«هوس الشراء» موضوع يحذر منه المختصون بعلم النفس، ويحاول الناس عدم الوقوع أو الاقتراب منه، لما فيه من عواقب قد توقع من يصل إليه في مشاكل كثيرة، إلا أن هذا لا ينفي أنه لم يعد الكثير من فئة الشباب اليوم، وبشكل خاص ما بين أوساط النساء، يتملصون من وصفهم بـ «المهوسين بالشراء»، فهو تعليق يتمناه بعضهم، وخصوصاً ما بين أوساط المراهقين والمراهقات، فيكاد يكون بالنسبة إليهم أشبه بصفة ترتبط بالأناقة والجمال، والتفرد في الملابس والإطلالات، وبالتأكيد هو عنوان يدلل على أن صاحب هذه الهوس من فئة مترفة ومقتدرة مادياً.
وإن كان «الهوس» بأي شي له مخاطر على الصحة النفسية وعلى السلوك العام للشخص، من وجهة نظر المختصين بعلم النفس، فإنه أيضاً له مخاطر على الأناقة والإطلالة من وجهة نظر المختصين بالأزياء والجمال... فهناك من يرى أن الأشخاص الذين يفرطون في شراء الملابس والإكسسوارات بأشكالها، بالإضافة إلى مستحضرات التجميل، يكونوا قابلين للوقوع في أخطاء في التنسيق وفي اختيار جودة المنتج، وفي تحديد الوقت المناسب لاستعماله، أكثر من الأشخاص العاديين، أو حتى الأشخاص الذين لا يجيدون بشكل عام فن التسوق وشراء المناسب لهم من ملابس وحاجيات، فهم في كثير من الأحياء ينجرفون خلف رغبتهم في الظهور بما حصلوا عليه أخيراً، مما يجعلهم يظهرون من دون تفكير بمجمل الشكل الذي سيطلون فيه، كما أنهم بسبب تراكم الحاجيات لديهم لا يجيدون العودة إلى القطع التي تناسبهم، فهم إن عاودوا استعمالها، يحاولون أن ينسقوها مع قطعة جديدة قد تفقد قطعة الملابس القديمة مثلاً تفرد شكلها.
وإن كان «الهوس» في الشراء يعود إلى الفراغ أو إلى مشاكل نفسية لدى الأشخاص الذين يعانون منه، كما يصفه الطب، فأيضاً للعاملين والمختصين في مجال الأزياء رأي في أسباب هذا «الهوس»، فهم يرون أن الأسواق وفترات التنزيلات تلعب دوراً رئيسياً في الإساءة للأناقة والجمال، وخصوصاً لدى النساء، فتوافر عدد كبير من المنتجات الرخيصة أو المتوسطة السعر، تجعل الناس يقبلون على شراء الكثير من المنتجات الرديئة التصنيع أو المخزنة، أو حتى التي انتهى رواجها... (انتهت موضتها) بتعبير آخر. كما أن البعض يكثر من شراء القطع المتشابهة أو التي يجدون أنها قد تستعمل كمكمل للملابس كالسترات القصيرة والقمصان البسيطة القطنية التي يمكن ارتداؤها بشكل يظهر أكمامها أو أجزاء منها فقط، والإكسسوارات.
وعلى رغم أن ما يحذر منه بشكل عام في موضوع «الهوس»، هو ما يصل إلى حدود غير مقبولة، فإن عالم الأزياء يحذر من درجات أقل مما هو متعارف على خطره في عالم الطب، فالإفراط بدرجة معينة في التردد على الأسواق، وشراء الملابس، يؤثر على الذوق العام للزبون، ويجعله يتقبل الكثير من المنتجات العادية، فينظر إليها بإعجاب على رغم كونها لا تناسبه.
ومن التعليقات التي يعلقها بعضهم، أن الإفراط في الشراء، الذي يستطيع أن يرهق أية موازنة إذا تجاوز حدوده المقبولة والمتناسبة مع دخل الشخص، قد يجعل البعض يفقدون فرصة الحصول على قطع ملابس وإكسسوارات تناسبهم وتناسب نمطهم العام، بسبب إنفاقهم لمبالغ مالية في غير مكانها، مما يجعلهم غير قادرين على اقتنائها.
وعلى رغم أن فترات التخفيضات والعروض الخاصة بالمتاجر من أبرز المتهمين في موضوع زيادة الرغبة في الشراء من دون حاجة حقيقية أو دراسة للأغراض الذي يستطيع الشخص استعمال القطعة فيها، إلا أن هذا لا ينفي على الإطلاق أن آراء أخرى، تجد أن هذه التنزيلات قد تكون استثماراً جيداً لم يجيد انتقاء المناسب من قطع، حتى وإن كانت غير مميزة، فالأناقة والتنسيق لا يحتاجان إلى الغريب والجديد فقط، فهم أيضاً لا ينسون أن الأناقة ترتبط أولاً وأخيراً باندماجها مع شكل الشخص وشخصيته وحاجياته اليومية.
العدد 2948 - الجمعة 01 أكتوبر 2010م الموافق 22 شوال 1431هـ