافي ولا يهم كيف سيكون السكن ومدى ضغط الغرف من الحجاج فيها ولا تفكر في مدى وسائل الراحة في عرفات ومنى لأنهم متوجهين إلى الله عز وجل فتراهم يتركون الخيمة في عرفات ويقفون في العراء يتضرعون ويسألون الله وحده ويستفيدون من لحظات وجودهم في منى حيث رحمة الله هناك.

إن استعداد أصحاب الحملات للحج شيء جميل، لأن خدمة الحجاج شرف وأمانة ومسئولية فلابد أن يفتخروا بهذا بشرط أن يقدموا للحاج خدمات مساوية بما يأخذونه من مبالغ ضخمة ومُبالغ فيها لأن الحاج المسكين قد دفع ما قد جمعه في سنين للحج طامحاً بتقديم أفضل الخدمات له متيقناً بأمانة أصحاب الحملات الذين يعطون الحاج في بلده القمر في يد والشمس في يد أخرى ثم يصطدم بالواقع المعاكس المر في الحج.

أما المحظوظون من الناس الذين كتبهم الله بفضل دعائهم ودعاء المؤمنين لهم في ليالي القدر العظيمة لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ... ( ) ويتشرفوا بوقوفهم بأرض عرفات ومنى وتكتحل أعينهم بالكعبة المشرفة فعليهم اختيار الحملة بعناية كبيرة حيث لا يكون هدفهم الذي يسعون إليه هو الحج المرفه المريح إنما يسعون ليكون هدفهم هو الحج الفعلي (إنما يؤمروا بالإحرام ليخشعوا قبل دخولهم حرم الله وأمنه، ولئلا يلهوا ويشتغلوا بشيء من أمور الدنيا وزينتها ولذّاتها، ويكونوا جادين فيما هم فيه قاصدين نحوه). علينا التركيز في الهدف من الحج أثناء اختيار الحملة التي تناسبنا وأننا سنحج لحل عقدة من النار حول عنقنا وأن يكون استعدادنا بأن نعود من الحج كما قال الإمام الصادق (ع) (الحجاج على ثلاثة أصناف، صنف يعتق من النار، وصنف يخرج من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمه، وصنف يحفظ في أهله وماله، فذلك أدنى ما يرجع به الحاج). ليعرف أصحاب الحملات مقصدهم من خدمة الحاج وإنها أمانة ومسئولية.

وليعرف الناس مقصدنا من الحج ويفكروا من أي صنف يحبون أن يرجعوا منه.

سميرة الأدرجA


تكريم محمد سعيد الخنيزي

 

مقدمة لحفل تكريم الشاعر الأديب محمد سعيد الشيخ علي الخنيزي... في ليلة طال انتظارها حيث التقينا بالحرف المموسق والكلمة المشرقة التي تقاطعت مع حركة الإبداع وتواصلت مع أجيال الريادة في هذا النهر المترسل الذي شق أرض عبدالقيس منذ طرفة بن العبد وحتى جيل الريادة والإبداع، جيل الخنيزي، محمد سعيد نجل الإمام الشيخ أبوالحسن الخنيزي، الذي عشنا ذلك السمر على وقع ترانيمه العذبة.

حيث قدم منتدى حوار الحضارات بالقطيف ممثلاً براعيه الأستاذ فؤاد نصرالله أكاليلاً من العرفان والشكر لذلك الكبير على شكل حفل تكريم قد يرقى إلى قدر العمالقة من أمثاله، كان لابد من إمعان النظر في أدب ذلك المبدع.

إذا كان المنهج السائد ألا يقرأ حياة الإنسان إلا من يحمل نفس تخصصه فهذا ما لا يمكن اتباعه في ظاهرة مثل ظاهرة المدرس محمد سعيد الخنيزي. فهو الكاتب و الشاعر والأديب والمعلم المبدع والمحامي والمؤرخ.

شخصية ذات أبعاد متعددة كشخصية الخنيزي بما تحمله من إشعاعات عدة قادرة على أن تبزغ كشمس مشرقة تغمر الميادين التي أشرقت في آفاقها وسلكت من أجل الإبداع فيها طريق ذات الشوكة وتحملت ما تحملت من مشقة وآلام على رغم من وعورة الطريق. إلا أن الإصرار وعدم الخنوع لليأس كان السمة ال

العدد 2955 - الجمعة 08 أكتوبر 2010م الموافق 29 شوال 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 3:02 ص

      مقاصد الحجاج في رحلتهم المقدسة

      شكر وثناء لموضوعك، لأنه واقعي وهكذا الناس الآن باتوا يفكرون، فالرحلة الإيمانية تحولت إلى مزاد من قبل المقاولين ورحلة سياحية بالنسبة للحجاج اللهم النزر اليسير منهم، فما أكثر الضجيج وأقل الحجيج!

اقرأ ايضاً