العدد 2954 - الخميس 07 أكتوبر 2010م الموافق 28 شوال 1431هـ

اليمن ضحية أسعار النفط والديون الخارجية

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أوضحت بيانات البنك المركزي اليمني أن ديون اليمن الخارجية قد «ارتفعت في الأشهر السبعة الأولى من العام 2010 بمقدار 52 مليون دولار لتصل إلى 5.914 مليار دولار». وأوضح البيان الذي بثته وكالة «سبأ» الرسمية، «أن مؤسسات وصناديق التمويل الدولية جاءت على رأس قائمة الدائنين لليمن بمستحقات تبلغ 3.126 مليار دولار». ليست هذه هي المرة الأولى، خلال هذا العام، التي يفصح فيها اليمن عن مديونيته، ومن ثم مخاوفه، ففي الأسبوع الثالث من شهر مارس/ آذار 2010، جاء في تقرير أصدره البنك المركزي اليمني أيضاً اعتراف واضح وصريح بارتفاع «المديونية الخارجية لليمن بمقدار 135 مليون دولار بنهاية العام 2009 مقارنة مع العام الذي سبقه». وقد ترافق ذلك، وهذا هو الأسوأ، مع انخفاض «احتياطي اليمن من العملات الصعبة بمقدار 157 مليون دولار».

كي لا نلوك مقولة ملتها الآذان بشأن «فقر اليمن»، لابد من أن نذكر أن اليمن ليست الدولة الوحيدة الغارقة في الديون، وتعاني من تزايدها. فحتى دول صناعية متقدمة مثل بريطانيا، هي اليوم تعاني من ظواهر مشابهة تعكس أزماتها الاقتصادية. فقبل أيام أعلن الائتلاف الحكومي البريطاني، كما نشر موقع «بي بي سي» عن عزم الحكومة البريطانية على الإقدام على «سلسلة إجراءات تقشفية تهدف إلى خفض كبير في الإنفاق الحكومي، تطال المعونات المالية التي تدفع للعاطلين عن العمل وذوي الأجور المتدنية». وترمي التعديلات، كما يقول وزير العمل والتقاعد البريطاني ايان دنكان سميث «إلى تيسير وتسهيل طريقة عمل نظام الرعاية الاجتماعية، وتوفير المال، وتفعيل مبدأ أن العمل هو الأفضل والأجدى». وليست الولايات المتحدة بعيدة عن آثار هذه الأزمة التي عبر عنها الرئيس الأميركي باراك أوباما برفضه في خفض الإنفاق على التعليم، في سياق عضد «الجهود الأميركية الجادة في خفض العجز الضخم في الموازنة»، ملقياً التبعة الحقيقية على أداء الاقتصاد الأميركي بشكل عام، عندما اعتبر أوباما «أن تقليص الإنفاق في قطاع التعليم غير منطقي، في وقت يواجه فيه الاقتصاد الأميركي مصاعب في مواجهة منافسة دولية».

لكن بعيداً عن آثار تلك الأزمة العالمية بعواملها الدولية العامة والشاملة، هناك بعض العوامل اليمنية المحلية التي تولد ذلك العجز الذي حاولت اليمن مرات كثيرة سدّه والخروج بحلول لمواجهته. سواء من خلال الاستعانة بالموارد الداخلية أو المساعدات الخارجية. فهناك «التراجع الكبير للإنتاج النفطي الذي تشكل عائداته 70 في المئة من الموازنة العامة للدولة». وكما صرح اقتصاديون يمنيون لموقع «الأسواق. نت» بأن ذلك، يجعل «الاقتصاد اليمني عاجزاً خلال الأعوام القليلة المقبلة عن القيام بدوره في حال لم تتمكن السلطات اليمنية من وضع المعالجات التي من شأنها إيقاف التدهور المريع الذي يشهده الاقتصاد». ويطالب هؤلاء الخبراء السلطات اليمنية الحاكمة، بتخفيض «الاعتماد على العائدات النفطية تدريجياً بنسبة تتراوح بين 10 - 12 في المئة، على أن يترافق ذلك مع العمل على تنويع مصادر الدخل القومي بتنشيط وتنمية القطاعات الأخرى بما لا يقل عن 10 في المئة سنوياً، حتى لا تجد نفسها في غضون سنوات قليلة عاجزة حتى على تسيير شئونها».

الخبير الاقتصادي اليمني، الذي شغل منصب وزير المالية خلال الفترة 2006 - 2007، سيف العسلي، يلقي باللوم على الدولة والمصرف المركزي قائلاً «المفروض أن الحكومة والبنك المركزي اليمني يقدما اليوم حلاً للمسألة، فهما لم يقوما بواجباتهما». وبخلاف ما يروّج البعض يعتقد العسلي بأن «اليمن لديها كنز وبإمكانها أن تخرج من أزمتها الاقتصادية، لكن عدم وجود الرؤية والإخلاص والمساءلة والفكر أوصلها إلى ما وصلت إليه اليوم».

ولعل من أفضل الاقتصاديين الذين شخصوا حجم معضلة ديون الخارجية اليمنية هو أستاذ الاقتصاد في جامعة صنعاء محمد الميتمي، الذي أكد في حديث خاص لـموقع «الشرفة»، بأن «مديونية اليمن الخارجية كانت تشكل نحو 200 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي العام 1995، لكن عند تطبيق الإصلاحات الاقتصادية انخفضت إلى أقل من 50 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي الآن تشكل أقل من 40 في المئة وهي تعتبر في وضع آمن وفقاً للمعايير الدولية، مضيفاً، أن مديونية اليمن الخارجية لا تشكل عبئاً لأن فوائدها قليلة وميسرة وتتمتع بفترة سماح كبيرة. لكن الأمر المقلق والذي يهدد الاقتصاد الوطني هو وضع ميزان المدفوعات وخاصة فيما يتعلق بتناقص احتياطي اليمن من النقد الأجنبي في ظل التراجع الكبير في إنتاج النفط». إذاً المديونية الخارجية، والاعتماد الكبير على النفط هما العاملان الرئيسيان اللذان يتكالبان على الأوضاع الاقتصادية في اليمن، وينهكان الدولة ومشروعاتها.

ويختلف العديد من الاقتصاديين اليمنيين من أمثال العسلي، وعلي الوافي، والميتمي مع الدولة في اعتمادها على الهبات الخارجية، خشية أن يقود ذلك إلى مواقف سياسية تفرضها تلك «الهبات» وتكون على حساب المواقف المستقلة التي يفترض أن تتمسك بها اليمن. وكما هو معروف، فقد التزمت بريطانيا في منتصف العام 2010، وعلى وزير الدولة للتنمية الدولية في المملكة المتحدة، آلن دونكن، بتخصيص «منحة سنوية منتظمة لليمن، بقيمة 50 مليون جنيه إسترليني، أي ما يعادل 80 مليون دولار». وأشار دونكن حينها «أن هذه المنحة تأتي في إطار دعم مسارات التنمية والإصلاحات في اليمن، إضافة إلى المساعي التي تبذلها حكومة بلاده لحشد الدعم الدولي لمساعدة الأخيرة في التغلب على التحديات التي تواجه مسيرة التنمية والاستقرار».

وقبل ذلك، وفي منتصف العام 2009، كان البنك الدولي قد تعهد «بتقديم 480 مليون دولار لتمويل 14 مشروعاً في اليمن عبر المؤسسة الدولية للتنمية ومؤسسة التمويل الدولية التابعتين للبنك الدولي خلال السنوات الأربع المقبلة».

بخلاف ما تروج الكثير من المؤسسات الدولية، فإن لدى اليمن الكثير من مصادر الدخل الذاتية التي تغنيه عن الاستعانة بالمساعدات الخارجية، تكفي الإشارة هنا إلى تحويلات المهاجرين اليمنيين في الخارج، بمن فيهم أولئك ممن يعملون في دول مجلس التعاون، والتي تربو على مئات الملايين من الدولارات سنوياً، لكنها، وكما يؤكد بعض المطلعين على الاقتصاد اليمني، تضيع في دهاليز ليست معروفة قبل أن تصل إلى مشروعاتها التي تسعى لتمويلها.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2954 - الخميس 07 أكتوبر 2010م الموافق 28 شوال 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 6:18 ص

      هذه المشاركات يقف وراءها بوكابون

      هذه التعليقات يقف وراءها بوكابون ،،، حيث كان يقف خلف الأشخاص ويلقنهم ماذا يكتبون وعن أي موضوع يردون ... ثم يقوم في اليوم الثاني بطباعة هذه الردود ويوزعها ويستفيد من هذه العملية في شراء لاب توب للعيال ... العيال مصاريفهم كثيرة وكذلك أم العيال وبهذه الطريقة يستطيع زيادة الدخل

    • زائر 5 | 2:47 ص

      دور الدكتاتورية

      وما هو دور عامل الديكتاتورية السياسية في كل هذا الزلزال الذي يعصف باليمن الشقيق؟

    • زائر 3 | 10:54 م

      الفتن .. الفتن

      هل المسئولية الموجودة الآن حققت نسبة من الرضا و الطموح...أم وجودها أصبح مشكلة كان سبباً في زيادة الجروح؟؟ هل تنتهج أساليب راقيه و حضارية...أم طريقة تحريضية و سوقية؟؟؟ هل تسعى لتحقيق مطامع شخصية أم أهداف وطنية؟؟ هل هي على قيم ومعاني...أم تنعدم فيها المبادئ؟؟ هل كان تأثيرها سلبي أم إيجابي..؟؟ هل كانت تنمية و تطوير...أم فتنة و تدمير؟؟

    • زائر 2 | 9:56 م

      إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

      لا تزال الطموحات لا ترقى عن مستوى الاشباع الفيزيولوجي في بعض الدول والتي لا زالت نائمة تحت اللحاف ولا زالت في سبات وأحلام وردية ولا تزال بعض الأدمغة محصوره في اشباع البطون وتطبيق أحكام النكاح يأخذون من الدين ما يلائم غريزتهم ويتركون جانبا آخر يتعلق بعمارة الأرض .. لذلك لا تستغربوا أن وصمكم الغرب بأمة التخلف لأنه يرى بأن الناس ترعى كما ترعى الأنعام

    • زائر 1 | 9:48 م

      ما يحدث في بلد ما يمكن أن يتكرر في آخر

      والنهاية القصد هو استخلاص الدروس والعبر ... والسنين القادمه عجاف ستأكل ما قدمت وخاصة في ظل استنزاف هائل للموارد وحروب باردة وساخنه وسباق في اللحق خلف الحضارة الغربية الزائفة الذين بدأوا يغيرون الكثير من خططهم وأكبر
      دليل على ذلك جر جيوش الهزيمة خلف المحنة الإقتصادية العالمية وتداعياتها التي لم تبق ولم تذر

اقرأ ايضاً