العقوبات الإدارية القاسية التي أصدرها مجلس إدارة اتحاد السلة ضد النادي الأهلي (تغريمه آلاف الدنانير وحرمانه من المشاركة في البطولات الخارجية) بسبب أهزوجة يرددها جمهور المشجعين بين الفترة والأخرى منذ نحو عشرين سنة ليس مبررا، ولا يمكن أن يربط بموضوع سياسي أو طائفي، لأن الرياضة لم تخترع الطائفية لدينا. ومن المؤسف أن يتم تصعيد الوتيرة في الشارع الرياضي بينما يسعى الجميع لتهدئة الشارع السياسي.

الأهزوجة «يا لايم يا لايم... خفّ لومك عليّ» تتضمن أسماء أهل البيت، وتتضمن أيضا اسم «روح الله الخميني»، وكان من المفترض أن لا يقف الاتحاد عند هذا الأمر ولاسيما أن الأهزوجة ليست جديدة، وطابعها ثقافي - شعبي، والمدلولات السياسية المباشرة ليست واردة إلا إذا جرجرتها جهة ما نحو السياسة.

ثم إننا لسنا البلد الوحيد الذي تتواجد لديه أهازيج ربما تعتبر خارج السياق السياسي، وأتذكر أنني عندما كنت أدرس في اسكتلندا (شمال بريطانيا) في ثمانينيات القرن الماضي، فإن المباريات التي كانت تجرى بين فريقي «سلتيك»، و«رينجرز» كانت تشهد هتافات متناقضة، إذ إن فريق «سلتيك» يرفع أهازيج تحمل مضامين دينية كاثوليكية، بل إنهم يزيدون عليها مضامين سياسية ضد النشيد الملكي البريطاني الرسمي. ونحن في البحرين لا يوجد مثل هذا المضمون، وليس هناك شتم سياسي، وهو بذلك أقل مما يحدث في أماكن أخرى... ولا نرى أن الجهات الرسمية في تلك البلدان تلجأ إلى عقوبات قاسية، ولاسيما إذا كانت مثل هذه الإجراءات ستزيد الطين بلة. فأكثرية الذين لا يتابعون الشأن الرياضي لا يعلمون عن هذه الأهزوجة أو تلك شيئا، ولكن التصعيد الأخير يجعلهم يهتمون بمعرفتها أكثر.

إن أهازيج جماهير المشجعين الرياضيين تعتبر جزءا مهما في التواصل فيما بينهم، والأغاني الشعبية تنقل معها مجموعة من الهويات التي تتضمن العديد من الخصائص الكامنة في المجتمع، وأستاد كرة القدم أو كرة السلة، يعتبر واحدا من تلك الأماكن النادرة التي تتجمع فيها المشاعر الجامحة بشكل عفوي، وربما تظهر بشكل لا يروق لمسئول هنا أو هناك.

إن الأهازيج العفوية الجماعية تتأثر بشكل مباشر بالبيئة المحيطة بها، ونتمنى لو أن الأهزوجة لا تتضمن ما قد يفسر بشكل خاطئ، ولكن في الحقيقية لا أجد مبررا لإثارة الموضوع بالشكل الفج الذي أثاره اتحاد السلة ضد النادي الأهلي، أو ضد أي ناد آخر.

أيها السادة: كونوا حكماء واتركوا الفتنة نائمة ولا توقظوها بقرارات غير منطقية... فلقد هدأت الساحة السياسية، فلماذا تثيرون الساحة الرياضية؟