منذ أن احتل الأميركان العراق وهي «من جرف لدحديره» كما يقول المثل العامي في السعودية وهو يعني أنها تسير من سيئ إلى الأسوأ، ولا أعتقد أننا بحاجة إلى عين بصيرة لكي ندرك صحة هذا المثل وانطباقه على الوضع الحالي في العراق.
أعرف أن الذين وقفوا مع الاحتلال واستفادوا منه ماديا ومعنويا يسوؤهم هذا القول، لأنه يتعارض مع مصالحهم، وبطبيعة الحال فإنه يسوء المحتل لأن هذا الرضع أثبت عمليا كم كان المحتلون آثمين وكاذبين في كل ادعاءاتهم التي قدموها مسوغاً لاحتلالهم البغيض. كنا نتوقع أن يقدم الاحتلال وأعوانه شيئاً مفيداً للعراق بعد كل تلك السنوات، لكنهم لم يفعلوا شيئاً من ذلك، بل نقول: ليتهم أبقوا العراق كما كان، لكنهم لم يفعلوا ذلك وما كانوا يريدون فعله، لأنهم إنما جاؤوا لتدميره وامتصاص خيراته، وهذا هدف كل محتل بغيض على مدى التاريخ البشري.
رغم الفساد الهائل الذي كان في العراق، ورغم الاستبداد الكبير الذي كان يقوده إلا أننا لم نكن نسمع بمطالبات شبه صريحة بتقسيم العراق إلى دويلات صغيرة لا قيمة لها!
إخواننا الأكراد في الشمال يريدون دولة شبه مستقلة، ولولا بعض الظروف الإقليمية لطالبوا بدولة مستقلة!
من كان يتوقع أن تثور فتنة سوداء كالحة بين الأكراد والعرب؟! من كان يتوقع أن يقتل هؤلاء بعضهم بعضاً، ويستهدفون رموزهم الدينية والعلمية والسياسية؟! ما كان متوقعاً على الإطلاق ان تثور فتنة - مازالت تطل برأسها - بسبب مدينة كركوك، كل يدعي تبعيتها له وأنه أحق بها من الآخر! أليست هذه المطالبة دليلاً قوياً على التفكير في الانفصال العملي عن العراق وان كان بصورة مجملة؟!
متى كان الأكراد يبيعون نفط منطقتهم بعيداً عن الحكومة المركزية؟! ومتى كانوا يجرون اتفاقيات للتنقيب عن البترول بعيداً عن وزارة البترول؟!
من كان يتوقع - مجرد توقع - أن يقتتل السنة والشيعة وبصورة نادرة في تاريخ العراق منذ دخل الإسلام وحتى اليوم؟!
من كان يصدق أن العراقي كان يقتل بمجرد معرفة مذهبه من هذا الطرف أو ذاك؟!
كان معروفاً لنا أن السنة والشيعة كانوا يتزاوجون، وهم أبناء عمومة، وقد تجمعهم قبيلة واحدة، وكانوا قدوة لحسن العلاقة بين أتباع المذهبين، ولكن الاحتلال ومساعديه أخذوا كل ذلك ودمروه... وللأسف فإن هذا التأثير السيئ انتقل إلى بعض دول الخليج فأفسد كثيراً العلاقات بين أتباع المذهبين!
هذا الإفساد المتعمد كان وراءه الاحتلال وأصحاب المصالح الخاصة؛ هذا الاحتلال الذي يدعي أنه إنما جاء لتحقيق الديمقراطية في العراق، فهل هذه هي الديمقراطية؟! في العراق ديمقراطية السجون السرية، والتعذيب المريع، وإبقاء آلاف المساجين سنوات بدون تحقيق أو محاكمة عادلة!
العراق دولة غنية جداً، نفط، وماء، وزراعة، وعقول ذكية منتجة، وغير ذلك من الثروات، ولكن كلنا نعرف كيف يعيش معظم سكانها!! فقر مدقع، انقطاع الكهرباء طويلاً طويلاً، ماء ملوث، فقر في المستشفيات، كل ذلك وسواه مما يعاني منه المواطنون... فأين تذهب ثروات العراق؟!
ماضٍ مظلم فكيف سيكون المستقبل؟! سبعة أشهر - تقريباً - بعد انتهاء الانتخابات والعراقيون لم يستطيعوا تشكيل حكومتهم!! ومع هذا فالكل يتغنى بالديمقراطية!
المالكي يتشبث بالحكم ويريده بأي وسيلة ومع أنه لم ينجح إلا أنه مازال يتحدث عن الديمقراطية التي مارسها سابقا والتي يمارسها حالياً!
رائحة الطائفية العفنة تفوح من كلماته ومن تحالفاته ومع هذا فهو يتحدث عن العراق بكل طوائفه!!
القائمة العراقية بزعامة العلاوي ترى أنها الأحق باعتبارها نائب الأكثرية في الانتخابات، لكن المالكي لا يعترف بذلك لأن مصالحه هي الأهم وبدأ يتحدث عن الكتل البرلمانية المتحالفة هذا الحديث الذي لم يكن مطروحاً من قبل.
سبعة أشهر وبعض الدول تحاول فرض سيطرتها على المرشحين، ولأن المالكي أكثر سخاءاً من سواه فالواضح أن حظوظه ستكون الأكبر، لكن القوائم الأخرى لن تقبل به مهما كانت التضحيات!
كيف سيكون مستقبل العراق في ظل هذه الأوضاع السيئة!! مرشحون يبحثون عن مصالحهم لا مصلحة العراق... ودول تريد هذا أو ذاك... والمحتل يبحث عن مرشح لا يعرف كلمة لا ولكن يريده بطريقة ديمقراطية!! فكيف تتحقق كل تلك المعادلات المتناقضة!!
للأسف العراق على فوهة بركان، ولأن إضعافه وإضعاف سواه هدف للمحتل فإن هذا المحتل لن يفعل إلا ما يحقق مصالحه... يبقى دور العراقيين الشرفاء المخلصين لدينهم وبلادهم... ويبقى دور الجامعة العربية التي أبعدت عن العراق سابقاً فهل تقوم بدورها الآن؟!
الادعاءات لا وزن لها... العراقيون يريدون عملاً يحقق وحدة بلادهم ويحقق لهم الرفاهية التي يستحقونها.
إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"العدد 2951 - الإثنين 04 أكتوبر 2010م الموافق 25 شوال 1431هـ
الطمع
الله يعين العراقيين فالمالكي يريد الحكم مهما كان الثمن والآخرون لايقلون عنه فكيف ينجو العراق من الفتن والانقسام
الاندحار
العدو بدأ مندحرا وسيزول قطعا وسيزول معه اتباعه ولن يبقى الا المخلصين وسنرى هذا عما قريب
لاتحزن
صحيح ان وضع العراق محزن ولكن يجب ان يبقى الأمل في اهل العراق في بناء وطنهم قريبا
دعو الفتنة
العدو يدخل من باب الفتنة بين طوائف المجتمع فاحذروه وشكرا للكاتب الكريم على تحذيره الدائم من الفتن المذهبية
اين العرب
العراق يضيع والعرب للاسف مابين صامت او مشارك والحل بيد الشرفاء من ابنائه
الخيانة
أعجب من خيانة الانسان لوطنه مهما كانت الاسباب والعراق انما كانت مصيبته من الذين خانوه
البترودولار
احترمك واحترم قلمك ولكنى اختلف معك فى قولك "وللأسف فإن هذا التأثير السيئ انتقل إلى بعض دول الخليج فأفسد كثيراً العلاقات بين أتباع المذهبين!"" - هكدا عندما تبسط الامور