العدد 2954 - الخميس 07 أكتوبر 2010م الموافق 28 شوال 1431هـ

كشكول رسائل ومشاركات القراء

من منا مثل فولتير؟

«أنا لست من رأيكم ولكنني سأصارع من أجل قدرتكم على القول بحرية» فولتير (القرن 17).

(فرانسوا ماري أرويه) المعروف باسم فولتير (1694 – 1778)، فرنسي الجنسية، كان كاتباً غزير الإنتاج قام بكتابة أعمال في كل الأشكال الأدبية تقريبا كالروايات والشعر والنثر والمقالات.

ذاع صيته بسبب سخريته الفلسفية الظريفة ودفاعه عن الحريات المدنية وخاصة حرية العقيدة. كما كان مدافعا عن الإصلاح الاجتماعي، على رغم وجود قوانين الرقابة الصارمة والعقوبات القاسية التي كانت تطبق على كل من يخرق هذه القوانين.

لست بصدد الحديث عن فولتير كشخص أو أديب، فلم أعرفه أو أسمع عنه إلا حديثاً، إلا أنني أحببت أن أنقل لكم ما أعجبني في جانب من جوانب تجربة وحياة هذا الفيلسوف. وبغض النظر عن سلبيات جوانبه الأخرى، إلا أن لديه جانباً جميلاً يعبر عن تجربة ذاتية تستحق أن نقف عندها وأن نستفيد منها.

رحل هذا الفيلسوف تاركاً إرثاً كبيراً لايزال الفرنسيون يستفيدون منه ويحتفون به في البانثيون بباريس، ومن أهم موروثاته هو استماتته للدفاع عن الحرية المدنية، التي تشمل حرية تكوين الجمعيات، حرية التجمع، حرية المعتقد، وحرية التعبير. وبالإضافة إلى ذلك الحق في محاكمة عادلة وفق الأصول القانونية، والحق في الخصوصية.

وتشمل الحق في الحصول على التعويض إذا أصيب آخر، الحق في الاحتجاج السلمي، والحق في محاكمة عادلة التحقيق والمحاكمة إذا كان يشتبه في وقوع الجريمة، وبصورة أعم على أساس هذه الحقوق الدستورية كما له الحق في التصويت، والحق في الحرية الشخصية، والحق في حرية التنقل والحق في الحماية المتساوية.

قد لا نتفق مع فولتير في بعض أفكاره، ولكننا نلتقي معه في أفكار أخرى، إلا إن التقاءنا معه في الواقع العربي ليس سوى توافق نظري، ترجمته شعارات متهالكة. ففي العالم العربي هناك الكثير ممن يرى في نفسه فولتير زمانه إذ يستميت مدافعا عن الحرية المدنية بعد أن يبترها كما شاء ويرى أن له الحق في ذلك. ولكنه يفتقر لإمكان تطبيق ما يدعو له في حدوده ودائرته مهما تقلصت.

وفي مجتمع متعدد الأفكار والتنظيمات كالمجتمع البحريني يصعب المطالبة بالحرية المدنية على رغم أن مثل هذا المجتمع أحوج لتطبيق مبادئ الحرية المدنية. وينتج من هذه الصعوبة الكثير من العيوب التي يعززها الانغلاق الفكري والتقوقع الايديولوجي.

وإذا ما أردنا معرفة إمكانية تقبل مجتمع ما بالحرية المدنية، فعلينا أن نجري عملية حسابية أركانها (مجتمع متعدد)، (خيارات متعددة) و(أساليب متعددة)، سواء اختلفت الأهداف أو اتفقت. إلا أن الواقع سيوضح لنا النتيجة كاملة وصحيحة. وإذا ما طبقنا هذه العملية على الواقع البحريني فإن النتيجة ستكون واضحة؛ وهي أن المجتمع البحريني لن يتقبل الحرية المدنية بل إنه ليس مقتنعاً بها وإن نادى بعضهم بها أو اتخذها ضمن أهدافه.

وهذا ما نلاحظه جليا في ممارساتنا اليومية سواء في الجانب الرسمي أو الأهلي. ولاسيما في هذه الأيام مع اقتراب الاستحقاقات النيابية القادمة. فهناك من يريد أن يفرض رأيه في المشاركة من خلال ذم الخيارات الأخرى ومنها الامتناع عن المشاركة، وهناك من يريد فرض رأيه في المقاطعة بتوصيف المشاركة والمشاركين بأبشع النعوت، حتى الجهات الرسمية لم تترك الخيارات مفتوحة للمواطنين، فهي تمدح المشاركين وتتهم المقاطعين بتهم لا تمت للواقع بصلة.

وحتى التنظيمات السياسية لا تترك لبعضها البعض متسعا من الحرية، فكل تنظيم يقصي من لا يتفق معه من حريته المدنية عندما يهم لإثبات أن خيارات وأفكار ووسائل غيره غير صائبة أو تفتقر للصوابية. والمفارقة أن بعض هذه التنظيمات تشترك في المطالبة بالحرية المدنية وهي لا تمارسها.

بل إن بعض التنظيمات تقصي من يختلف مع الجماعة من حريته المدنية في التعبير عن الرأي والاختيار، وهذا من الأدلة الثابتة لعدم قناعاتنا بالحرية المدنية. إذ إننا نمارس الإقصاء والتهميش حتى في أوساط مؤسساتنا وتنظيماتنا وليس مع الغير فقط.

إن مجتمعنا يفتقر إلى فن إدارة الاختلاف، وحواراتنا دائماً ما تتقوقع في دائرة المدح والذم، أو الصواب والخطأ، أو التقديس والاتهام. ولو أننا نعي قليلاً لمفاهيم الاختلافات والحوارات الهادفة القائمة على احترام الآخر، لأصبح فينا الكثير من فولتير وأفضل منه. فليس بيننا من يصارع من أجل من لا يتفق معه ليقول رأيه بحرية، بل بيننا من يقصي من لا يتفق معه من حقه وحريته ويتهمه بأبشع النعوت والصفات والاتهامات.

تبقى هذه الحالة عامة وليست شاملة، وربما نتجت عن طبيعة هذا المجتمع الذي لم يعد يتقبل التعدد على رغم أن التعدد سمة فيه.

أحمد عبدالله الدفاري


المرشح النيابي أو البلدي... ووعي الناخب !

 

في هذه الأيام التي تسبق يوم الاقتراع يعيش الناخب والمرشح النيابي أو البلدي في ترقب وحذر، وأصبح الناخب يراقب الوضع بدقة في اتجاهاته المختلفة، وتراه يتنقل من خيمة انتخابية إلى أخرى ليتعرف على ماهية هذا المرشح أو ذاك، من خلال كلمات المرشح وأفعاله وسلوكياته، تراه في ليلة تجده في خيمة مرشح مستقل وفي ليلة ثانية تجده في خيمة مرشح آخر ينتمي إلى إحدى الجمعيات السياسية، وجدناه لا يغريه المرشح المسرف الذي يهتم بملء بطون الناخبين، ولا يعجبه المرشح الذي يستغل حاجات الناس الفقراء، ولا يميل إلى المرشح الذي يوزع الثلاجات والمكيفات والمأكولات المتنوعة، ولا يحترم من يحاول شراء أصوات الناخبين بأبخس الأثمان، يرى أن مثل تلك الفئات من المرشحين غير صالحة ولا تصلح بأن تمثله في المجلس النيابي أو البلدي، لأنها مسرفة إلى حد السفه، وهذه الصفة لا تتناسب مع العمل الذي يدعون إليه لا من قريب ولا من بعيد، ويرى أن ما تقوم به تلك الفئة بمثابة الرسالة الواضحة للناس، أنها غير عابئة بأخلاقيات العمل النيابي والبلدي وأنها تتعامل مع العملية الانتخابية بعبثية مفرطة، وكأن غايتها الأساسية هي الوصول إلى قبة المجلس النيابي أو البلدي في اعتقاده، حتى ولو كلفته تلك الممارسات العبثية آلاف الدنانير بأن يوجد خيمة انتخابية فخمة ( خمس نجوم )، وحتى لو كلفته الضيافة الراقية والبوفيهات الفاخرة المبالغ الكبيرة، ويرى الناخب أن تلك الفئة من المرشحين التي ينظر إليها أنها غير راشدة بنسبة كبيرة في حملتها الانتخابية، وأن غايتها الهرولة وراء مصالحها الشخصية، ولا ينتظر منها أن تقف في المجلس النيابي أو البلدي مع مصالح الناس حتى بنسبة متدنية، ولهذا تراه يسخر -أي الناخب- من تلك الفئة من المرشحين كثيراً مايعلن عن رأيه بكل وضوح في كل محفل يحضره.

وتراه يثير التساؤلات في أوساط الناخبين، هل ترون أن هذا المرشح الذي يبعثر أمواله بهذه الصورة غير الطبيعية جدير أن يحمل هموم الناس ويدافع عنها ؟ هل ترونه بهذه النفسية غير الرزينة في تصرفاتها الاقتصادية يستطيع أن يتحسس مشاكل الناس عندما يصل إلى قبة المجلس النيابي أم أنه يتناساها أو يتغافل عنها ؟ وتكون الإجابات في الغالب ليست في صالح تلك النوعية من المرشحين، ولهذا تراهم يرددون عبارة (أكل من خيره وصوّت إلى غيره)، ما أردنا قوله للمرشحين المسرفين في حملاتهم الانتخابية، انتبهوا جيداً فإن الناخب على مستوى عال جداً من الوعي، فلا تغريه خيمة فخمة ولا أكل فاخر ولا شراب لذيذ ولا بهرجة كاذبة، الشيء الذي يغريه صدق الحديث وحسن السيرة والطباع والكفاءة والقدرة على طرح المشكلات والدراية الكافية بماهية العمل الذي سيقوم به، إذا ما توافرت تلك الصفات في المرشح النيابي أو البلدي تجد الناس يميلون إليه، ويعطونه أصواتهم بكل اطمئنان، وترى الناخب الواعي المدرك لأبعاد الانتخابات يميل نحو المرشح الواقعي الذي يخاطب عقولهم ولا يميل حتى ولو بنسبة معينة إلى المرشح الذي يخاطب بطونهم ويسخر بعقولهم، أقول ألف تحية وألف تقدير للناخب الواعي الذي يقدر قيمة صوته ولا يعطيه إلا لمن يستحق من المرشحين .

سلمان سالمa


الديون خارج «الحسبة» !

 

تقدم أحد الأصدقاء بطلب مساعدة من إحدى الجمعيات الخيرية، بعدما عمل على توفير الأوراق الثبوتية التي طلبت منه مسبقاً، والتي تدلل على أنه مستحق للمساعدة.

المحتاج هذا تقدم بطلبه، إلا أنه رفض لأن زوجته تعمل موظفة بإحدى وزارات الدولة براتب 500 دينار، والإفادات المصدقة من قبل الجهات الرسمية والخاصة تقر بأن صاحب الطلب عاطل عن العمل منذ سنوات، والبنوك هي الأخرى توثق بأن عليه قرض قبل سنوات ومايزال يستقطع منه مبالغ الأقساط من خلال معونة الاسكان، فتراكمت عليه الديون والمصاريف، وكذلك زوجته هي الأخرى عليها قرض شخصي، وكل الأوراق التي جمعها صاحبنا استحصل عليها بعد دفع رسوم لجهات عدة. شرَح طالب المساعدة ظروفه للموظف، فردّ عليه الموظف بأن كل هذه الديون هي خارج «الحسبة»، فنظام الجمعية يعتمد على مدخول الأسرة، بمعنى الراتب الأساسي، فلا دخل للقروض أو الاستقطاعات الشهرية والمصاريف بموضوع المساعدة. صاحبنا خرج من مقر الجمعية الخيرية وهو ينظر إلى مسمى الجمعية خارج المبنى، خرج خالي الوفاض ممسكاً بمستنداته المرفوضة الطلب. هناك في هذا البلد العزيز أناسٌ كُثر يحتاجون للمساعدة، فلولا الحياء من السؤال -كما يقال- لوجدنا طوابير البشر تقف على أعتاب الجمعيات الخيرية، ولكي لا أكون مجحفاً في حق الجمعيات والصناديق الخيرية لا أنكر هنا بأنها تقوم بدور فعال لخدمة المجتمع ممن هم بحاجة ماسة للمساعدة، كما أنها تقوم بخدمات وفعاليات اجتماعية لصالح المجتمع ضمن امكاناتها المحدودة، ولكن مايرثى له أن هناك جمعيات لديها موازنة تستطيع بجزء منها أن تساهم في رفع معاناة المحتاجين المرهقين بالديون، إلا أن استبعاد هذه الفئة من المجتمع في الحصول على المساعدة أضرّ بعوائل كثيرة، وكأن هؤلاء الأفراد حكم عليهم بأن يواجهوا مصيرهم بأنفسهم وبما اقترفته أيديهم من الاقتراض والسؤال.

أتذكر أن الصحافة نشرت خبراً عن دولة الكويت الشقيقة مفاده أن النواب يناقشون قانون اسقاط الديون عن مواطنيها، ولايزال النقاش جارٍ، حيث قنوات التلفزة أخذت تطرح هذا الموضوع على نطاق واسع في المجتمع الكويتي، لأن الكل بات متضرراً من هذه القضية (الديون)، هذا مؤشر على أن ممثلي الشعب في المجلس والحكومة متفقون على البحث عن طرق تساهم في رفع المستوى المعيشي لمجتمعهم.

في جلسات مجلس النواب البحريني، عندما يناقش اقتراح أو سن قانون قابل للتصويت وخاصة عندما يكون النقاش ينصب في التخفيف عن المواطنين بمنحهم معونة أو زيادة في الرواتب أو تحسين الوضع المعيشي، نجد أن أبناء هذا البلد يتابعون الحدث باهتمام، ويترقبون النتيجة عبر الصحافة وتناقل الأخبار، كل ذلك لأن الموضوع يلامس جانباً من جوانب حياتهم المعيشية.

ما أتمناه من المعنيين بالخدمات الانسانية ومن يمتلكون سلطة القرار في المؤسسات والجمعيات الخيرية، أن يتدارسوا طريقة مثلى لمساعدة مثل أؤلئك المحتاجين ممن حاصرتهم الديون، فلم يتبقَ لهم إلا الشكوى لله عزّ وجل والهيئات الخيرية والمحسنين من هذا البلد العزيز.

حسن مقداد


الذكريات

 

دع الذكريات تنتهي

دع الأوجاع تنام

واصل التحدي للأمام

لا تخشى من الظلام

كن قوياً كن إصراراً

لا تدع الأيام تحبطك

نافس جازف لا تكتفِ

ارسم مستقبل الأحلام

حاول وحاول لا تنام

تقدم بيدك القرار

بنفسك خد الاختيار

أشعل شموعاً لا تنطفئ

تحدث عبر بالكلام

رمم الكسور والحطام

لا تتوقف قيد الانتظار

لا تضع صمت الاعتذار

أشعل طموح الانفجار

كن الأخلاق والاحترام

ابتسم وارفع الأعلام

فهناك أيام وأيام وأيام

خذ الأوراق والأقلام

فالنجاح بداية لا تنتهي

واصل درب الأخطار

ازرع الألوان والأشجار

ثق بنفسك لا تنهر

ثق في حظ الأقدار

الخطأ لا يعني الانهزام

تنسيق التحدي والالتزام

يجعلك لا تأبه للاستسلام

لا تخف ابداً لا تختفي

الشمس بيدك والأقمار

أنتَ البحار انتَ الأنهار

أنتَ الرئيسي بالأدوار

قلبكَ مجموعة أحجار

خطواتك عاصفة إعصار

تقدم فهناك أيام وأيام

تقدم لتحقيق كل الأحلام

فلديك كل الأيام والأيام

الأشجارعطشى لم ترتوِ

تقدم نحو الانتصار

قادر في كل اختبار

لا تيأس لديكَ هناك أيام

نعم أنتَ القوي بالقرار

نعم أنتَ أنتَ لا غيرك

فأعلن مبادئك لا تختفي

ميرزا ابراهيم سرور


يوسف الصديق (ع) فوق القصة والمسلسل

 

كثيرا ما تحدث العلماء والمؤرخون عن قصة النبي يوسف (ع) وتطرقوا الى تفاصيل القصة التي تعتبر من اجمل القصص التاريخية التي تحدث عنها القرآن لما تحمله هذه القصة من أهمية بالغة جدا عند الناس ووقعها في نفوسهم، فبطبيعة الحال ان الكائن البشري مفطور على حب القصة لذلك عندما نأتي الى القرآن الكريم نراه يستخدم الاسلوب القصَصي في سرد الوقائع المهمة واختلاف مضامينها، ولكن غالبا ما نرى انها تشترك في مضمون واحد وهو ان الله واحد لا شريك له هو المهيمن على الوجود، وكل الأحداث تدل على قدرة الله وتوحيده وان المعاد لا ريب فيه وكل ما اعطينا في الدنيا من مال وقوة تبقى هذه القوة وهذه الاموال مكتسبة قد تزول في اي لحظة وتحت اي ظرف من الظروف، ولن يبقى لنا إلا العمل، واشهر هذه القصص هي قصة النبي يوسف (ع) في القرآن الكريم الذي انتجه التلفزيون الايراني كمسلسل تلفزيوني جسد القصة بكل حذافيرها وتفاصيلها فاصبح للمسلسل صدى كبير وواسع في الاوساط الفنية والصحف العالمية ومن ابرز ما لحظته في الساحة هو الاصدار الجديد الذي اطلقه المؤلف البحريني الشيخ جمال خرفوش (يوسف الصديق فوق القصة والمسلسل) هذا الكتاب يتميز عن غيره في ما كتب عن النبي يوسف (ع) بمميزات عديدة اهمها التحليل الدقيق للقصة التي طرحها المسلسل ويبرز اهم العوامل المؤثرة التي خلفها المسلسل بعد طرحه على الساحة الفنية.

يذكر هنا ان المؤلف عمد الى طرح بعض الابحاث والتحليلات التي لا توجد في كتب اخرى فننصح القراء الكرام المهتمين بهذا المجال بأن يقتنوا هذا الكتاب لما فيه من طرح ثري يندر توافره في الاصدارات الاخرى حيث اتى في تمهيد الكتاب: إن النظام القصصي في سرد الأحداث وتثبيت العقائد وبث الفضائل يعد الأكثر نجاحاً وسط استراتيجيات التعليم، إذ إن القصة بمقدورها اجتذاب الصغير والكبير، العالم والجاهل مع قياس الفارق في قوة الجذب، إذ إن الصغار والجهال يعتبرون الأكثر انجذاباً في الأعم الأغلب لما في القصة من البساطة والبعد عن التعقيد.

لذا فإنه ينصح باتباع الأسلوب القصصي الصرف في تعليم طلاب الحضانات والروضات وكذلك مراحل الدراسة الابتدائية، مع التخفيف من ذلك الأسلوب رويداً رويداً كلما ترقى الطالب في مراحل الدراسة كي تكون المعلومات المتلقاة أكثر متانة ودقة.

وقد سار القرآن على نهج الأسلوب القصصي في الكثير من صفحاته الكريمة، حتى أن الكثير من السور كانت عبارة عن قصة كاملة أو مجموعة قصص، ثم أنه من الملاحظ تكرار بعض القصص بذات القدر أو مختصرة أو مطولة في مواضع متعددة في السور. وقد حقق القرآن الكريم الكثير من المكاسب التعليمية والتثقيفية المثبتة للدين وعقائده وأخلاقه وأساسياته عبر تلك القصص جاعلاً من قراءته أمراً محبباً بعيداً عن الرتابة والتعقيد فضلاً عن استماعه.

وعلى رغم من تأثير القصة القوي في مشاعر وأخلاق وعقائد المستمعين، إلا أنها ستكون أكثر تأثيراً فيما لو أخرجت من محفظة الذهن والخيال ومثلت على الواقع الذي يكون أقرب للتصور وأجدى في التفاعل. لذا فإن المسلسلات والأفلام السينمائية والمسرحيات تعد من أكثر الأساليب جذباً لأنها تجمع بين الأسلوب القصصي والتمثيل الواقعي على الأرض، إذ يلامس الأول خيال المستمع والثاني جوارحه. فنرى الكثير من المستمعين يتأثرون بشكل كبير بالممثلين والممثلات ويضعونهم موضع القدوة بسبب التأثير العظيم الذي خلقه الممثل أو خلقته الممثلة أثناء تنفيذ دور بطولي أو أخلاقي أو إنساني معين. وقد نهج النبي (ص) وأهل بيته الأطهار (ع) ذات النهج في الكثير من المواقف التي مثلوا فيها بعض المتطلبات أو الوقائع على الأرض فكان لها أبرز الأثر على نفوس الجماهير، ومثاله ما فعله رسول الله (ص) من تمثيل واقعي كان بطلاه أمير المؤمنين (ع) وسلمان المحمدي (رض)، لما أعطى كل واحد منهما مبلغاً من المال وطلب منهما، بمسمع ومنظر من المسلمين، أن يخرجا من المسجد ويصرفا المبلغ كلٌ بحسب ما يراه من أوجه الخير، ثم لما رجعا أوقف كل واحد منهما على صخرة قد صهرتها الشمس حافياً كي يخبر المسلمين بما فعل، فلم يمكث أمير المؤمنين إلا بضع ثوان لأنه لم يقم بأكثر من التبرع بالمبلغ كاملاً لسائل رآه خارج المسجد، أما سلمان فقد احتاج لسرد قصة طويلة تورمت بها قدماه من حرارة الشمس، وكان الهدف الأسمى لرسول الله (ص) من خلق هذه التمثيلية أن يقول حكمته المشهورة: «فاز المخفون يا سلمان»، كي ينبه المسلمين إلى طول الوقوف بين يدي الجليل تبارك وتعالى يوم القيامة للحساب. وكذلك ما ينسب للحسنين سبطي الرحمة وإمامي الهدى (ع) مع ذلك الشيخ الكبير الذي احتكما عنده في صحة وضوئهما لمّا رأياه يتوضأ بشكل خاطئ، حيث أوصلا له المطلب بلطف وعلم عبر تمثيلية بسيطة جداً.

ولما كانت مستلزمات التمثيل وعمل الأفلام والمسرحيات والمسلسلات مكلفة للغاية، كانت الإنتاجات الفنية الإيمانية والأخلاقية والعقائدية شحيحة جداً بالمقارنة مع الإنتاجات الفنية عند الطرف المقابل. فكلما خرج لنا إنتاج فني جديد زادنا رغبة ولهفة في انتظار الجديد القادم الذي لا نعلم متى سيرى النور لما لذلك العمل من أصداء دينية وعقائدية وأخلاقية.

أما الآن وبعد أن بزغ نور الإنتاجات الفنية المتعددة خصوصاً تلك التي تنتجها السينما الإيرانية أو السورية أو اللبنانية، باتت تلك الإنتاجات تحتل الصدارة على رغم قلة الكم قياساً بالإنتاجات المقابلة، وصارت حديث الساعة وبالخصوص (مسلسل النبي يوسف الصديق) الذي غدا الأكثر شعبية في الأوساط إذ حقق نجاحات باهرة.

ومن هنا ارتأينا أن نعلق على هذا المسلسل كي نضع النقاط على الحروف محاولين تأييده فيما هو حري بالتأييد وتوجيه الملاحظات التي تخدم في النهاية الإنتاج الفني والالتزام والأخلاق.

عبدالله المسيح

العدد 2954 - الخميس 07 أكتوبر 2010م الموافق 28 شوال 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 8:28 ص

      تشكر يا اخ عبدالله على المقال الرائع

      شكرا اخ عبدالله على هذا الوصف الرائع لكتاب يوسف الصديق الذي انا اود اقتنائه

    • زائر 1 | 6:30 ص

      تفكير يحتاج الى تغيير

      أضم صوتي لصوت الأخ حسن مقداد فما دخل راتب الزوجة في الموضوع ؟
      بعض العقليات العاملة في الجمعيات والصناديق الخيرية قديمة ومعيار الفقر لا يتغير لديها وهذه مشكلة تحتاج الى حل لكن اللوم على الشباب الواعي بصده وابتعاده عن الإنخراط في العمل الخيري والتطوعي
      والسؤال الذي يطرح نفسه مقارنة : ماذا تفعل الجمعيات الكويتية بأموالها ؟!

اقرأ ايضاً