تواصلت لليوم الثاني أشغال الجامعة الصيفية لمنبر الحرية ببيروت، إذ عرف اليوم الثاني تأطير البروفيسور الكويتي، شفيق الغبرا لورشة بشأن القيادة وأشكال التواصل، ركز فيها على أهمية تخليق القدرات الذاتية وعقلنة الاختيارات للوصول إلى الاستثمار الأمثل للإمكانات الفردية. وقال الغبرا إن مأساة الإنسان العربي تتمثل في جزء كبير منها في غياب التربية والشروط الموضوعية الملائمة لتمكينه من حرية الاختيار الفردي.
وفي ورشة المساء قام فريق منبر الحرية بإدارة ورشة الأنساق الثقافية والتنمية. وانطلقت الورشة من سؤالين أساسين وهما: هل توجد ثقافة معيقة للتنمية وأخرى دافعة لها؟ ما هي القيم الموجودة في الثقافة العربية وتؤثر على السلوكيات وتعرقل مشاريع التنمية؟
وقد خلص المشاركون في الورشة إلى أن قيم الاتكالية والقدرية وانعدام ثقافة التجويد تشكل عوائق أساسية في تفسير اتساع الفجوة الحضارية بين الشعوب العربية وباقي البلدان. وتوقفت الورشة أيضاً عند الولع بالماضي وتزيينه حد التقديس.
وفي إطار استعراض باقي القيم المعرقلة للتنمية أشارت الجلسة إلى سيادة سلوكيات نطبقن من أن ليس هناك أفضل مما مع محاولة طمس عثرات الحاضر واعتبار القدر مسئول عنها.
وفي معرض تقديمه لأرضيات محاضراته قال البروفيسور المصري طارق حجي «إن قضايا الحداثة وفشلها في العالم العربي يجب أن تظل المبحث الأساسي للمفكرين العرب. وأضاف أن العالم العربي لا يزال يطرح الأسئلة ذاتها منذ أكثر من مئة سنة، الأمر الذي يجعل من لقاء منبر الحرية مناسبة للتأسيس لمقاربات بديلة.
ومن جهة ثانية قال البروفيسور الكويتي، شفيق الغبرا «إن العالم العربي يظل في حاجة لمؤسسات علمية قادرة على تكوين الإنسان المبدع والخلاق والقادر على التواصل مع الآخرين بروح الانفتاح... واستعرضت الصحافية المصرية، سنية البهات عناصر مداخلاتها، وتلخصت في محاولة إماطة اللثام عن العلاقة بين ضعف مؤشرات التنمية وتنامي الحركات الراديكالية في العالم العربي. أما الباحث بجامعة القاضي عياض بمراكش، نوح الهرموزي فقد أكد في تقديمه لمحاضراته على أهمية استقلالية القضاء في التنمية كعنصر فاعل في كل إقلاع تنموي مأمول.
وكان الباحثون العرب المشاركون في الجامعة قد أجمعوا في اليوم الأول من الأشغال على واقع اتساع الفجوة الحضارية بين العالم العربي وباقي البلدان. وتعرف الجامعة التي انطلقت الأحد الماضي، وتستمر لمدة خمسة أيام حضور أربعة وأربعين باحثاً عربياً يمثلون مصر و البحرين والسودان وليبيا والمغرب واليمن ولبنان وسورية وفلسطين... إلخ.
وبشأن توصيف حالة العجز العربي، تحدث، طارق حجي عن عجز المجتمعات العربية عن اللحاق بركب التقدم الإنساني. وقال طارق حجي إن هناك مجموعة أسباب للعجز العربي من قبيل الموروث الثقافي والتاريخي والسياسي.
وزاد حجي قائلاً «إن أسباب العجز العربي ناتجة عن حزمة من المعطيات من قبيل الموروث الثقافي والتاريخي والسياسي وهناك الدور المحبط للثقافة الدينية، وهناك الدور المثبط لنوعية رديئة من القيادات السياسية والنخب ونظم التعليم الماضوية». كما تطرق الخبير المصري في السياق نفسه إلى غياب قيم التقدم مثل التعددية والغيرية وعالمية المعرفة الإنسانية وحقوق المرأة».
من جهته، شخص، شفيق الغبرة بعض مآزق المجتمعات العربية في»غياب الحريات والمساهمة السياسية الفعالة في ظل ترهل المنظومة التعليمية وهشاشة البنيات الاقتصادية وضعف المردودية والإنتاجية». وفي محاولته وضع مرتكزات العملية التنموية أكد الغبرا «أن الحداثة منتوج إنساني وليس غربياً» كما «أن محور الحداثة بهذا المعنى هو الإنسان في حين أن الفرد العربي مغيب تماماً». وفي سياق متصل تحدث المحاضر عن «الحرية كحجر أساس في كل تغيير مستقبلي» وأضاف» أن الدولة الحديثة قائمة على فصل السلطات وضمان حريات الأفراد والجماعات».
وبشأن علاقة استقلالية القضاء بالتنمية أكد الأستاذ بجامعة القاضي عياض بمراكش، إدريس لكريني على ضرورة فصل السلط واستقلالية القضاء في الدستور، بما يحقق الثقة في مؤسسات وقوانين الدولة ويحفز على الاستثمار وممارسة مختلف المعاملات التجارية والاقتصادية دون خوف أو تحفظ»
العدد 2949 - السبت 02 أكتوبر 2010م الموافق 23 شوال 1431هـ