العدد 2953 - الأربعاء 06 أكتوبر 2010م الموافق 27 شوال 1431هـ

التحذير من عمل إرهابي في أوروبا يكشف تبايناً في التقديرات

جنود فرنسيون في  محطة السكك الحديد   في باريس بعد التهديد بعمل إرهابي (رويترز)
جنود فرنسيون في محطة السكك الحديد في باريس بعد التهديد بعمل إرهابي (رويترز)

أثار التحذير الأميركي من عمل إرهابي في أوروبا في بداية الأمر دهشة في منطقة تفضل أن تسمح بتبلور عمليات التخطيط لمؤامرات حتى تجمع أدلة يمكن تقديمها للمحكمة.

ولكن محللين يقولون إن حلفاء أميركا الأوروبيين الأكثر تحفظاً قرروا إرجاع التحذير إلى عدم سماح الولايات المتحدة بالحد الأدنى من المخاطر الإرهابية واضعين في الاعتبار دورهم الأدنى في الشراكة في أنشطة المخابرات عبر الأطلسي.

وشهدت فترة 18 شهراً مضطربة إحباط سلسلة من الهجمات الجريئة غير المسبوقة في الولايات المتحدة من تدبير متشددين «نشأوا في الداخل» ويمثل هذا اختباراً جديداً لمدى قوة عزيمة واشنطن التي اعتبرت لسنوات أن مثل هؤلاء المتشددين هم في الغالب مشكلة أوروبا.

ويقول مسئولون أمنيون إن التحذير الأمني الغامض الذي صدر يوم الأحد الماضي بشأن خطر هجمات إرهابية دليل على تنامي الحساسية الأميركية.

والتزمت أوروبا الصمت بدرجة كبيرة إزاء التحذير.

ويقول بعض المحللين إن التحذير ربما يخدم حاجة الحكومات لغطاء سياسي في حالة وقع هجوم ولكنه قد يضر بالتحقيقات في أي تهديد لأنه سيدفع المتآمرين للاختباء في مرحلة مبكرة من المؤامرة.

وهناك أيضاً تفهم لأن الولايات المتحدة لن تتخل عن توجهها القائم على منع أي تهديد أمني بأي ثمن مهما أدى ذلك إلى فقد الأدلة.

وقال محللون أن التعاون الدولي في مجال المخابرات مهم للتصدي لعدو يعمل في شبكة ينتمي أفرادها لأكثر من دولة مثل تنظيم «القاعدة» بدرجة لا تسمح بتصعيد تباين الأسلوب التكتيكي ليصبح خلافاً رئيسياً.

وقال مسئول أمني بريطاني بارز سابق أن الولايات المتحدة تبدو غير مستعدة للسماح بأي خطر «مهما كان صغيراً أو يخضع لتغطية من شركاء دوليين»، وهو أمر مفهوم تماماً.

وأضاف أن الكشف عن «هجومي ديترويت وساحة تايمز سكوير لم يسهم فيما يبدو في رفع درجة تحمل الولايات المتحدة لأي مخاطر» مشيراً لإحباط محاولة تفجير طائرة فوق ديترويت في 25 ديسمبر/ كانون الأول الماضي ومحاولة تفجير فاشلة في نيويروك في أول مايو/ أيار 2010 .

وعبر مدير قسم الأمن الداخلي والقدرة، توبياس فيكين على الرد بمعهد رويال يونايتد سيرفيسيز البريطاني عن اعتقاده بأن وكالات الأمن الأوروبية غير راضية عن التحذير الأمني الأميركي وما سبقه من نشر لأخبار على مدار عدة أيام عن مؤامرة يحيكها متشددون في باكستان ضد أهداف أوروبية.

ولكن المسئول السابق بوكالة المخابرات المركزية الاميركية (سي.اي ايه)، بروس ريدل ويعمل حالياً بمعهد بروكينجز في واشنطن قال إن الولايات المتحدة منحت الحكومات الأوروبية بعض الوقت لشرح الوضع علناً قبل إصدار التحذير.

وأضاف ريدل «بالحكم على رد الفعل... لا أعتقد أنه (التحذير) تسبب في خلافات داخل الحلف. أعتقد أنه وبشكل ما ربما نكون قد ساعدنا الأوربيين على التصريح بشيء يجدون صعوبة في قوله».

ولا يبدو أن هناك اتفاقاً دائماً بين بريطانيا وحليفتها الوثيقة الولايات المتحدة بشأن أساليب تعقب المؤامرات.

ففي العام 2006 حين أحبطت محاولة متشددين بريطانيين لتفجير طائرة بمتفجرات سائلة أشار بعض المعلقين إلى أن وكالات الأمن الأميركية ضغطت على الوكالات البريطانية للتعجيل بإلقاء القبض على المتآمرين وأن المؤامرة لم تكن بلغت مرحلة متقدمة كما زعمت السلطات والساسة.

وأدت القضية لمحاكمتين مطولتين. ونفى مسئولون أميركيون وبريطانيون في العلن ممارسة مثل هذه الضغوط.

وقال خبير الإرهاب في شركة «ستراتفور» العالمية للأنشطة المخابراتية، سكوت ستيوارت «من وقت لآخر يحدث توتر بسبب بعض الهجمات ... ثمة قليل من التوتر مع البريطانيين».

وتابع «الولايات المتحدة مستعدة دائماً للتضحية بالمحاكمة إذا كان ذلك يعني إحباط مؤامرة بدلاً من المخاطرة بأن يتسرب اي شيء من خلال ثغرات».

ولكنه ذكر أن ثمة ميل متزايد لوكالات مكافحة الإرهاب لتبني «النموذج الاستباقي» الذي تنتهجه الولايات المتحدة.

وتابع «الفكرة أنه حتى وإن لم يكن بوسعنا الزج بهم في السجن مدى الحياة فيمكننا على الأقل أن نقبض عليهم وإذا كان يسعنا أن نفعل شيئاً لإحباط هذه المؤامرة فإننا ننقذ أرواحاً».

وفي الشهر الماضي تضمنت كلمة للمدير العام لجهاز مكافحة التجسس (إم.آي 5)، جوناثان إيفانز تلميحات لأن البريطانيين يتحركون على الأقل في الاتجاه الأميركي نفسه.

وانتقد افتراضاً «مصدره وسائل الإعلام الأميركية» في الغالب يقول إنه يمكن منع الأعمال الإرهابية بنسبة 100 في المئة واعتبار أي حادثة تقع نوعاً من الفشل الحكومي يستوجب العقاب.

وقال «أفضل أن أتعرض للانتقاد حين لا يصل الأمر إلى ساحة القضاء على أن أشهد تنفيذ مؤامرة لأننا لم نتحرك بالسرعة الكافية».


تهديد متزايد من متشددين يقيمون في ألمانيا تدربوا في باكستان

يعتقد خبراء أمنيون والشرطة الألمانية أن تجمعات لمتشددين مسلمين مثل بعض المترددين على مسجد في هامبورغ له صلة بهجمات العام 2001 على الولايات المتحدة أفرزت ما يصل إلى مئة متشدد مدرب يمثلون خطراً أمنياً الآن.

وتسلط أنباء مقتل ثمانية متشددين ألمان في هجوم يشتبه ان طائرة أميركية من دون طيار شنته في باكستان الضوء على عدد متزايد من المجاهدين الأشداء المدربين من ألمانيا الذين عادوا لأوروبا وقد يشاركون في هجمات.

وهونت الحكومة الألمانية من أمر أحدث تحذيرات أمنية أميركية وبريطانية بشأن خطر متزايد لهجمات إرهابية في أوروبا لكن الشرطة ترى تهديداً متزايداً من متشددين تدربوا على الحدود الأفغانية الباكستانية.

ونشرت الصحف صوراً لمعالم برلين التي تعد أهدافاً محتملة مثل بوابة براندنبرغ وبرج التلفزيون، فيما حذر قائد النقابة الرئيسية للشرطة في ألمانيا قائلاً «ينبغي أن نتوقع هجمات».

وقال كونراد فريبرج رئيس أكبر نقابة للشرطة في ألمانيا لصحيفة «باسور نوي برسه»، «يزيد عدد الإسلاميين الخطرين (في ألمانيا) عن مئة»، مضيفا أن نحو 40 تلقوا تدريباً على المتفجرات. وقال «هذا خطير جداً بالنسبة لنا».

وقال مسئولو مكافحة الإرهاب في أوروبا والولايات المتحدة إن المخاوف بشأن نحو مئة إسلامي ألماني سافروا بين ألمانيا والمناطق القبلية في باكستان ساهمت في إعلان التحذير الأمني الأخير في أوروبا.

وتتابع الأجهزة الأمنية منذ فترة التجمعات الإسلامية المتطرفة في ألمانيا بصفة خاصة مسجد في هامبورغ تردد عليه محمد عطا قائد المجموعة التي نفذت هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 على الولايات المتحدة.

وفي أغسطس/ آب أغلقت الشرطة مسجد طيبة الذي كان يعرف من قبل بمسجد القدس وقالت إنه يرتبط بجماعات مسلحة في باكستان وأفغانستان.

ولدى ألمانيا حساسية كبيرة لأسباب تاريخية من أي دلائل تشير لتحامل ضد الجالية المسلمة المؤلفة من نحو أربعة ملايين نسمة ومعظمهم من أصل تركي.

وربما يكون لنقابة الشرطة مصلحة في تضخيم المخاطر ويقول فريبرج إن مراقبة هؤلاء الأشخاص على مدار 24 ساعة «مستحيل بسبب نقص في الأفراد». لكن تحذيراً مماثلاً من مصدر أمني أكبر صدر في أوائل سبتمبر.

وقال يورج تسيركه رئيس مكتب الجريمة الاتحادي لصحيفة «تاجشبيجل» في الخامس من سبتمبر إنه يعتقد أن عدد المتشددين في ألمانيا أعلى كثيراً بما يصل إلى 400 وبعضهم لديه خبرة قتالية في أفغانستان.

وأضاف أن الشرطة رأت تزايداً في «سفريات ومحاولات سفر أفراد من دوائر إسلامية تنزع للعنف» منذ 2009 وأن ألمانيا صنفت 131 شخصاً «كمحرضين محتملين يمكنهم تنفيذ هجمات «ضخمة».

وأحدهم ألماني تعتقله القوات الأميركية في أفغانستان وحققت معه في يوليو/ تموز وأفادت تقارير عديدة أنه كشف تفاصيل هجمات مزمعة على أهداف في ألمانيا وأوروبا. وقالت الحكومة في برلين الاثنين إنها كانت على اتصال به وأن المخابرات الألمانية سوف تستجوبه. وقالت وسائل الإعلام إن اسمه أحمد صديقي وهو ألماني من أصل أفغاني رغم أن الحكومة لم تؤكد ذلك ولم تؤكد أيضاً تقارير أفادت أنه وراء التحذير الأمني الأميركي بشأن أوروبا.


«جوازات السفر الغربية» السلاح الجديد لـ «القاعدة»

واشنطن - أ ف ب

تلقي مشاريع الهجمات التي تم إحباطها في أوروبا الضوء على الخطر المتزايد الذي يمثله الناشطون الإسلاميون الذين يحملون جوازات سفر غربية، قال محللون إن «القاعدة» ترى فيها سلاحاً مهماً تسعى إلى الاستفادة منه.

وتحاول أجهزة الأمن الأميركية والأوروبية رصد الشباب الذين يحملون جنسيات دول غربية ويقومون برحلات إلى باكستان أو إلى دول أخرى تؤوي منظمات إسلامية متطرفة، بهدف الحصول على تدريبات لدى تنظيم «القاعدة» والتنظيمات الحليفة له.

وقال المسئول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية (سي اي ايه)، ارتورو مونزو «كل شيء يدفع للاعتقاد بأن هذا الخطر يتنامى».

واظهرت دراسة لباحثين أميركية وسويديين نشرت الجمعة أن ما تعلمه أجهزة المخابرات الغربية عن هذا التهديد «يقتصر على الجزء البسيط الظاهر من مشكلة أوسع وغير مكتشفة مع غياب المعطيات الكافية عنها».

وبحسب الدراسة فإن الناشطين الإسلاميين الذين يحملون جوازات غربية ويحظون بسجل عدلي نظيف يمكنهم في طبيعة الحال التنقل بسلام دون لفت انتباه السلطات.

ورأى واضعو التقرير من معهد سياسة الأمن الداخلي في جامعة جورج واشنطن أن «معرفة هؤلاء الناشطون بالأهداف التي يستهدفونها تقوي قدرتهم على إحداث أضرار».

وكشفت أجهزة المخابرات الغربية مشاريع هجمات مرتبطة بتنظيم «القاعدة» تستهدف بريطانيا وفرنسا وألمانيا، تشبه الهجمات التي استهدفت مدينة بومبي الهندية، وذلك بحسب معلومات نشرت في بعض الصحف الأميركية والبريطانية وأكدها جزئياً في ما بعد مسئولون ولكن لم تؤكدها الحكومات رسمياً.

وبحسب عدة وسائل إعلام، فإن المعلومات الأولى عن المؤامرة أتت من حامل الجنسية الألمانية المعتقل في قاعدة باغرام في أفغانستان، أحمد صديقي.

وذكر ماغنوس رانستورب أحد واضعي الدراسة أن «إحدى الدول المعنية جداً حالياً بهذا التهديد هي المانيا».

وبحسب السلطات الألمانية فإن نحو مئتي ألماني او أجنبي مقيم في ألمانيا زاروا باكستان بهدف الحصول على تدريب عسكري لدى جماعات إسلامية مسلحة.

ومن أصل هؤلاء حصل 65 على تدريبات فعلية.

لكن رانستورب يؤكد أن الدنمارك تواجه أيضاً خطراً حقيقياً من قبل «المقاتلين الغربيين الأجانب» الذين يستهدفون خاصة الصحيفة «يلاندس بوستن» التي نشرت العام 2005 رسوماً كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد (ص).

واعتبر الخبير أن «المؤشرات» حمراء في الدنمارك فيما تم رفع مستوى التأهب في السويد قبل أيام، كما شدد على أنه ليس هناك أي بلد في أوروبا بمنأى عن الهجمات.

ولكي تفلح في رصد وضبط الناشطين الخطيرين، على السلطات في الدول الغربية ليس فقط التشارك بالمعلومات في ما بينها بل ايضاً عليها رصد الناشطين الإسلاميين الذين ينشرون الدعاية الجهادية العنيفة لدى المجندين المحتملين.

واعتبرت الدراسة أنه «يجب أن يصب كل الاهتمام على هذه الناحية».

كما أشارت الدراسة إلى أن غالبية ضحايا العمليات الإرهابية هم من المسلمين وبالتالي يتعين على الدول التي تخوض الحرب على الإرهاب إلقاء الضوء على هذا الواقع الذي يمكن ان يشكل حالة رفض لدى المسلمين المقيمين في الدول الغربية.

العدد 2953 - الأربعاء 06 أكتوبر 2010م الموافق 27 شوال 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً