أبكتني وأبكت غيري تلك الطفلة يا «أبا سلمان»، عندما رفعت يدها تنشد كلماتها أمام محفل من الناس، في حب الوطن وأرض الوطن، وفي حب الملك، وحب ما يقوم به الملك.

هذه الطفلة لا تعلم بعد من أمر الحياة شيئاً، ولكنّها كانت أعجوبة أمام المجتمع البحريني، وكل من شاهدها على التلفاز، سواء داخل البحرين أو خارجها، فالكل يعلم بما بثّه تلفزيون البحرين على الهواء مباشرة، من تجديد البيعة لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه في محافظة المحرّق.

ما أعجبني وآلمني وآلم غيري، هو عندما ترى طفلة بريئة تُخرج كلمات عظيمة في حب الأرض، فهي لا تعرف الرياء بعد، ولا تعلم أصول اللعب في «حب الخشوم»، ولا تعلم عمقاً بما يقوم به الملك من أجل الوطن والشعب، ولكنّها أحبّت شخص الملك في وطنها البحرين، الذي صوّرته على أنّه امرأة فاز بها آل خليفة الكرام.

كلماتها البسيطة والمعقّدة، وطريقة إلقائها المَجونة، وذلك العشق «خالي الخبث»، الذي ارتسم على وجهها وهي تُلقي تلك الكلمات حبّاً وتقديراً لما يقوم به الملك، كانت أعظم من جميع الكلمات التي أُلقيت، ودخلت قلوب من شاهدوها وبكوا حبّاً في البحرين.

لماذا يا تُرى استطاعت هذه الطفلة تحريك مشاعر من حولها؟ وكيف قامت بذلك الدور القوي أمام الملك؟ ببساطة لأنّها طفلة بريئة عميقة في التفكير ومليئة بالحبّ، فهي لم تُغالِ ولم تُبسط الكلمات حتى يسمعها الملك فيسعد، ولكنّها أسعدتنا جميعاً في حبّها هذا.

وبالطبع فالمنبت الذي خرجت منه ابنة البحرين سارة يتيم، وغيرها من أبناء البحرين الأصليين، منبت أصيل لا يعرف التلوّي أو الاستفادة على «ظهور» الآخرين، بل يعرف قانوناً واحداً، ألا وهو «بحريننا - مليكنا»، ولذلك جاهدت في تلك اللحظة من أجل هذا القانون الجميل.

هناك خير كثير في أهل البحرين بشيعته وسنّته، ولكن بذراتنا، هؤلاء الأطفال هم الأمل القريب البعيد، وهم من نتعشّم فيهم الوطنية والذود عن الوطن، وينغرس ذلك من خلالنا نحن الكبار، إذ إننا نحصد ما نبنيه فيهم دوماً.

سارة يتيم كانت وما زالت طفلة متألّقة بشعرها القوي والجميل، وهناك بالطبع الكثيرون من أبنائنا ممّن لم يحصلوا على فرصة مثل فرصتها الذهبية، ولكنّهم بالتأكيد يستطيعون أن يقولوا ما قالته سارة في حب البحرين بطريقتهم الخاصة. وجمعة مباركة.